إعلان

ضريح القرطبي في المنيا.. هنا يرقد شيخ المفسرين وإمام المالكية- صور

04:36 م الجمعة 26 يناير 2024

المنيا- جمال محمد:

تُعد منطقة زاوية سلطان والتي تضم أكبر جبانات على مستوى الصعيد مكانًا لتلقي العلم أحيانًا والقدوم لمزارات يجهلها البعض ولم يصدقوا أن من دفن بها كانوا منارات للعلم ونقل أصول الدين وعلومه للأمة الإسلامية على مدار عقود طويلة.

7 كيلو مترات فقط هي مسافة تحتاج أن تقطعها بسيارتك للوصول من مدينة المنيا إلى شرق النيل بمركز المنيا لتصل إلى قرية زاوية سلطان، لتدخل بين حواري القبور التي يزيد عددها عن 50 ألف قبر، والممتدة لنحو 2 كيلو متر تقريبًا أسفل سفح الجبل الشرقي، لتمر على أضرحة الصالحين، وآخرين مجهولين ولهم مقامات، إلى أن تصل لأيقونة أضرحة المحافظة في منتصف الجبل سيدي الإمام "القرطبي"، أو كما يُلقبه علماء الإسلام بشيخ المفسرين، الذي جاء من الأندلس وقرطبة واستقر في مصر ثم المنيا ودُفن فيها قبل 769 عامًا تقريبًا.

قدوم الإمام من إسبانيا للمنيا

يقول الدكتور محمد النشار الباحث في العلوم الاسلامية، وخطيب مسجد الشيخ عبدالفتاح أكبر مساجد قرية زاوية سلطان، إن الإمام القرطبي هو"شمس الدين محمد ابن أحمد ابن فرح الخزرجي الأنصاري" والذي ولد في وقت من 600 : 610 وتوفي عام 671 هجريًا، وكان والده يعمل في الخزف وتوفي حينما كان الإمام يبلغ من العمر17 عامًا، فتوجه بعدها إلى تعلم وتفقه الدين، وهاجر للعديد من البلاد بعد خروجه من إسبانيا "الأندلس وقرطبة في ذلك الوقت"، حتى وصل إلى مصر ومنها إلى "منية ابن خصيب" وهي محافظة المنيا، وبدأ ينشر علمه وكتبه المعروف عنها العلم الغزير.

يضيف النشار لـ مصراوي: أبرز الكتب التي ألفها الإمام القرطبي، ولازالت مرجع للعلماء حتى الآن كتاب "الجامع لأحكام القرآن" والذي ظل الإمام نحو 30 عامًا يفسر القرآن وينقحه حتى انتهى منه، وكذلك كتاب "التذكرة في أمور الموتى وأحوال الآخرة"، و"قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكسب والصناعة" .

ويستكمل الباحث حديثه عن الإمام: أهل العلم قالوا عن القرطبي إنه عالمًا مبحرًا، حتى أصبح أشهر أئمة عصره لدقة نقله للدين ونقل الأقاويل والأحاديث لأصحابها، وظل هكذا حتى دفن في ضريحه الكائن الآن بزاوية سلطان بمركز المنيا والذي نعتبر المكان منارة للعلم، وقبلة للسائلين والناسكين وطالبي أصول الدين.

سائحون من جنوب شرق آسيا

كما أشار النشار إلى أن مئات السائحين يأتون لزيارة الضريح وعمل مولد كبير له يوم عاشوراء من كل عام، ويشهد توافد آلاف المواطنين من كافة المحافظات وبعض الدول كذلك، لافتًا إلى أن طلاب جنوب شرق آسيا هم الأكثر حبًا لزيارة الضريح من حين لآخر، وطوال الشهر يعد يوم الجمعة هو الأكثر قدومًا للوافدين للزيارة والتبرك والدعاء، مع توزيع الجبن والعيش البتاو والعسل والفول النابت للزائرين من قبل خدام الضريح.

من جانب آخر قال خادم الضريح الحاج حمدي طه إنه يخدم ساحة ومقام القرطبي منذ 12 عامًا بعد أن توفي عمه الخادم السابق ويدعى "علي محمود" والذي ظل خادمًا للضريح لنصف قرن من الزمان، وكان مسجلًا فى المشيخة كخادم، وأحب الإمام بعدما سمع عنه الكثير من المعجزات ودوره في تفسير القرآن ونشر الدين الإسلامي، مضيفًا: أقوى ما تردد وجعلني أحبه كثيرًا منذ الصغر عندما ذاع أن الحكومة تنوي نقل جثمانه إلى مسجد القرطبي بوسط مدينة المنيا بمنطقة أبو عرب، ولكن الأمور توقفت ولم يستطيعوا نقله، وجرى ردم أعمال الحفر التي كان يفوح منها رائحة طيبة وفقًا لما رواه عمه "علي" خادم الضريح منذ الستينات وشاهد على الأحداث.

مولد القرطبي وحلقات الذكر

وأضاف طه أنه يتم عمل ليلة كبيرة ومولد للإمام في التاسع والعاشر من محرم كل عام، وتُعقد فيها حلقات الذكر التي يحيها الشيخ محمد القوصي، ويحضرها آلاف الصوفيين والمحبين للإمام من جميع محافظات مصر، بل يأتي أحيانًا سائحون من دول أسبانيا مسقط رأسه الأصلي وكذلك أندونيسيا، مشيرًا إلى أن الضريح وساحته الصغيرة لم يسلما من تعصب المتطرفين الذين حاولوا إحراقه في أحداث العنف التي شهدتها الدولة في منتصف 2013 ، وقاموا بالاعتداء على عدد من أضرحة أولياء الله الصالحين بالمنطقة، ووصلوا إلى ضريح الإمام القرطبي وألقوا عليه النار ولكنها كانت تنطفئ سريعًا.

ضريح بلا جسد

جدير بالذكر أن مدينة المنيا بها مسجد يسمى القرطبي، وبه ضريح شهير، يقوم البعض بالتوجه إليه للتبرك والدعاء، ولكنه ضريح خالي لا يوجد به جسد الإمام، بعد أن فشلت محاولات نقله من شرق النيل إلى ذلك المسجد منذ 30 عامًا تقريبًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان