إعلان

الطلب على الشعبي والتجار ينتظرون "الغريب".. أسعار أسماك السويس في الأرض (صور)

10:25 م الأحد 06 أكتوبر 2019

السويس- حسام الدين أحمد:

كانت رائحة اليود التي حملتها خياشيم وجلود أسماك خليج السويس الطازجة، تفوح في نسمات الهواء، مرورها عبر الثلج المجروش أضفى عليها برودة خفيفة، لطفت حرارة الجو داخل حلقة السمك بالسويس، التي تستقبل صباح كل يوم خيرات البحر.

نشاط مبكر
قبل الثامنة صباحًا تصل مراكب الصيد إلى رصيف ميناء الأتكة، هناك تعرض الأسماك في مزاد، يبدأ بالسعر الذي يحدده وكيل المركب، وفقًا لنوع السمك وحجمه، أغلب الصفقات تتم بالتراضي بين التجار، باستثناء الطاولات التي تحوي سمكتين أو 3 فهي أنواع فاخرة كبيرة الحجم، وتغري عيون التجار قبل الزبون.

تصل الأسماك طازجة، لا تزال تحتفظ برائحة مياه البحر تنفض عنها الماء في حركة خفيفة ترفض فيها أن تفارق الحياة، عيونها لامعة، تكسوها طبقة شفافة خفيفة، ما يسميه تجار الأسماك "الزبد".

في التاسعة يتنافس التجار في رص الأسماك على الثلج المجروش، محاولين جذب زبائن الصباح الذين يحضرون لشراء السمك الطازج قبل أن تقلب فيه يد غيرهم من المشترين.

قلة الطلب
كان غريب سيد، يفرغ طاولتي سمك حارت وكسكمري وباغة، ويرص كل منها على حدة، يمسكها من طرف زيلها ويرفعها فتقف القلم، دلالة على سلامتها، يتحدث لأحد المارة من الذين أعجبهم المشهد: "اتفضل الحارت والكسموري بخمسين".

يقول غريب إن حركة البيع ضعيفة، رغم انطلاق موسم الصيد ونزول أسماك البحر البلدي، وأرجع ذلك لتزامن الموسم مع بداية العام الدراسي والذي ارتفعت فيه نفقات التجهيز.

ويضيف تاجر الأسماك، أنه نتيجة لقلة الطلب عن المعتاد مع بداية كل موسم، خفض التجار أسعار الأسماك، حتى أن بعضهم يقدم عروض على الأسماك، مثل الحصول على كيلو هدية من السمك الشعبي عند شراء 2 كيلو من نوع آخر يصفه بأنه فاخر.

على مسافة منه، كان مصطفى أبو أدهم، يرص بضاعته من الأسماك الشعبية الأقل سعرًا، مثل الشخرم والصرع، والأحجام الصغيرة من السيجان والتي لا يزيد حجمها عن عرض أصابع اليد، يرد على زبون يسأله عن السعر فيجيب أن الشخرم والصرع 15 والسيجان 25 جنيهًا.

"لا غالي هاود دي ساعة استفتاح".. يرد الزبون محاولًا تخفيض السعر، بعد نقاش يحصل على 3 كيلو من الشخرم، أو كما يسميه البعض "أكلة الفقير" وكيلو سيجان مقابل 50 جنيهًا فقط.

خسارة قريبة
يقول مصطفى إن بعض الأسماك الشعبي تباع بسعر منخفض مع بداية الموسم الحالي، مقارنة بسعرها الموسم الماضي، رغم زيادة تكاليف الصيد، وأرجع ذلك إلى قلة الطلب على الأسماك الفاخرة، وانخفاض الكمية التي كان يشتريها الزبون الذي يقُبل على الشعبي.

ويشتري تاجر الأسماك أنواع فاخرة وأخرى متوسطة الفئة، ومعها الأسماك الشعبية والتي يقل سعرها عن 40 جنيهًا للكيلو بحسب وصف مصطفى، وأوضح أنه يلجأ في بعض الأحيان إلى تقديم السمك الشعبي هدية.

"بطلع كيلو الشعور الحر صيد سنار بـ120 ومعاه كيلو شخرم".. يوضح مصطفى أن فكرة عروض الهدايا بدأت الموسم الماضي مع ارتفاع الأسعار وانخفاض حركة البيع، لكنها انتشرت بقوة خارج الحلقة هذا الموسم حتى لا يتحمل التاجر قيمة بلاطات الثلج قيمة الواحدة 12 جنيهًا لحفظ 5 كيلو سمك أشتراها بسعر أقل من 60 جنيهًا، كما أنها لن تكون طازجة مثلًا كانت قبل يوم.

داخل الحلقة يضع عدد كبير من التجار بضاعتهم على طاولات في الطرقات، لجذب الزبون المتجول في الشوارع يبحث عن الأسماك بسعر منخفض، وهناك أصحاب محال في الشوارع القريبة من مدخل الحلقة تقدم الأسماك الفاخرة، مثل الشعور والهامور والناجل والكوشر والأنواع كبيرة الحجم لكن الطلب عليها كان محدود.

وجبة أسبوعية
"أكلة السمك البسيطة بتكلف 60 جنيهًا لـ4 أفراد".. يتحدث محمد زغلول تاجر أسماك وهو جالس أمام المحل، ويوضح أن أبناء السويس يفضلون الأسماك الشعبي والمتوسطة لأن سعرها مقبول يتراوح بين 20 و70 جنيهًا ويمكن تناولها مرتين أسبوعيًا، بينما الفاخر يقبل عليه أكثر الوافدين على المدينة.

وعن أسعار الأسماك الفاخرة يقول، سعر كيلو الشعور الحر صيد السنار بـ130 جنيهًا، ويصل وزن السمكة 2 كيلو جرام أو أكثر، بينما الحجم الوسط فسعره 105 جنيهات، وأسماك القطة أو القروش بسعر 60 جنيهًا، والدنيس بسعر 120 جنيهًا، والبوري صيد القناة البلدي بسعر 100 جنيه، أما الوارد من مزارع بورسعيد فيباع بسعر 60 جنيهًا للحجم الكبير.

واستطرد "زغلول" أن أسماك البحر مر على نزولها الأسواق 10 أيام، حيث وصلت بعد سروح المراكب بيومين، بينما عادت فُلك الصيد بعد يوم واحد من السروح يوم 18 سبتمبر الماضي.

"الحركة كانت حلوة أول كام يوم الناس كان واحشها سمك البحر واشترت بأسعار زيادة 10 و20 جنيهًا عن انهاردة".. يصف الحركة بعد فتح الموسم مباشرة ويضيف: "لكن دخول المدارس هدا البيع شوية بالنسبة للفاخر".

الزبون الغريب
في شارع آخر يعرض أغلب التجار فيه أنواع متشابهة من الأسماك الفاخرة، كان على شوقي يعيد رص الأسماك يحاول تشكيل لوحه فنية من ألوانها المتداخلة بين أحمر الهامور وفضي البياض وألوان الشعور والكوشر مشكلة ألوان الطيف تحت وأضواء المصابيح، وأشعة الشمس المتسللة من فتحات المظلات.

أخبرنا على أنه وجيرانه في السوق من تجار الأنواع الفاخرة كبيرة الحجم، يسعون لجذب الزبون الغريب، موضحًا أن أبناء السويس مستهدفين في البيع أيضًا لكنهم يستهوون أكل الأسماك متوسطة الحجم: "أنا ببيع فاخر بس عيالي وأهلي بيحبوا الشعبي والحارت الصغير والكسكمري"، يخبرنا عن ذوق أهل المدينة في طعام البحر.

لذلك فإن بضاعتهم تصبح رائجة نهاية كل أسبوع، حين يحضر للسويس المغتربين عنها في زيارة عمل، أو لقضاء العطلة ويحرصون على أن يعودوا بأسماك البحر الطازجة.

"ابن البلد يحب يأكل السمكة على مهله، يستمتع وهو بيطلع منها اللحم، إنما القاهري عايز السمكة السهلة إللي لحهما كتير وشوكها قليل وده موجود في الأنواع الفاخرة".. يصف لنا: "شوقي سر اختلاف الأذواق فيحافظ على بضاعته من التلف".

ويوضح على شوقي، أن الأسماك الفاخرة كبيرة الحجم تباع في السويس بسعر أقل من المعروض بسوق العبور في القاهرة، كما أن المعروض لدى التجار بحلقة السمك بسوق الأنصاري طازج أكثر كونه يجلب يوم بعد يوم من الأتكة.

الشعبي يكسب
في نهاية الحلقة، بالشارع الفاصل بين تجار طعام البحر، وبائعي الخضر والفاكهة بسوق الانصاري، جلست بعض سيدات يبعن بضاعتهم من الأسماك في أواني فاضت منها الأسماك الصغيرة.

هنا يجد المواطن البسيط ضالته، من الأسماك، فبين الشخرم والصَرع، يوجد حارت وكسكمري وسيجان وسهلية صغيرة الحجم، وتباع بسعر لا يزيد عن 15 جنيهًا للكيلو.

جلست إحدى السيدات تزيح الثلج عن بضاعتها التي وصلت للتو، ثم وقفت لتعلن عنها: "التشكيلة بـ15 والحارت 40 والحفارة بـ30 ببلاش يا ناس".. بعض المارة يقلبون في البضاعة، ترد السيدة الخمسينية: "مفيش نقاوة كلها طازة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان