إعلان

20 عامًا على خطى أبيها وزوجها.. "العمة كوثر" وهبت حياتها لتحفيظ القرآن لأهالي قريتها بالمجان

03:49 م الجمعة 06 ديسمبر 2019

أسيوط ـ محمود عجمي:

فرغت العمة كوثر عبدالرحيم، من صلاة العصر، وجلست على أريكة بصالة منزلها، وسرعان ما التف حولها الأطفال ومجموعة من الرجال والسيدات، وأمسك كلٌ منهم مصحف في يده، في انتظار إشارة الحاجة كوثر، لبدأ رحلتها اليومية بتحفيظهم القرآن الكريم.

"كوثر" السبعينية لم يمنعها كبر سنها ولا إصابة عينها اليسرى، من إتمام رسالتها وأداء واجبها تجاه أهالي قريتها المنشأة الصغرى التابعة لمركز القوصية في أسيوط، إذ قضت ما يزيد عن 20 عامًا في تحفيظ الأهالي القرآن الكريم.

"مصراوي" التقى الحاجة كوثر، والتي قالت إن الله عزوجل أكرمها بتعلم القرآن الكريم على يد والدها، والذي كان يعمل على تحفيظه لأهالي البلدة، وبعدها تزوجت من الشيخ علي عبدالحليم آنذاك، وأكملت مسيرتها في تَعُلم القرآن من خلاله، إذ كان له باعًا كبيرًا في تحفيظ القرآن الكريم للأهالي، على مستوى القرية والقرى المجاورة.

وتضيف الحاجة كوثر: "بقالي أكتر من 20 سنة وزيادة وأنا بحفظ الناس القرآن الكريم، أنا مبعلمهمش بالقراءة والكتابة، أنا بقول لهم كدا الآيات شفوي وتاني يوم بسمع لهم اللى خدوه إمبارح، زي "الشيخ على" الله يرحمه ما كان بيعمل بالظبط بدون مقابل".

تتابع محفظة القرآن: "أبناء القرية كلهم ولادي كلهم بيعزوني وعلمتهم القرآن وحفظتهم، وأنا بعزهم كلهم كبار وصغار، كتير ناس بتيجى تقلي شكرًا يا حاجة إحنا حفظنا عندك القرآن الكريم، وأنا أقول هذا من فضل ربي".

وحول الوقت الذي أفردته لتحفيظ القرآن، قالت كوثر إنها تبدأ بعد صلاة العصر، وأنها لا تقسم المحفظين إلى مجموعات، فهناك العديد من المقارئ من يود الذهاب إليها فليذهب، ولكنها تحفظ كل من يأتي إليها من مختلف المراحل العمرية، سيدات، ورجال، وأطفال، "كل اللى يجي على عيني وراسى أحفظه"، وتشير إلى أنها تسير ببركة القرآن الكريم، فهي تقرأ سورتي آل عمران والنساء ليلًا، والمائدة والأنعام نهارًا، وتتمنى من الله عزوجل أن يجعله شفيعًا لها وأن يجعله خالصًا لوجهه.

معلمة الأجيال

حفظت الحاجة كوثر القرآن لأجيال عدة، حتى لقبوها بـ"معلمة الأجيال"، ويقول علي ياسين محمد، 40 عامًا، من قرية المنشأة الصغرى، أحد من حفظوا القرآن على يد الحاجة كوثر، تعلمت القرآن في البداية على يد الشيخ علي عبدالحليم "زوج الحاجة كوثر" وحين وصلت سورة المائدة، أكملت بعد ذلك لدى عمتي "كوثر"، فهي من تولت تعليمي القرآن الكريم، حتى حفظت القرآن كاملًا، وقد جاهدت معي كثيرًا كوني كون الحفظ في هذا السن الكبير صعبة.

أما هشام عبدالراضي محمود، من قرية المنشأة الصغرى فيقول: بدأت حفظ القرآن على يد الحاجة كوثر في المرحلة الابتدائية، وأتممت حفظه بسببها، فكانت تشجعني على الحفظ طوال الوقت، وأنا الآن أعمل محفظًا لكتاب الله تعالى كي أكمل المسيرة.

ويوضح محمد عبدالمنعم أحمد، طالب بالفرقة الرابعة، بكلية الطب جامعة الأزهر فرع أسيوط، أن الحاجة كوثر كانت بداية مشواره ونقطة انطلاقه في حفظ القرآن الكريم، وأنه أخذ بسببها "إجازة تدريس" في رواية حفص، واستكمل: "بدأت حفظ القرآن الكريم في الصف الثاني الابتدائي وختمته في الصف الثالث الثانوي، وكان القرآن الكريم سببًا في تفوقي وحصولى على المركز الأول على مستوى أسيوط في نتيجة الثانوية العامة، ودخولي كلية الطب، وتفوقي فيها أيضا، وأذكر في أي محفل وأي مكان فضل الحاجة كوثر علي بسبب حفظي القرآن الكريم على يدها".

مكتب تحفيظ

أما هارون عبدالرحيم، عمدة قرية المنشأة الصغرى وشقيق الحاجة كوثر، فقال إن أخته حفظت القرآن وتعلمته في البداية من الوالد، ثم الشيخ "علي" زوجها، وكانت محبة للقرآن لذلك بعد وفاة زوجها فتحت مكتب لتكمل مسيرة زوجها في تحفيظ القرآن الكريم للجميع.

تعليم الأهالي

الشيخ سيد أنور فراج، مفتش أول بإدارة أوقاف القوصية غرب، تحدث عن فضل الحاجة كوثر على الكثير من أهالي القرية، قائلًا: "في الحقيقة أنا تعملت القرآن الكريم على يد الشيخ علي رحمه الله زوج الحاجة كوثر، وأكملت حفظ القرآن الكريم على يد عمتي الحاجة كوثر، فكان لها فضل عظيم في اتمامي حفظ القرآن، وأخذت "إجازة معلم" بفضل الله، وحصلت على "سند متصل" والفضل يرجع لله عزوجل، ومن بعده الشيخ علي والحاجة كوثر، التي لا تتوانى في تحفيظ الجميع.

فيديو قد يعجبك: