إعلان

جبال كربونات الكالسيوم بالمنيا.. ثروة ضائعة في صناعة الطوب الأبيض -صور

03:05 م الأحد 10 نوفمبر 2024

المنيا- جمال محمد:

"عالم الجبال البيضاء والكنوز غير المستغلة".. هكذا يصف الكثيرون جبال كربونات الكالسيوم في محافظة المنيا عروس الصعيد، والتي تعد الأنقى عالميًا بدرجة نقاوة تصل في بعض المناطق إلى 99%، إلا أن الاستثمار فيها لازال يبحث عن طريقه الأمثل، بدلًا من استغلالها في صناعة الطوب الأبيض "البلوكات" من أجل عمليات البناء، وضياع ملايين بل مليارات الجنيهات على الدولة، إذا ما تم استغلالها في صناعات الدواء والكيماويات ودخولها في التصدير.

وتُعد محافظة المنيا من أغنى محافظات مصر بجبال كربونات الكالسيوم، ويتجاوز طولها الـ50 كيلو مترًا تبدأ من أبو قرقاص جنوبًا، وحتى بالقرب من بني مزار شمالًا، وبعمق في الصحراء الشرقية يتجاوز الـ30 كيلو مترًا، وظلت تلك المناطق حبيسة عمل المحاجر لتصنيع الطوب الأبيض على مدار عشرات السنين، حتى إغلاق المئات من تلك المحاجر مع صدور قانون الثروة المعدنية منذ عدة سنوات لحين تقنين أوضاعها، إذ كانت تعمل تلك المحاجر بشكل عشوائي، ولكن لازال أبناء المحافظة في انتظار بناء مصانع حكومية لاستغلال تلك الكنوز التي تبحث عن حسن الاستثمار.

وبحسب الدراسات والأبحاث التي أجريت على مناطق عدة في محاجر المنيا، فإن الحجر الجيري بالمنيا شديد النقاوة، ويصل في بعض المناطق القريبة من مركز سمالوط إلى نقاء يتجاوز الـ99.5 % وهي نسبة تتساوى مع إحدى المناطق الموجودة في دولة إيطاليا، لتعد تلك المنطقتين الأنقى عالميًا.

ويقول الدكتور محمد البدري رئيس قسم الجغرافيا سابقًا بكلية الآداب جامعة المنيا،: إن جميع كتب الجيولوجيا حول العالم تشيد بجودة كربونات الكالسيوم في المنيا ومعروفة عالميا باسم "تكوينات سمالوط" ونسبة نقائها عالية جدا فوق ٩٠ ٪، مضيفًا: الحجر الجيري في المنيا كنز حباه الله لمصر وثروة قومية هائلة؛ ولكنه لازال غير مستغلًا الاستغلال الأمثل ويضيع على الدولة مليارات الدولارات؛ إلا إذا دخل في الصناعات التحويلية والكيماويات ومواد البناء ومستحضرات التجميل وعلف الدواجن.

وأضاف البدري لـ"مصراوي"،: أن المشكلة الكبرى لا تتوقف عند عدم استغلالنا لتكوينات هضبة المنيا من التلال البيضاء " جبال كربونات الكالسيوم"، ولكن المشكلة الحقيقية هي إهدار تلك الثورة القومية في قطعها وتحويلها لبلوكات الحجر الجيري والبناء بهت على الأرض الزراعية واتلافها، وهو الأمر المنتشر في مئات القرى في المحافظة، وبهذا نكون أهدرنا ثروتين "الحجر الجيري والأرض الزراعية.

ولفت رئيس قسم الجغرافيا السابق، إلى أن المنيا لازالت حتى الآن لا تمتلك سوى مصنع أو اثنين استثماريين يقومان بتحويل كسر الحجر المتبقى من المحاجر وتحويلها إلى بودرة، ويتم تصديرها للخارج مقابل دولارات قليلة، لتعود إلينا فيما بعد على هيئة منتجات بمبالغ طائلة، ويضيع على الدولة مكاسب القيمة المضافة من الصناعات التحويلية وتوظيف البطالة من شباب المنيا الذين يسهل تدريبهم على هذه الصناعات.

وعن أبرز الصناعات التي تدخلها كربونات الكالسيوم قال: إنها تدخل تقريبا في جميع الصناعات الدوائية حول العالم، ومستحضرات الكيماويات والبويات، وأعلاف الدواجن، مطالبًا مستثمري المنيا والمحافظة بإنشاء مصانع لمعجون الأسنان وعلف الدواجن، خاصة أنها غير مكلفة وتدر أرباحًا كبيرة، فضلا عن حفاظها على الثروة الداجنة في مصر، مع تقديم كافة التسهيلات للمستثمرين وإعفائهم من الضرائب لفترات مؤقتة لحين نجاح مشروعاتهم "تعطيل أو تجميد القوانين المكبلة للاستثمار" أسوة بما حدث في جبل علي بدبي، مع إيقاف عمل المحاجر التي تعمل في الخفاء وتضيع ثروات المحافظة، ولا تجلب سوى الغبار ب كميات كبيرة لأبناء المدن الجديدة وتصيبهم بأمراض العيون والصدر وغيرها.

وفي السياق يقول المهندس محي محمد، أحد المستثمرين بالمنيا، إن المئات من أبناء قرى شرق النيل في المنيا يعشقون العمل في الجبل، وهكذا نراهم منذ أكثر من 50 عامًا وهم يعملون في ظروف صعبة وبدون أدنى درجات الأمان، ومع ذلك يستمرون في عملهم لقرب تلك المحاجر من قراهم، إذ يذهبون لتلك المحاجر ويعملون بدون استخدام معدات آمنة ويصابون بجروح خطيرة من حين لآخر، في حين إذا ما تم استغلال تلك الجبال في إنشاء مصانع تعمل تحت مظلة المحافظة أو الاستثمار الجاد، وبشكل منظم يحفظ حياة العمال، سنرى اقبال كثيف من الشباب عليها، فضلا، عن تصدير كميات كبيرة من بودرة تلك المحاجر للدول الأجنبية في العالم أجمع، نظرًا لحسن سمعة المنتج المنياوي ونقاوته الكبيرة.

وأكد محمد، أن حجم الصناعات التي تدخل فيها تلك المواد المحجرية كفيل بأن يجعل محافظة المنيا نقطة محورية للصناعة في مصر، فهي مواد تدخل تقريبا في كافة الصناعات سواء كانت أدوية أو أسمنتية أو تصنيع الزجاج والبويات، وبعض صناعات الحديد والصلب، والمبيدات الحشرية، والمواد الكيماوية.

يذكر أن اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، أعلن في أواخر أغسطس الماضي عن انطلاقة صناعية لاستغلال صناعات كربونات الكالسيوم بالمنطقة الصناعية بوادي السرارية بمركز سمالوط، من خلال تقديم التسهيلات لأصحاب هذه المصانع وإنهاء كافة الإجراءات الخاصة بطلبات الترخيص دون فرض قيود بيروقراطية أو بيئية معطلة، وأوضح المحافظ أن ذلك يأتي بجانب التوسع في ترفيق المنطقة الصناعية بالسرارية من خلال إنشاء شبكة متكاملة من الطرق، والمياه، والكهرباء، والاتصالات، في خطوة تهدف إلى تعزيز جاهزية المناطق الصناعية بالمنيا .

وأشار المحافظ، إلى أن خطة المحافظة في الوقت الراهن تعمل على تحسين البنية التحتية للصناعات وتوفير فرص استثمارية واعدة تتسم بالتنوع لاستقبال الاستثمارات الجديدة والجادة، وعودة عجلة الإنتاج للدوران لتقليل فاتورة الاستيراد والسعي نحو التصدير، من خلال تهيئة المناطق الصناعية بعروس الصعيد لجعلها بيئة مثلى للنمو الصناعي والاستثماري .

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان