إعلان

144 عامًا من التاريخ.. حكاية أقدم مبنى مأهول في الإسكندرية (صور ووثائق)

02:58 م الخميس 26 سبتمبر 2024

الإسكندرية - محمد البدري:

بينما تتغير معالم المدينة من حوله يظل شارع فؤاد بالإسكندرية محتفظًا بأسراره وقصصه، كأحد أقدم الشوارع في العالم، وأبرزها قصة أقدم مبنى مأهول فيه والذي يعود تاريخه إلى 144 عامًا.

هذا المبنى العريق، الذي يشغله اليوم المركز الثقافي الإسباني "ثربانتس"، في قلب مدينة الإسكندرية، ليس مجرد هيكل من الطوب والحجر، بل هو شاهد على تحولات المدينة وأحداثها الكبرى، منذ تأسيسه على يد الإيطالي "فيليبو بيني" إلى دوره كمركز ثقافي يعكس تنوع الإسكندرية الثقافي، يروي هذا المبنى قصة مدينة لا تتوقف عن التجدد والإبداع.

شارع فؤاد.. شريان التاريخ في الإسكندرية

شارع فؤاد هو الأقدم في الإسكندرية منذ تأسيسها في القرن الرابع قبل الميلاد، ورغم تغير معالمه عبر الزمن، إلا أنه ظل أحد الشوارع الرئيسية التي خططها المعماري "دينوقراطيس".

وفقا للمراجع التاريخية، اكتسب الشارع أسماء عديدة عبر العصور، بدءًا من "شارع كانوب" في العصر اليوناني الروماني، إلى "المحجة العظمى" في العصر الإسلامي، ثم "شارع رشيد" لعدة قرون، وأخيرًا "شارع فؤاد" بعد استقلال مصر، ليحمل لاحقًا أسماء "طريق الحرية" و"طريق جمال عبدالناصر".

نشأة أقدم مبنى في شارع فؤاد.. قصة "فيليبو بيني"

مع مرور الزمن، تغيرت منشآت الشارع العتيق واختفت نسبيًا، حتى جرى إعادة إعمار المنطقة في سبعينيات القرن التاسع عشر، ليقرر بعدها "فيليبو بيني"، الإيطالي المولود في القاهرة، استثمار أمواله في تلك الرقعة ليكون أول من بدأ البناء في الشارع في العصر الحديث، إذ أسس أول مبنى - يشغله المركز الثقافي الإسباني حاليًا - وشيد بجواره مبنى آخر تابع حاليا لمديرية الصحة.

استثمار جريء.. "بيني" يعيد إعمار الشارع

أنفق "فيليبو بيني" 100 مليون فرنك، وهي كل ما ورثه عن أبيه، لإعمار شارع رشيد - فؤاد حاليا -رغم نصائح من حوله بعدم استثمار أمواله في منطقة اعتبرت شبه نائية آنذاك، إلا أنه أصر على شراء الأراضي وبدأ في تأسيس أول مبنى في شارع فؤاد عام 1875، وانتهى من تشييده عام 1880، ليستقر به مع أسرته.

تأثير القصف البريطاني على الإسكندرية

بعد مرور عامين على تشييد أقدم مبنى، تعرضت الإسكندرية لهجمات القوات البريطانية في عام 1882، مما أدى إلى تدمير منطقة المنشية وما حولها، واضطر الأثرياء لترك منازلهم واتجهوا صوب الشارع العتيق لشراء قطع أراضي من "فيليبو بيني"، الذي حقق مكاسب كبيرة لاستثماراته، ليصبح الشارع معقلاً للطبقة الأرستقراطية ومن أرقى الأماكن بالإسكندرية حتى اليوم.

تحول الشارع إلى معقل الطبقة الأرستقراطية

واصل "فيليبو بيني" تشييد العديد من المباني في المنطقة التي باتت مع مرورالوقت معقلا للطبقة الأرستقراطية، وتعاظمت ثروته ليتولى بعدها عددًا من المناصب والتكريمات، منها وسام الفارس من الإمبراطور فيكتور إيمانويل، ولقب البكوية من خديوي مصر، ومستشارًا قضائيًا بالمحكمة القنصلية الإيطالية.

نهاية حقبة "بيني" وبداية جديدة

عاش "فيليبو بيني" مع أسرته في قصره حتى توفي في الإسكندرية سنة 1910 عن عمر ناهز 61 عامًا؛ واستمرت إقامة عائلته في المبنى حتى نهاية حقبة الخمسينيات، لتنتقل ملكيته إلى الحكومة الإسبانية التي حولته إلى قنصلية ثم مركزًا ثقافيًا.

المبنى اليوم.. مركز ثقافي يعكس تنوع الإسكندرية

خلال السنوات الماضية، عملت السفارة الإسبانية على ترميم المبنى من الداخل والخارج، ليظهر النسق المعماري المميز لعصر النهضة الحديث، فيما بقيت زخارف المبنى الأصلية وتصميماته بحالة ممتازة، ليظل أقدم مبنى في أقدم شارع بالإسكندرية محتفظا بقصص وأحداث تعكس هوية المدينة متعددة الثقافات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان