''قانون التظاهر''.. بين عهد الإخوان وما بعد ''30 يونيو'' – (تقرير)
تقرير- محمد سعيد:
يرى البعض أن حق التظاهر والاحتجاج بأشكاله المختلفة وصولاً للاعتصام في حالة عدم تنفيذ مطالب المتظاهرين، يعد أحد أهم مكتسبات ثورة 25 يناير وموجتها 30 يونيو، حيث خرج الملايين إلى الشوارع للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، عقب سنة واحدة من مدته الرئاسية، لعدة أسباب ومن أهمها بداية وضع النظام لقيود تُقلل من سقف الحقوق والحريات التي طالما تمناها الشعب مع فجر كل يومٍ جديد.
ودائمًا تقييد حقوق الشعب في التظاهر يعد من ضمن أسباب قيام الثورات، فالشعب من حقه أن يتظاهر طالما ألتزم السلمية في أثناء تظاهرته، ومن حق الدولة ممثلة في الحكومة أن تضع قانون يُنظم هذه الاحتجاجات.
وبناءً على ذلك، أقر مجلس الوزراء برئاسة حازم الببلاوي، مشروع قرار رئيس الجمهورية بقانون لتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة، بعد ضغط من قبل عدد من القوى السياسية لكي يتم إصدار هذا القانون سريعًا، خاصة بعد ثورة 30 يونيو، نظرًا لاتجاه العنف السائد خلال التظاهرات التي شهدها الشارع المصري مؤخرًا.
البعض يلقي الضوء على القانون الجديد على اعتبار إنه سيضع حد لما نراه في الشارع المصري من تظاهرات تتسم بالعنف، وحينما تقرأ القانون لابد وأن يدور في رأسك - شئت أم أبيت - مقارنة سريعة للقانون الذي تم وضعه في عهد الإخوان أثناء حكم مرسي، والذي أعدته اللجنة التشريعية بمجلس الشورى بالاشتراك مع لجنة حقوق الإنسان.
حق التظاهر
قانون التظاهر ما بعد ''30 يونيو'' كفل حق المواطنين في التظاهر وحرية التعبير عن الرأي، بشرط أن يكون بشكل سلمي، ودون الإخلال بنظام الأمن، فللمواطنين الحق في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والانضمام إليها غير حاملين سلاحًا، وذلك وفقا للأحكام والضوابط المنصوص عليها في هذا القانون - وهي أي أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو ألعاب نارية أو مواد حارقة - دون تفسير نوعية هذه الأسلحة.
كما لفت القانون إلى ضرورة أن يتم عمل إخطار كتابي لقسم أو مركز الشرطة التي يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير المواكب أو المظاهرة السلمية، ويتم الإخطار قبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة السلمية بأربع وعشرين ساعة على الأقل.
أما في قانون التظاهر في عهد ''الإخوان''، فقد كفل لكل شخص طبيعي أو اعتباري ولكافة الأحزاب السياسية، حق التجمع السلمي والتظاهر غير حاملين سلاحًا، على الوجه المقرر في هذا القانون - وهو السلاح الناري بجميع أنواعه، بالإضافة إلى الأدوات الجارحة أو الحادة أو أي مواد أخرى تلحق الأذى بالنفس والممتلكات.
وأنه على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمي، أن يخطر بذلك الجهات الإدارية المختصة، ويكون الإخطار قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام على الأقل.
كما اتفق القانونان على ضرورة أن يتم الإخطار بمعلومات تتعلق بخط سير المظاهرات، وميعاد بدايتها ونهايتها وبيان بموضوع التظاهرة التي خرجت.
دور العبادة
ففي قانون ما بعد ''30 يونيو''، تم حظر الاجتماع العام أو تسيير الموكب أو المظاهرة في أماكن العبادة، وهو نفس النص الذي احتوى عليه قانون التظاهر الذي صدر في عهد الإخوان، حيث نص وقتها على عدم جواز عقد الاجتماعات أو التظاهرات في أماكن العبادة أو في المدارس أو في غيرها من محال الحكومة إلا إذا كانت المحاضرة أو المناقشة التي يعقد الاجتماع لأجلها تتعلق بغاية أو عرض مما خصصت له تلك الأماكن والمحال.
الاعتصام مرفوض
''لا يجوز أن يترتب على المظاهرة السلمية الاعتصام أو المبيت بأماكنها أو الإخلال بالأمن أو النظام العام''، هكذا نص القانون الذي تم إقراره من قبل حكومة الببلاوي.
أما في قانون التظاهر في عهد الإخوان، فلم ينص على ذلك صراحة حيث ذكر، أنه ''يحظر على المؤسسات العامة للدولة والخاصة الاعتصام والتظاهر الذي يترتب عليه تعطيل العمل والإضرار العمدي بالمصالح الاقتصادية للدولة والمواطنين ولا يسمح إلا بالتظاهر الذي لا يتجاوز ثلث عدد عمال المؤسسة بعد إخطار الجهات الأمنية، كما تحظر التظاهرات الفئوية التي تؤدي إلى قطع الطرق والسكك الحديدية وتعطيل المواصلات العامة وكل ما من شأنه الإضرار بإحدى وسائل الإنتاج أو النقل، بالإضافة إلى عدم جواز تنظيم المظاهرات قبل الساعة السابعة صباحاً على ألا تتأخر بعد الساعة السابعة ليلاً''.
قطع الطرق مرفوض
''حظر محاولات قطع الطرق أو المواصلات وتعطيل المصالح''، هكذا اتفق القانونان على هذه المادة، حيث أن قانون ما بعد ''30 يونيو'' أعطى الفرصة لرجال الشرطة في حالة الخروج عن ضوابط التظاهرة، أن يقوموا بفضها من خلال توجيه إنذارات شفهية، ثم استخدام المياه المندفعة، ثم الغازات، على أن يتم استخدام القوة في حالات الدفاع الشرعي عن النفس والمال.
وهو لا يختلف كثيرًا عن القانون الذي سبقه، حيث أقر قانون التظاهر في عهد الإخوان، ضرورة قيام قوات الشرطة، بتفريق أي تظاهرة أو احتشاد من شأنه أن يجعل الأمن العام في خطر أو تقييد حقه في تأمين حرية المرور في الطريق والميادين العامة، على أن يكون هذا التفريق باستخدام المياه، أو القنابل المسيلة للدموع، أو العصى الكهربائية، دون استخدام الرصاص الحي، أو الخرطوش أو المطاطي.
عقوبة من يخالف القانون
وقد أقر قانون ما بعد ''30 يونيو''، العقوبة لمن يخالف نصوصه، بالسجن والغرامة 100 ألف جنيه، ولا تتجاوز 300 ألف جنيه لكل من عرض أو حصل على مبالغ نقدية أو أي منفعة لتنظيم المظاهرات، كما يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز 5 آلاف جنيه لكل من قام بتنظيم مظاهرة دون الإخطار.
وكان قد أقر قانون ''الإخوان''، العقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه لكل من قام بفعل أو حرض أو ساعد على مخالفة أحكام هذا القانون وترتب عليه تعطيل العمل أو إعاقة إحدى المؤسسات العامة أو الخاصة عن القيام بدورها، بالإضافة إلى الحبس مدة ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الاشتراطات الواردة في هذا القانون.
آراء سياسيين حول القانون الجديد
قال وحيد عبد المجيد، الأمين العام المساعد لجبهة الإنقاذ، إن قانون التظاهر الجديد، الذي أقره مجلس الوزراء برئاسة حازم الببلاوي، لا بأس به، ولكنه يحتاج إلى بعض التعديلات، لكي يتلافى اختلاط التنظيم بالتقييد، حيث أن قانون التظاهر غرضه بالمقام الأول هو التنظيم وليس التقييد.
وأضاف عبد المجيد، أن القانون لا يصلح بنصه الحالي، دون إدخال عدة تعديلات عليه، أولها توفير ما يضمن عدم مماطلة قسم الشرطة في استلام الاخطار الذي يرسله منظمو المظاهرة، ولابد من التوقيع علي صورة منه، حتى لا تكون هناك فرصة للادعاء بعدم وجود هذا الاخطار، خاصة أن المشروع يفرض عقوبة علي التظاهر بدون إخطار.
وأضاف عبد المجيد، أن ثاني هذه التعديلات هى ضرورة إلغاء عقوبة الحبس علي ارتكاب بعض المخالفات خلال المظاهرة، والاكتفاء بغرامة معقولة تزداد في حالة تكرار المخالفة نفسها، لافتًا إلى ضرورة تقليص مساحة الحرم الذي يحظر علي المتظاهرين تجاوزه أمام المنشآت العامة المنصوص عليها في المادة14، وهو ألا يقل عن50 متر ولا يزيد علي100 مترا، مؤكدًا أن هذه مسافة كبيرة، ولذلك ينبغي ألا تزيد علي50 متر.
وشدد القيادي بجبهة الإنقاذ، على ضرورة ضبط صياغة المادة السابعة، التي تتيح لوزير الداخلية تبنيه الجهة المعنية بمطالب المتظاهرين للتواصل معهم وحل المشكلة، مؤكدًا أن هذا الدور لا يشمل تأجيل المظاهرة خاصة أن الاخطار بها يقدم قبلها بأربع وعشرين ساعة كاملة، وهذه فترة تعد طويلة.
كما طالب عبد المجيد، بضرورة إلغاء حظر تحول المظاهرة إلي اعتصام، قائلاً: ''لا يجوز في قانون ينظم أحد أشكال الاحتجاج أن تمنع شكلا آخر لهذا الاحتجاج، ولذلك ينبغي إصدار قانون آخر لتنظيم حق الاعتصام والأماكن التي يمكن أن يمارس فيها، والقواعد التي تحكمه والفترة التي يستغرقها، ولا يصح أن يكون المشرع أسير ما حدث في تجمعين أطلق عليهما اعتصامان زورا وهم اعتصامي رابعة والنهضة''.
من جانبه، انتقد مجدي حمدان، أمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة، هذا القانون، مؤكدًا أن تخوف حكومة الببلاوي من تظاهرات جماعة الإخوان جعلها تقضي على أي مكتسبات لثورة 25 يناير وترتد عليها- على حد قوله.
وأضاف حمدان، أن القانون الجديد الذي تم إقراره يشبه تمامًا القانون الذي تم التصدي له أثناء حكومة هشام قنديل، حينما أرادت جماعة الإخوان وقف التظاهرات ضدها، والتي كانت الشعلة الأولى لتظاهرات 30 يونيو والتي أطاحت بمرسي، قائلاً: ''القانون الجديد ينقصه فقط توقيع هشام قنديل عليه''.
وأشار حمدان، إلى أن القانون لم يحدد الأسلحة الممنوعة من الاستخدام، قائلاً: ''فبمجرد أن تكون هناك لافته بعصا خشبية سوف يتم معاملتها معاملة السلاح ويخضع حاملها للحبس والغرامة''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: