"سر شنطة السوق".. كيف تخلصت "سكر" من ابن جارتها يوم عقيقته في الشرقية؟
الشرقية - إسلام عبدالخالق:
كان وجهها يفيض بالمشاعر التي صدقها الصغير دون تخوين وهو يقترب منها ويجلس لديها كل يوم حتى بات من يراه رفقتها يعتقد أنه في أحضان أقرب الناس لوالدته، بيد أن الأمر في حقيقته كان أبعد ما يكون عن ذلك؛ فـ"سكر" لم تكن إلا شيطانة من بني الإنس.
على عتبة منزلها المجاور لأهل الطفل، اعتاد الصغير "مصطفى" الجلوس إلى جوارها، وهي عودته أن تجلب له كل ما قد يرغبه الصغار من حلوى وسناكس كلما أتى إليها، حتى بات أمرها الذي تدبر لحدوثه سهل المنال.
عصر الأحد الأول من سبتمبر 2023، وبينما تخلو طرقات البلدة المعروفة بـ"خلوة الشعراوي" وسط مركز منيا القمح أقصى جنوب الشرقية - كعادة قرى الريف في ذاك التوقيت المعروف عند أهل البندر بـ "القيلولة" - كانت كعادة ما خططته من أحداث؛ جهزت كيس مقرمشات مما يُحبه الصغير ولوحت به تجاهه وهو أمام بيت أسرته وهي بالكاد تقف داخل بوابة منزله على بُعد مترات: "تعالى يا حبيبي" بعدما رأت والديه قبل دقائق يسيران معًا في طريقهما إلى خارج البلدة.
هرول إليها الصغير تسبقه يداه إلى كيس المقرمشات، لكن ما إن لامست يداه الكيس حتى حملته "سكر" إلى داخل المنزل، ومنه إلى داخل جوال بلاستيكي أخضر اللون من تلك الأجولة المُخصصة لحفظ الأعلاف، وخلال ثواني معدودات أحكمت غلق فوهة الجوال بواسطة قطعة قماش أعدتها سلفًا، وفي غضون دقائق توقف الطفل عن الحركة لتضع القاتلة الجوال داخل حقيبة قماشية لونها بيچ "شنطة سوق" حملتها إلى غايتها التي قررتها سابقًا في أحد المصارف القريبة من ترعة "بندف" على بُعد بضع كيلو مترات.
على مقربة من المصرف ترجلت "سكر" ترتدي جلبابها المعروف وتعلو رأسها الحقيبة التي تحوي الصغير داخل جواله البلاستيكي، وتلفتت يمينًا ويسارًا قبل أن تُفرغ حمولة الحقيبة وتلقي الجوال داخل مياه المصرف، وبين هذا وذاك لاحظت حركة وأنين مكتوم من الجوال، بيد أن عزيمتها القاتلة كانت قد أنهت المسألة وحملت حقيبتها التي كانت على رأسها في يدها اليمنى وعادت أدراجها لتُكمل ما تبقى من خطتها.
عودتها إلى القرية سبق رجوع والدي الطفل وجهيهما مسروران لما حدث في السويعات التي قضياها خارج القرية بعدما حجز الأب وأتم كل الاتفاقات اللازمة لعمل "عقيقة" مصطفى، وسبقته زوجته إلى منزل الأسرة تبحث عن طفلها كي تحتضنه وتُخبره بحفله المنشود، إلا أن المنزل كان خاليًا مما اعتادته من "دوشة" الصغير، وخلال لحظات عادت تهرول إلى زوجها فور دخوله المنزل "إلحقني مصطفى مش في البيت".
تجمع أهل القرية على نحيب الأم وأخذ الجميع يبحث عن الطفل عساهم يجدونه هنا أو هناك، بيد أن الجموع التي حضرت لم تكن بينهم "سكر" التي أطلت على أحد الجيران بوجهٍ جامد وهو يُخبرها بما تعرف أسبابه سلفًا ويستأذنها البحث عن الصغير الذي ربما كان داخل منزلها، ليفاجأ صاحب السؤال بها تُخرج مفاتيح البيت ولسان حالها يُخبر الجميع قبل شفاهها أنها ستبحث عنه داخل منزلها.
تبدل وجهها تمامًا وهي تُغلق بيتها من جديد بعدما أكدت للجميع أن ضالتهم ليست في منزلها، وعادت لتلبس قناع المتلهفة وهي تقترب من والدي الصغير دون بضع مترات كمن تعرف أن قدرتها على التمثيل ربما تخونها في ذاك الفصل الأخير من خطتها، لتعود أدراجها وهي تتذكر وتُعيد سرد المشهد الذي جمع بينها وبين "أم مصطفى" في مشادة تبدو طبيعية للجميع، إلا أنها أسرتها في نفسها بكل الغل والحقد لتنوي وتنفذ جريمتها بحرمان جارتها من فلذة كبدها.
مر وقت ليس بالكثير و"سكر" داخل منزلها يسترجع عقلها ما فعلته وتؤجج نفسها السيئة سبب انتقامها وتؤكد صحته، إلا أن الحركة الخافتة والأنين الذي سمعته قبيل نزول الجوال الذي يضم الصغير مياه المصرف كان عصيًا على التجاهل بالنسبة لها، وهو ما تأكد فيما بعدْ أن الطفل ربما كان على قيد الحياة.
بينما كانت غارقة في تفكيرها طرق الباب أحد المخبرين ليخبرها أنها مطلوبة في مركز الشرطة، وهناك تمت بمواجهتها بما أكدته التحريات بأنها وراء اختفاء الصغير وواجهها رجال المباحث بمقطع فيديو التقطته إحدى الكاميرات لها من بعيد وهي تحمل حقيبة السوق وتلقي جوالًا بلاستيكي كان داخلها في مصرف المياه، لتنهار "سكر" وتُقر بجريمتها تفصيلًا.
على مسامع رجال البحث الجنائي في مركز شرطة منيا القمح سردت "سكر" خطتها وسببها وكيفية ارتكابها وتخلصها من الصغير، قبل أن يحتد صوتها وهي تسر عهدها الأخير به قبل إلقائه في المياه، وهو ما تأكد فيما بعد؛ خاصةً وأن تقرير الطب الشرعي أكد حدوث الوفاة جراء إسفكسيا الغرق.
حاولت المتهمة الحديث بجنون تارة والصمت تارات كي تنفي عنها صفة المسؤولية عن جُرمها حتى قطعت المحكمة الشك باليقين وقررت إيداع المتهمة مستشفى الأمراض النفسية والعصبية مدة 45 يومًا تحت الملاحظة لبيان مدى سلامة قواها العقلية والنفسية وقت ارتكابها جريمتها الواردة تفاصيلها في القضية التي حملت رقم 33955 جنايات مركز شرطة منيا القمح لسنة 2023، وقُيدت برقم 3318 كلي جنوب الزقازيق لنفس السنة.
مرت فترة الملاحظة وأكد تقرير مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بما لا يدع مجالًا للشك أن "سكر" عاقلة ومسؤولة عن جريمتها، لتُقرر المحكمة في جلستها المُنعقدة قبل ساعات، برئاسة المستشار شريف محمد سراج الدين رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين محمد سامي بده ومايكل نعيم ميخائيل، وسكرتارية حسن عبدالمجيد وأحمد نصر، إحالة أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدام المتهمة، وحددت جلسة 26 مارس المقبل للنطق بالحكم.
اقرأ أيضا
"حطت جثته في شنطة السوق".. إحالة أوراق سيدة خطفت ابن جارتها وقتلته بالشرقية للمفتي
فتح مقبرة نيرة صلاح.. تطورات جديدة في واقعة فتاة جامعة العريش
حفاة في شارع بالغربية.. ما قصتهم؟
فيديو قد يعجبك: