"الصبح جرايد وبالليل شرابات".. قصة كفاح "أسمهان على العجلة" في البحيرة -فيديو
البحيرة - أحمد نصرة:
بعد صراع قصير، بين جسد متعب ينشد لحظات راحة إضافية لمداواة آثار إنهاكه، وعقل واعٍ يدرك ما على صاحبه من التزامات دورية لا تحتمل الإلغاء أو رفاهية التأجيل، انتصرت "أسمهان"، لنداء عقلها فنفضت غطاءها وقفزت خارج الفراش مسرعة لتبدأ مراسم يوم شاق جديد من رحلة كفاحها في الحياة حسبما اعتادت يوميًا.
لم يفلح تيار هواء شديد البرودة تسرب فجرًا عبر نافذتها المرصعة بالثقوب في النيل من عزمها أو إثنائها عن مهمتها، كان عليها أن تعد الشطائر لأبنائها الثلاثة قبل ذهابهم إلى مدارسهم، ثم تتجه إلى زوجها المريض المقعد لإطعامه ومساعدته في نظافته الشخصية، لتلتقط بعدها دراجتها الهوائية، وتخرج مع أول ضوء للصباح بحثًا عن الرزق.
"بوزع جرايد الصبح وببيع شرابات بالليل، هعمل إيه بس، بجري على رزق وقوت عيالي، الظروف خلتني أقوم بدور الأب والأم، وربنا يقويني عليهم".. بهذه الكلمات اختصرت أسمهان أو "أم منة" كما يناديها البعض، لـ"مصراوي" تفاصيل يومها العادي.
وتوضح أسمهان، أسباب نزولها للعمل قائلة: "في رمضان اللي فات جوزي تعب وجاله جلطة، ومبقاش بيتحرك بعدها، استنينا شهر واتنين، ومفيش تحسن في حالته، ومفيش مصدر دخل، والمصاريف زادت علينا، قلت مبدهاش وقررت أنزل اشتغل وألف بالعجلة.. في الأول جوزي كان رافض وخايف عليا بس أقنعته إن ما قدمناش غير كده".
وتتذكر أسمهان: "أول ما نزلت اشتغل بالعجلة فيه ناس كتير كانت مستغربة، وناس بتضايقني، واللي يشتمني ويقول لي انتي إيه مركبك عجلة إنتي مش محترمة، وساعات العربيات وأصحاب الموتوسيكلات كانوا بيزنقوا عليا متعمدين وأنا سايقة، وكانوا يوقعوني واتعور، بس بعد فترة أهالي دمنهور عرفوا قصتي وبقوا بيشجعوني وبيقفوا جنبي".
"ركوب العجلة مكانش فيه مشكلة بالنسبة ليا، أنا بعرف أركبها من وأنا طفلة، بس وأنا صغيرة كنت بأركبها ألعب بيها، دلوقتي بأشقى وأشتغل عليها" تحدثت أسمهان بنبرة حزينة.
وتقضي "أسمهان" نحو 12 ساعة يوميًا في العمل خارج المنزل موزعة على فترتين صباحًا ومساءً، فتقول: "بنزل من الصبح بدري أوزع الجرايد وأخلص على الساعة 12 بعدها أرجع على البيت أعمل الغدا للأولاد وأشوف جوزي محتاج إيه، وبعدين أنزل تاني على الساعة 5 بشرابات، وأرجع الساعة 11 بالليل".
ووفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام ٢٠١٧ تنضم أسرة "أسمهان" إلى 3.3 مليون أسرة تعولها سيدات لظروف مختلفة كالطلاق أو وفاة الزوج أو الهجر أو المرض.
"عندي منة في أولى إعدادي، وبسملة في تانية ابتدائي، ومحمد في أولى ابتدائي، الحمد لله بكافح عشان أصرف عليهم أكل ولبس وتعليم، بس مش قادرة أعالج جوزي، ولو جبنا علاج شهر الشهر التاني مش بنقدر نجيبه عشان المصاريف".
وتأمل "أسمهان" في توفير مصدر دخل يساعدها بشكل أفضل: "نفسي في أي مصدر رزق يساعدني على تربية أولادي، بس يكون عمل حر عشان أعرف أتحكم في وقتي لأن مفيش غيري بيراعي جوزي وأولادي".
الجدير بالذكر أن الرئيس السيسي أصدر في مارس 2017، مجموعة من القرارات لدعم المرأة المعيلة منها مبادرة قومية للمشروعات متناهية الصغر ممولة من صندوق "تحيا مصر"، خصص لها مبلغ 250 مليون جنيهًا، وكذلك دعم أسر المرأة المعيلة عبر بنك ناصر بمبلغ 50 مليون جنيه، للأسر الأكثر احتياجًا بقرى ونجوع مصر، وتستهدف استراتيجية مصر ٢٠٣٠ النزول بنسبة المرأة المعيلة تحت خط الفقر من 26.3% إلى 9%.
فيديو قد يعجبك: