لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"صقر السويس".. راقب تحركات العدو من فوق الجبل وأنقذ المركز التبادلي للجيش الثالث بعد الثغرة

09:22 م الأحد 13 أكتوبر 2024

السويس - حسام الدين أحمد:

كان وجود أعضاء منظمة سيناء العربية على قمم الجبال والمفارق والطرق في جميع أنحاء سيناء له دور هام في مرحلة الإعداد للحرب وتحقيق نصر أكتوبر 1973.

يقول اللواء إبراهيم فؤاد نصار، مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع من 1972 إلى 1975: "لأول مرة منذ الصراع العربي الإسرائيلي، من نكبة 1948 وحتى حرب أكتوبر 1973، يتم زرع رادارات بشرية في جميع أنحاء سيناء".

كان الفدائي عبدالمنعم قناوي، المعروف بـ "صقر السويس"، من أبرز الرادارات البشرية من أعضاء منظمة سيناء العربية، وهي واحدة من أهم وأخطر المنظمات المدنية التي جرى تشكيلها من بدو سيناء ورجال المقاومة في مدن القناة.

مهمة قناوي كانت رصد تحركات العدو في عمق سيناء؛ حيث كان يراقب ويتلقى التعليمات ويرسل المعلومات، مما جعله سببًا في إنقاذ المركز التبادلي لقيادة الجيش الثالث الميداني عقب وصول قوات العدو الإسرائيلي من منطقة الثغرة.

100 يوم فوق الجبل

داخل منزله بحي فيصل في السويس، التقينا بالفدائي عبدالمنعم قناوي، الذي يحكي أنه قضى 100 يوم فوق جبل عتاقة يرصد تحركات العدو، حيث تم دفعه في البداية إلى سيناء في 14 سبتمبر 1973، من خليج السويس، وكان في انتظاره بالجانب الآخر من الخليج دليل من الأعراب عند أبو رديس، والذي أصحبه إلى مدخل ممر متلا.

منطقة استراتيجية

بحسب وصف قناوي، فإن المنطقة فوق الممر استراتيجية، حيث يمكن رصد كل التحركات داخل الممر الذي كان يستغله الإسرائيليون في التحرك ونقل الإمدادات إلى سيناء، وكان الدليل يغيب عنه 3 أيام ثم يحضر ومعه الطعام والشراب.

جمع المعلومات

يقول "صقر السويس" في حديثه لموقع "مصراوي" إنه استمر في التحرك بالجبل بناءً على التعليمات، يجمع المعلومات المطلوبة، ويرسلها عبر جهاز لاسلكي حتى وصل إلى منطقة رأس البحيرات المرة في الدفرسوار شرق القناة، وعقب وصوله صدرت له الأوامر بالعودة إلى القاهرة يوم 16 أكتوبر 1973.

3 رؤوس كباري

كان عبدالمنعم قريبًا جدًا من القناة، ويصعب عليه العودة إلى خليج السويس مرة أخرى من مكان إنزاله الأول عند أبو رديس، إذ اتضحت له الرؤية وأدرك أن جميع المعدات والتجهيزات العسكرية التي أمامه هي قوات إسرائيلية، وصلت إلى الضفة الشرقية للقناة وتستعد للعبور.

على شط القناة، شاهد قناوي 3 رؤوس كباري نصبها العدو عند رأس البحيرات المرة، لعبور القوات الإسرائيلية من الشرق إلى غرب القناة، وكانت الدبابات تختبئ بعد العبور في مزارع المانجو والفاكهة غرب القناة.

إخلاء في الليل

يؤكد قناوي أن العبور والعودة إلى غرب القناة من تلك المنطقة كان يستحيل عقليًا وسط تلك الألوية، لكنه فوجئ بالعدو يخلّي الكباري من الجنود مع آخر ضوء للشمس، خوفًا من وصول الضفادع البشرية المصرية إليها وتفجيرها ليلًا. وفي جنح الليل، عبر قناوي القناة وتسلل حتى وصل إلى منطقة تمركز القوات المصرية في الإسماعيلية، وفي منطقة تمركز القوات، وصل لقائد الكتيبة وتم نقله في سيارة إلى القاهرة يرافقه الدليل، حيث قدم تقريرًا مفصلًا بالمعلومات وعاد مرة أخرى إلى السويس.

قطع الاتصال

يقول قناوي، إنه في ذلك الوقت انقطعت الاتصالات بين القاهرة والسويس، وكان العدو قد عبر غرب القناة وفشل في دخول الإسماعيلية بعدما تصدت له الفرقة 39 قتال، فعاد مجددًا إلى الدفرسوار وطور الهجوم جنوبًا مسافة 65 كيلو قاصدًا السويس، آملًا في أن يحتل أقدم مدينة بخط القناة، والتي تحمل قناة السويس اسمها.

أصعد الجبل

التكليف الجديد كان بدفع قناوي إلى طريق "السويس - القاهرة"، ليصعد جبل عتاقة من وادي حجول، ثم يتجه جنوب شرق وينزل من الجبل إلى خط السكة الحديد بالأدبية، ثم يتخذ خط سير إلى داخل مدينة السويس، متبعًا خط السكة الحديد حتى يصل إلى مزلقان الشهداء.

يحكي قناوي أن التعليمات كانت أن يتوجه عقب وصوله إلى أحد المنازل حيث مركز تواجد مجموعة الفدائيين أعضاء منظمة سيناء العربية، ويحقق اتصالًا من داخل المدينة ويبدأ في جمع معلومات عن السويس.

اتبَع عبد المنعم قناوي التعليمات، وتوجه إلى وادي حجول ومنه إلى سلسلة جبال عتاقة، حيث أجرى أول اتصال باللاسلكي بقيادة المخابرات الحربية في القاهرة، وأخبرهم بمكانه، ووصف لهم المشهد على الطريق، حيث كانت قوات العدو منتشرة من محطة كهرباء عتاقة بطريق "السويس - الأدبية" وعلى امتداد طريق "مصر إيران" المؤدي إلى طريق السويس – القاهرة.

مركز تبادلي

يصف لنا "صقر السويس" المشهد في منطقة عبيد، فمع بداية حرب أكتوبر تم تجهيز مركز متقدم لقيادة الجيش الثالث الميداني بمنطقة الشلوفة بالقطاع الريفي شمال السويس. وعقب دخول القوات الإسرائيلية من الثغرة، دمروا ذلك المركز، فانتقلت القيادة لمركز تبادلي آخر في منطقة عبيد بعد نقطة الكيلو 101 بطريق السويس – القاهرة.

داخل الخندق

شاهد قناوي بالنظارة المعظمة 5 أفراد داخل خندق صغير في الجبل، كان من بينهم ضابطان و3 جنود، كانوا ممن دخلوا السويس أثناء الحصار ضمن مؤخرات الجيش والفرق والوحدات التي تتحرك من غرب القناة إلى شرق القناة.

بحكم درايته بالمنطقة وكشفها من أعلى الجبل، قاد قناوي الرجال الخمسة إلى مقر قيادة الجيش بمنطقة عبيد، وبعد التأكد من أنهم عُزل من السلاح وتأكدهم من هوية الجنود، طلب قناوي لقاء اللواء أ.ح. عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني.

لقاء واصل

يروى قناوي ذلك اللقاء المهيب الذي يؤكد أنه لا يمكن أن ينساه، يقول إن اللواء عبدالمنعم واصل نظر إليه ووضع يده على كتفه وسأله عن شخصه، فرد قناوي بأنه تابع لمكتب المخابرات الحربية في السويس، لكنه مدفوع من القيادة في القاهرة ليدخل السويس ويجمع معلومات، وأبرزت شهادة عليه صورته وختم القيادة العامة للقوات المسلحة.

يصمت "صقر السويس" ثم يعاود الحديث وهو يبتسم، قائلًا إن اللواء عبدالمنعم واصل لم يقتنع في البداية، حتى ذكر له موقفًا بعينه في العيد القومي للسويس 22 مارس في ذلك الوقت، ووصف له ما حدث في ذلك اليوم بمنطقة أرض المعارض، وكيف كانت هيئته وشكل ملابسه، والصور التذكارية التي التقطها قناوي بنفسه وعليها اسمه.

العدو يراقبنا

اطمأن اللواء واصل، ثم أخبره "صقر السويس" عن تواجد العدو في المنطقة وأنهم على مسافة بعيدة من المعسكر. وأخبره أنه رأى خلفها خمسة جنود يبدو أنهم من العدو وقد تركوا خوذاتهم أمامهم، وناموا على وجوههم خلفها، ليظن من يراهم أنها خوذات ملقاة على الأرض وليس هناك أحد، ولديهم طائرة هليكوبتر طراز بيل 205.

نظارة معظمة

طلب اللواء واصل إحضار قائد استطلاع الجيش الثالث الميداني، وأمامه ذكر قناوي مجددًا ما رآه، فامسك قائد الجيش بنظارة معظمة ورأى الخوذات، ثم ظهر ذيل الطائرة وعليه نجمة داود في إشارة إلى بدء الإقلاع من مكانها.

50 كيلو غربًا

على الفور، أصدر اللواء واصل قرارًا بنقل القيادة بالكامل من منطقة عبيد لمركز تبادلي آخر بالروبيكي على مسافة 50 كيلو غربًا من موقع القيادة السابق. واستمرت عملية النقل من مساء ذلك اليوم حتى فجر اليوم التالي.

ومع شروق الشمس، جاءت الطائرات المعادية سكاي هوك والفانتوم لتدك موقع القيادة القديم بالكامل، بعدما رصدت عيونهم المتمثلة في جنودهم تمركز القوات بذلك المكان حتى غروب الشمس، ولم يعلموا أن مقر القيادة انتقل لمكان آخر ليلاً.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان