إعلان

بدّال الرزق.. الدراجة تُعيد الحياة لـ"أم البنات" (صور)

10:25 م الثلاثاء 03 نوفمبر 2020

الإسكندرية - محمد البدري

لم تتخل هذه الأم يومًا عن طفلتين رحل عنهما أب قسى قلبه عزوفًا عن "خلفة البنات". حتى أثناء بحثها الطويل عن مصدر رزق بديل، لم تكن تُفكر سوى في سبيل يحقق الكفاف دون أن تكف عن رؤية "مريم" و"منة الله".

قبل نحو 7 أعوام، غادرت "سهى سعيد" مدينتها الإسكندرية، تاركةً خلفها أسرة مكونة من أم و3 أشقاء يصغرونها، بعد أن وافقت على الزواج والانتقال رفقة زوجها إلى محافظته بني سويف، لكنها بعد عام فقط بدأت معاناتها الأسرية بسبب "خلفة البنات"، إذ أبدت أسرة الزوج الانزعاج من إنجاب الطفلة الأولى، بعد أن كانوا يمنون أنفسهم بمولود ذكر.

بعد إنجاب الطفلة الثانية، زادت الأمور سوءًا، وألقى الزوج وأسرته باللائمة على الأم التي لم تجد حلاً سوى القبول بقرار الانفصال، بعد عامين من زواجها، لتعود مرة أخرى إلى الإسكندرية رفقة طفلتيها.

"عُدت إلى هنا قبل 5 أعوام، ولم أقدر حينها على تحميل أسرتي مشقة وجودي مع ابنتي، فاستأجرت شقة في منطقة العجمي، وبدأت بالبحث عن عمل مناسب لا يمنعني من رعاية أطفالي"؛ أسهبت "سهى" في حديثها لمصراوي، حول تنقلها بين أكثر من عمل في المصانع وبوفيه إحدى المحاكم بغرب الإسكندرية والعمل كبائعة خضروات، ثم العمل كمربية في إحدى الحضانات، حتى جاءت جائحة كورونا التي تسببت في تعطل الكثير من الأعمال.

ابتكار يضمن رفقة مريم ومنة

ترى "سهى" الابتعاد عن ابنتيها بمثابة الجحيم، لذا هداها تفكيرها إلى فكرة مشروع توصيل الطلبات إلى المنازل "قررت شراء دراجة هوائية مصنعة يدويًا من أحد العاملين في هذا المجال، والذي نفذها لي وفقًا لظروفي، إذ طلبت منه تعديل التصميم ليكون هناك مكانًا آمنًا لطفلتي لأضمن مرافقتهما في كل لحظة".

يوم عمل في حياة "أم مريم"

مع دقات الساعة الرابعة صباحًا، تبدأ "سهى" أو "أم مريم" كما يلقبها أبناء منطقة العجمي بالإسكندرية، يومها بأداء صلاة الفجر وقراءة بعض آيات القرآن الكريم، على أن يعقب ذلك تحضير وجبة الإفطار لـ "منة الله" ذات الخمسة أعوام، ومريم التي تقف على عتبة عامها السادس، ولأسباب اختلفت بين ظروف الحالة المعيشية والخوف على أطفالها من جائحة كورونا تعكف الأم على مذاكرة مواد تناسب أعمارهما في المنزل، بدلاً من إلحاقهما بالحضانة، إذ لم تصلن بعد للسن القانونية للالتحاق بمراحل التعليم الأساسي.

تبدأ "أم مريم" عملها بتوصيل الطلبات من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الخامسة مساءً، بعد أن تقضي الساعات الأولى من اليوم في رعاية ابنتيها وترتيب البيت، ثم تصطحبهما إلى العمل جالستان على المقعد الخلفي لدراجتها"، التي تزينها لافتة تحمل رقم هاتفها لتشجيع الناس على التواصل معها وطلب الخدمة التي تقدمها.

شروط تقديم خدمة التوصيل

وضعت "أم مريم" عدة اشتراطات لتقديم خدماتها لتوصيل الطلبات، منها أن يقتصر توصيل الطلب للزبائن عند مدخل المبنى أو عبر المصعد أو السلة التي يستخدمها كثير من المواطنين لنقل احتياجاتهم من شرفات المنازل، وحددت مبلغ 10 جنيهات فقط مقابل خدمة التوصيل مهما كانت قيمة الطلب أو حجمه، لافتةً إلى أنه في بعض الأحيان تعاني بسبب مجهود قيادة دراجة هوائية تحمل وزن الطلبات، إلى جانب ابنتيها على المقعد الخلفي، إلا أنها تجد الأمر يستحق العناء، خاصة مع نظرات التشجيع والاحترام التي تجدها في أعين وكلمات الناس بالمنطقة.

حلم سهى

تحلم "سهى" بأن تجد وسيلة أكثر سهولة لتطوير مشروعها، تمكنها من توصيل الطلبات بمجهود أقل وأمان أكثر لطفلتيها، بينما يبقى حلم توفير مصدر دخل ثابت يكفي لتوفير حياة كريمة لطفلتيها في المستقبل ويعينها على رحلتها في تعليمهما أمرًا ترغبه وتدعو خالقها دومًا في سبيل تحقيقه "نفسي أشوفهم كبروا وقادرين يعتمدوا على نفسهم".​

فيديو قد يعجبك: