إعلان

"القاهرة – دبي".. رحلة المدرس الأزهري من القرية الهادئة إلى "مجزرة الفيوم"

11:09 م الإثنين 15 يوليو 2019

المتهم

الفيوم – حسين فتحي:

"حلم الثراء السريع".. ربما دار ذلك الخاطر في عقل الشاب "خالد" هناك داخل قرية سنوفر الهادئة بالفيوم، أو لعله جاء بعد ذلك حينما عاد من دولة الإمارات ذات مرة كعادته في صراع جمع الأموال لتأمين مستقبله، لكن المؤكد أن خاطر الشاب الريفي البسيط لم يكن أبدًا قادر على التنبؤ بقتله زوجته وأطفاله كما حدث اليوم.

هناك في القرية الهادئة بدأ "خالد" التفكير فيما هو قادم، وحينها كانت الرياح تأتي غالبًا بما يشتهي "السَفِنُ"، فتزوج من محبوبته، بعدما انتظم في عمله كمدرس بمعهد "الحريشي" الأزهري، وانطلق بعدها لآفاق جديدة كان همه فيها تأمين "مستقبله".

"دبي" كانت الوجهة الأنسب للشاب الطموح الباحث عن الثراء، خاصة مع اختياره لمجال الاستثمار العقاري الذي تشتهر به الإمارة الرائجة، فراح يحاول تطوير مجالات عمله بتوظيف قدراته في اقتراض أموال من أشخاص هناك وفي بلدته الفيوم بعدما اشترى شقة فاخرة في حي المسلة الراقي.

"إذا ظهر الطامعون انتشر النصابون".. هكذا قال القدماء حكمة تسري عبر الزمن، ولكن "خالد" ربما لم يكن يضعها في الحسبان، أو لعله لم يكن يعلم أن حظًا لطالما ساعده في حياته، من المحتمل أنه تخلى عنه حين أدخلته الأقدار إلى دائرة أشخاص لهم سوابق إجرامية لا علم له بها.

ربما خان الذكاء "خالد" حين أقنعه أصدقائه الجدد بفكرة شراء منزل تحته "كنز أثري" كطريق سهل للثراء السريع وتحقيق حلم راوده منذ الصغر، فدفع لهم مبالغ مالية، هددوه بعدها بخطف وقتل زوجته وأطفاله حال طالبهم بردها مجددًا.

"الرياح لا تأتي دائمًا بما يشتهي السَفِنُ".. تراكمت الديون على الشاب الريفي، وضغوط ذاد من حدتها عجزه عن تلبية متطلبات حياة اعتاد عليها ونقل عادته لأسرته البسيطة، فوقف بلا حيلة أمام ما يواجه.

ربما أخطأ "خالد" حينما انشغل بقدر هو في يد رب العالمين، رغم عمله في معهد أزهري، لكنه أخطأ مرة أخرى حين اعتقد أن "الموت هو الحل"، وراحت الفكرة تختمر في ذهنه وبدأ في التخطيط لإنهاء حياة أقرب الناس إليه خشية ألا يستطيع توفير مستوى مناسب من الحياة الكريمة لهم.

الأحد الماضي بدأت أولى خطوات التنفيذ الفعلي، فعمد "خالد" إلى شراء "ساطور" وعاد إلى منزله، وجلس ينظر إلى زوجته "كريمة" 35 سنة، وأطفالهما "أنس 13 سنة، وآية 8 سنوات، ومنة 4 سنوات، ونسيم عام ونصف" وهو يعلم أنها الليلة الأخيرة.

جلس "خالد" يترقب اللحظة التي تخلد فيها "المحبوبة" وفلذات الأكباد" إلى النوم، حتى يرسلهم بـ"ساطوره" إلى الدار الآخرة، وهو ما كان بالفعل.

الصاعقة التي زلزلت كيان الأب القاتل منظر زوجته التي دلف إلى حجرتها ليبدأ بها مسلسل القتل، وحين وقف ليعاجلها بضربته القاتلة على رأسها رآها تحتضن ابنته الرضيعة في محاولة بدائية لأم تحمي طفلها، لكن قلبه كان قد نوقف تمامًا عن التفكير كعقله وأكمل جريمته، ثم ذهب لحجرة أطفاله وأجهز عليهم وفر هاربًا.

مشهد "المحبوبة كريمة" وهي تحتضن ابنة "خالد" لم يغب عن ذاكرته فقصه على مسامع وكيل النائب العام خلال التحقيقات، حتى يجد الفرصة ليثني على محاسن زوجته، ويؤكد أنه ما أقدم على فعلته بسبب شك أو سوء سلوك، لكن خوفًا من مستقبل مظلم، وهربًا من واقع مرير.

فيديو قد يعجبك: