كنز بورسعيد يعاني الإهمال.. حكاية أول مبنى خرسانة مسلحة بالعالم

بورسعيد - طارق الرفاعي:

البحث عن الكنوز في جوف الأرض وأعماق البحار أمر شاق يلهث خلفه الكثيرون من عشاق الإثارة والغموض، إما لجني المال الوفير أو سعيًا للوصول إلى الأصول والحفاظ على التاريخ.

وعلى بعد أمتار قليلة من المجرى الملاحي لقناة السويس تحديدًا بالمدخل الشمالي للقناة في محافظة بورسعيد تجد أحد أندر الكنوز في العالم مُحاطة بأسوار قديمة مُتهالكة وأشجار لم تلمسها يد الاهتمام منذ سنوات طويلة.

لا تتعجب فهذا واقع .. الكنز ليس خفيًا بل على سطح الأرض ستجد نفسك أمام أول منارة بُنيت بالخرسانة المسلحة في العالم، إنه فنار بورسعيد الأثري القديم الذي أشرف على بنائه المهندس الفرنسي الشهير فرنسوا كونييه، وأصبح أحد إعجازات البناء في العالم لاستمراره وثباته طوال هذا الوقت منذ إنشائه في يونيو عام 1869 ميلادية.

وبدأ تشغيل فنار بورسعيد فعليًا في فبراير 1870، ويتكون من برج على ارتفاع 65 مترًا بما في ذلك الفانوس الزجاجي، ودُهنت جدرانه الداخلية والخارجية باللون الأصفر الغامق كما كسيت أضلعه من ناحية الشمال باللون الأبيض والأسود بشكل تبادلي لأغراض إرشاد السفن وقت النهار بينما الفانوس أعلاه كان يرشد بأضوائه السفن ليلا.

وفي عام 2012، صدر قرار وزير الدولة لشئون الآثار رقم 392 لسنة 2012 بضم مبنى فنار بورسعيد القديم وملحقاته ضمن الآثار الإسلامية والقبطية بالمحافظة.

وتعالت طوال السنوات الماضية أصوات أبناء بورسعيد والمثقفين والمهتمين بالتراث لترميم الفنار وتحويله إلى مزار سياحي، ومنارة تاريخية ثقافية تجذب أنظار عشاق التاريخ من كافة أنحاء العالم خاصة في ظل موقعه العالمي الفريد، إلا أن تلك الأصوات والنداءات جرى تجاهلها لسنوات طويلة.

حتى جاء عام 2018، وأعلن اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، عن أن افتتاح أعمال تطوير فنار بورسعيد الأثري القديم ضمن 3 مشروعات سياحية وتراثية أخرى في احتفالات المحافظة بعيدها القومي ديسمبر 2018، ليصبح مشروعا سياحيا داخل المحافظة.

ومر أكثر من 6 سنوات على تصريح محافظ بورسعيد حتى الآن ولم تبدأ أعمال تطوير فنار بورسعيد، ومازالت يد الإهمال تُحاصر كنزًا في طي النسيان، يبحث عن من يزيل من على جدرانه غُبار سنوات من الإهمال ويعيد إليه بريقه.