بورقة ومقص.. "القاضي" هيرسمك في 40 ثانية: "السلويت فن التفاصيل" (صور)
البحيرة – أحمد نصرة:
في بقعة مقابلة للضوء وقف "محمد القاضي" وبحركة معتادة أمسك بكتفي الشاب الواقف أمامه وأدار جسده بزاوية 90 درجة ليستقر في وضع وقوف جانبي بينه وبين مصدر الإضاءة، بأصابع ثلاثة من يمناه التقط مقصًا، بينما امتدت يسراه لتمسك أناملها بورقتين متطابقتين إحداهما سوداء تعلوها أخرى بيضاء.
بيدين مدربتين تتقنان ما تفعلانه بدأ مقص القاضي في التهام مساحات من الورق متخذًا طريقه في مسارات شديدة التعرج ليرسم ملامح الوجه المستقر على بعد أقل من متر واحد، بالتزامن مع ذلك كان عنقه يتأرجح لاتخاذ لفتات سريعة متكررة نحو الهدف سرعان ما يترجمها إلى تفاصيل "سلويت" مرسومة.
في البداية يقول القاضي: "كلمة سلويت تستخدم للتعبير عن الفن المعتمد على التباين بين العناصر المرسومة باللون الأسود والخلفية البيضاء، وجاءت تسمية الفن بهذا الاسم لنشأته في فرنسا في عهد وزير مالية لويس السادس عشر إيتيان دي سلويت، والذي كان دائم الانتقاد للأثرياء لإنفاقهم ببذخ على اقتناء اللوحات باهظة الثمن، وفي تلك الفترة انتشرت رسوم الخيال رخيصة الثمن فأطلق عليها الفرنسيون اسمه على سبيل السخرية".
ويوضح القاضي: "فن السلويت يتيح للفنان حرية التحرك بأدوات بسيطة جدًا تتواجد معه بأي مكان مجرد مقص وأوراق سوداء وبيضاء ومادة لصق تكفيه لإنتاج عمل فني في زمن وجيز أيضَا فيمكن رسم الوجه في 40 ثانية فقط أو أقل"
ويستطرد فنان السلويت: "رسم السلويت يعتمد على النسب والزوايا بين الأجزاء ويجب أن يكون الفنان متمكنًا من ذلك فالاختلال في هذه النسب يؤدي لانضغاط الوجه أو استطالته بما يؤدي لتغير الشكل تماما، بخلاف فن الكاريكاتير الذي يضغط بقوة على الملامح المميزة ويؤكد عليها سواء بالتكبير أو التصغير غير الواقعي، كذلك فرسم السلويت للوجوه يختلف أيضَا عن الرسم العادي فالأخير يبدأ من عند الأنف ويتم البناء عليها أما السلويت فيبدأ من الأسفل نحو الأعلى الصدر ثم الرقبة والذقن فالأنف ثم الجبهة واستدارة الرأس".
"الوجوه ذات الملامح البارزة والغائرة بوضوح تكون أسهل في الرسم، وتلقى صدى أفضل لدى المتلقي، كذلك فنسبة التجاوز فيها لا تكون ملحوظة بعكس الملامح الدقيقة فأي تجاوز بها يبعد بالرسم عن الشخصية" يوضح القاضي.
ويختتم القاضي حديثه لمصراوي قائلًا: "سعادتي تتحقق عندما أرى السعادة في وجوه الأشخاص الذين أرسمهم وتكون ردود أفعال المتلقي إيجابية، فلا أبحث عن العائد المادي بقدر العائد المعنوي، والمقص أعطاني الكثير وجعلني أذهب لأماكن ودول كان من الصعب أن أذهب إليها لولاه، فدائمًا ما أدعى للمعارض والأحداث والاحتفالات الهامة، كذلك دعيت مرتين لمعرض الكتاب بمدينة الشارقة في الإمارات".
فيديو قد يعجبك: