6 سنوات من تحرير السلاحف.. "محمود" تاجر سويسي تعهد حماية الحياة البحرية (صور)
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
السويس - حسام الدين أحمد:
أثر التغير المناخي وسلوكيات الصيادين الخاطئة في تراجع الإنتاج السمكي بخليج السويس، فعودة كل صياد للشاطئ بسلحفاة خضراء وقعت في شباكه، ساهم في زيادة أعداد قناديل البحر الأكثر شراهة لتناول فراخ الأسماك.
أمام ذلك عزم محمود نصر الدين نجم، تاجر أسماك، على نفسه شراء السلاحف الخضراء من الصيادين وإعادتها إلى بيئتها البحرية مرة أخرى، أملا في إعادة التوازن وحماية صغار الأسماك.
18 ترسة
بدأ محمود مبادرته الفردية قبل نحو 6 سنوات، بلغ عدد السلاحف الخضراء التي أعادها حتى الأسبوع الماضي نحو 18 سلحفاة خضراء نادرة، أو "ترسة" كما يعرفها الصيادين، أغلبها اشتراها من أرباح تجارة الأسماك، وبينها ما قدمه مواطنين له ليعيدها بنفسه بعد تعرفهم على تجربته الرائدة بيئيا لحماية السلاحف.
"وصلتني 3 سلاحف خضراء من سيدات"؛ يقول محمود تاجر الأسماك، ويوضح أن الأولى كانت من سيدة تمتلك مطعم أسماك بالقاهرة، عندما شاهدته في بث حي يطلق سلحفاة إلى البحر تواصلت معه وطلبت ان تسلمه واحدة كانت جهزت لها حوض مياه في مدخل المحل لتعيش فيه، لكن بعد علمها بقيمتها في الحفاظ على الأسماك، سلمتها له.
أما الثانية قدمتها سيدة من السويس، شاهدتها عند تاجر بحلقة السمك، واشترتها منه وكانت كبيرة يزيد وزنها عن 40 كيلو، وكذلك الثالثة وكانت أصغر حجما.
محمية للحفاظ عليها
نسق نجم مع فرع شئون البيئة في السويس، جرى علاج السلحفاة الكبيرة التي قدمتها السيدة وجرى نقلها بمعرفة البيئة إلى دمياط واطلاقها في المحمية الخاصة بالسلاحف هناك بعد أن حصلت على رقم وجهاز تتبع.
أول ترسة
لم يدرس محمود طبيعة البيئة البحرية ودور كل حيوان فيها، لكن ما جرى قبل 6 سنوات كان البداية، حين رأى سلحفاة في سوق أبو رمانة للأسماك بمنطقة فايد، آثار المشهد حفيظته واستوقفه " شفت سلحفاة مع صياد مربوطة بحبل وتنزف وابنه يجلس على ظهرها كأنها حيوان يفر من صاحبه" يروي نجم ما ويضيف انه أصر على شرائها وعاد بها للسويس، وبمعرفة طبيب بيطري أتم علاجها ثم أطلقها في المياه.
وثق لحظات إطلاق سراحها في المياه، عرضها على صفحته، انتشر الفيديو وعرف عقب ذلك انها سلحفاة خضراء نادرة، وأنها مهددة بالانقراض وتتغذى على قناديل البحر، فتح ذلك الباب لمحمود ليطلع على بعض الدوريات العلمية، والأفلام الوثائقية التي تركز على الكائنات البحرية، وعَلم أن السلاحف الخضراء تتغذى على قناديل البحر، والصغير منها تأكل العوالق والطحالب الموجودة في الماء والتي تضر بالشعاب المرجانية، أما القناديل فتأكل صغار أفراخ الأسماك الصغيرة.
يقول محمود أنه كلما زاد عدد السلاحف تناقصت عدد القناديل التي تتغذى على الأسماك، والعكس، القناديل التي تؤذي الانسان، وتتسبب في نقص المخزون السمكي تمثل الوجبة الأولى للسلاحف.
السعي وراء شراءها
يحمل محمود 35 عامًا مؤهل متوسط، لكنه أدرك أن السلحفاة الخضراء المهددة بالانقراض تمثل قيمة في البيئة البحرية، تتخطى سعرها الذي يعرضه الصيادين مقابل الحصول عليها، فقرر ان يشتري كل سلحفاة خضراء يراها أو يسمع بوجودها عند أي صياد أو تاجر، يبدأ سعرها من 800 جنيه ويمكن أن تصل إلى 10 آلاف جنيه خاصة إذا كانت كبيرة وذات صدفه قشرية.
عام بعد آخر زادت أعداد السلاحف التي اشتراها محمود واعادها للبحر، وفي كل مرة يوثق إطلاقها في المياه بمشاركة جهاز شئون البيئة ومعهد علوم البحار والمتطوعين من الكشافة البحرية، لنشر الوعي البيئي بأهمية السلاحف والحد من صيدها.
صيد عارض
"الترسة لا تستهدف شباك الصيد، لكنها تقع فيها خلال رحلتها في البحث عن الطعام" يوضح محمود كيف تتحول الترسة إلى صيد ثمين، ويوضح أن الصياد عندما يجمع الشباك يجدها، فيرفعها على متن المركب سواء كانت حية أو ميته، إذ تموت حال التفت الشبك حول عنقها، او مضى عليها اكثر من يوم حبيسة في الشباك.
700 جنيه للكيلو
وتابع، أن الترسة النافقة تباع أيضا ولكن بسعر أقل ومن يحصل عليها يحنطها ثم بيعها بسعر مرتفع، أو تستخدم الصدفة في صناعة الحلي والاكسسوار، أما الحية تعرض بالسوق وهناك يباع لحمها بالكيلو ويصل سعره 700 جنيها، بسبب اعتقاد البعض في قدرته على الشفاء من الأمراض.
" في معتقدات خاطئة عن الترسة، يعتقد البعض أن لحمها مقوي جنسي وأنه لو اكله شخص رفيع لأصبح (ثمين)، غير معتقدات تانية في شرب دمها والادعاء بفائدتها لمن تأخر في الإنجاب" يحكي نجم أن التجار يروجون لها بتلك المعتقدات والتي تخالف بعضها الشرع وفطرة الإنسان.
ديكور وحُلي
أما الصدفة تستخدم كديكور، ولو كانت ذو قشور فإن قيمتها ترتفع ويمكن أن تباع الصدفة وحدها بأكثر من 4 آلاف جنيه، إذ يجري فصل الظهر وتصنع منه شنابر النظارات والحلي ذو القيمة المرتفعة خاصة أن بعض السلاحف التي تقع في الشباك يزيد عمرها عن 50 عامًا.
رغم سعيه وراء إعادة السلاحف الخضراء النادرة، إلا أن نجم كان يواجه عدة معوقات، منها الحالة الصحية للترسة نتيجة تعرضها للإصابة داخل الشباك، أو الخوف من وقوعها مرة أخرى في يد الصيادين عقب اطلاقها، الأمر الذي جعله يقطع في بعض المرات أكثر من 100 كيلومتر جنوبا وينزلها قرب الزعفرانة، بعيدا عن مراكب وفُلك الصيد بنطاق المدينة والعين السخنة.
المحميات هي الأفضل
"المحميات هي البيئة الأفضل والأكثر آمنا لكنها بعيدة عن السويس" يقول نجم إن هناك محمية للسلاحف قرب دمياط، والأخرى هي محمية رأس محمد، لافتا أنه في كل مرة لا يجري إنزال سلحفاة بمحمية، كانت السلحفاة قبل الأخيرة فقط لظروف خاصة تتعلق بحجمها ووفقا لرأي مسؤولي شئون البيئة.
وأشار إلى أنه من الصعب عليه الوصول للأولى بينهما تزداد الصعوبة في حالة قرر إنزال السلحفاة برأس محمد بشرم الشيخ، فعبور نفق الشهيد أحمد حمدي بها يحتاج على تصاريح، فضلا عن المسافة التي تحتاج إلى حوض مياه بمواصفات خاصة يضمن بقاءها على قيد الحياة إذا ما قرر نقلها سواء إلى دمياط أو شرم الشيخ.
وعن أوقات وقوعها في الشباك الصيادين، فيقول إن الأمر مرتبط بموسم الصيد الذي يبدأ في سبتمبر كل عام، كما تنتشر السلاحف بقناة السويس وغي منطقة البحيرات "العنبك" لكنها نادرا مع تقع في شباك الصيادين بسبب أنشطة الصيد المحدد لها نطاق مكاني وزماني محدد.
وطالب نجم التجار عدم شراء الترسة من الصيادين، فإن لم يجد الأخير زبون لبضاعته فلن يعد بها من البحر، وعلى الصياد أيضا أن يدرك أهميتها وأنه لو اختفت من البحر فلن يجد أسماك ليصادها.
فيديو قد يعجبك: