إعلان

بعد 7 أشهر عجاف.. السوايسة "رموا الشبك" في انتظار الرزق (صور)

07:09 م الأحد 23 سبتمبر 2018

السويس - حسام الدين أحمد

بعد توقف عن الصيد دام أكثر من 7 أشهر، سرحت أمس السبت، مراكب ولنشات، وفُلك صيد الأسماك من ميناء الأتكة في موسم الصيد الجديد، والذي تأخر انطلاقه 3 أسابيع، بسبب الإجراءات الأمنية، وتأخر إصدار تصاريح الصيد.

" الجمشة"

قال بكري أبوالحسن، نقيب الصيادين في السويس، إنه من المتبع أن يتوقف الصيد بخليج السويس بداية أو منتصف أبريل من كل عام، فتتوقف العائمات الكبيرة عن نشاط الصيد، ويستريح البحر قرابة 5 أشهر، ثم يبدأ موسم جديد مع أول سبتمبر.

وأوضح "أبوالحسن" أن حركة الصيد بخليج السويس، توقفت 10 فبراير الماضي مع بدء العملية الشاملة التي تشنها القوات المسلحة ضد الإرهابيين في سيناء، وأضاف "حينها دخلت المراكب واللنشات الرصيف وربطت، ولم تغادر طوال 7 أشهر".

كشف بكري أبوالحسن أنها المرة الأولى التي يتوقف فيها الصيد طوال هذه المدة "في وقت حرب الاستنزاف وحتى أكتوبر 1973 كان البحارة يصطادون في الجمشة جنوب السخنة" يوضح بكري ما جرى قبل 50 عامًا عقب يونيو 1967.

وأكد "أبوالحسن" أن الصيادين كانوا مشاركين معنويًا في الحرب ضد الإرهاب، والتزموا بالتعليمات، وفترة الوقف المفروضة عليهم، رغم تضررهم من ذلك، وفي المقابل عدلت الجهات الأمنية المسؤولة عن تصاريح السروح، الفترة لتصبح 10 أيام للمراكب بدلًا من 12 ساعة فقط، وهي مدة كانت لن تكفي لمزاولة الصيد بأي حرفة سواء الشنشولا أو الجر أو بالسنار.

راحة بيولوجية

"رب ضارة نافعة".. يعلق نقيب الصيادين بأن فترة توقف الصيد الطويلة، نتج عنها راحة بيولوجية للأسماك والكائنات البحرية، فسمحت لها بوضع بيضها الذي تحوّل إلى أفراخ كبرت في البحر حتى وصلت للحجم الطبيعي للصيد، بينما زادت أحجام بعض الأسماك المعروف أنها في حجم كف اليد أو أكبر قليلًا وزادت حتى تجاوزت 25 سم على الأقل.

فضلًا عن أن الرخويات والفقاريات البحرية تمتعت بتلك الراحة، ونتج عن ذلك زيادة في حجمها خاصة الجمبري، وبعض فصائل الحبّار، والأسماك القاعية كالشعور والمرجان التي تنتشر في الشعاب المرجانية، ولها قيمة اقتصادية وغذائية مرتفعة.

شهر سروح

"السروح محدد لمدة شهر وإذا استقر الوضع دون حدوث مخالفات سيستمر الموسم" يتحدث مرسي بدير، وكيل مراكب صيد عن الفترة التي حددتها الجهات المعنية للسروح كاختبار لطبيعة العمل بالصيد في ظل الأوضاع الجارية في الحرب على الإرهاب بسيناء.

وأضاف "بدير" أنه يأمل والصيادون أن يستمر موسم الصيد حتى نهايته العادية، أول أبريل المقبل، حيث تبدأ الأسماك في التكاثر، ويتوقف الصيد، دون حدوث ما يعكر صفو الصيادين ويحرمهم الرزق.

"احنا أكتر ناس اضرينا من الوقف، والصياد مش لاقي يصرف على بيته، ومصلحتنا استقرار الوضع".. هكذا قال "بدير" مشيرًا إلى أن مراكب ولنشات الصيد استعدت للموسم، وبدأت أعمال الصيانة وعمرة المحركات من أغسطس الماضي، وجرى تموين المراكب بالسولار و"الزوادة" وهي الطعام والمؤن اللازمة للبحارة العاملين على المركب ليتغذوا عليها خلال وجودهم في البحر.

240 ألف للرحلة

أوضح "بدير" تكلفة رحلة الصيد التي تستغرق 20 يومًا، قائلًا "عمرة المحرك قوة 425 حصان تتكلف 250 ألف جنيه، وهي المحرك الذي تعتمد عليه مراكب ولنشات الصيد" ولفت إلى أن العمرة تجرى مرة واحدة قبل بداية الموسم.

وأضاف أن هناك 110 آلاف جنيه قيمة 105 براميل سولار تستهلكها المركب في الرحلة بواقع طن في اليوم الواحد، وتضاف لتلك التكلفة 10 آلاف جنيه قيمة الزيت الذي يحترق في المحرك مع الرحلة.

وهناك 120 ألف جنيه أخرى، قيمة الزوادة والطعام والمؤن اللازمة للصيادين، والثلج، موضحًا أن غرفة حفظ الأسماك ما هي إلا غرفة معزولة عن الهواء لها باب محكم الغلق، وعقب الصيد يجرش البحارة الثلج ويضعونه على الأسماك، ولا توجد ثلاجات بالمراكب كما يعتقد البعض.

وأوضح وكيل مراكب الصيد أن هناك 10 آلاف جنيه إضافية مصروفات نثرية، وأن إجراءات الصيانة واجبة عقب كل رحلة.

وأضاف أن الجهات الأمنية المعنية بالتصاريح حددت مدة 10 أيام كفترة سروح للمراكب، و7 أيام للنشات، و5 أيام لفُلك الصيد العاملة بمرسى السلخانة خلف قرية الحجاج.

تحديد المواقع

كان سيد أبوالعز، رئيس مركب "رزق غربية" ممسكًا بقطع صغيرة من الورق مدوّن عليها أرقام، تمثل أماكن تجمعات الأسماك بخليج السويس، والتي لا يمكنه الوصول إليها بسهولة إلا بعد إدخال الإحداثيات على جهاز "الجي بي إس"، المزودة به كابينة القيادة بالمركب التي يعمل عليها، و22 بحارًا وصيادًا آخرين.

"الأماكن دي تعريشة للسمك، يتجمع حواليها بكميات كبيرة جدًا وصيدها سهل بشبك الجر".. هكذا أوضح "أبوالعز" كيف يصلون إلى أماكن السمك، عبر الجهاز الذي حول الأرقام إلى نقاط تحدد مواقع وخط سير الوصول إلى تجمعات الأسماك الكبيرة.

على اليسار يوجد جهاز آخر أصغر حجمًا، في الكابينة، ويخبرنا رئيس المركب أنه المسؤول عن تحديد الأعماق أسفل المركب، ما يجنبهم الاصطدام في الجزر المرجانية المغمورة، ويرصد أيضًا أماكن وجود الأسماك بالأماكن العميقة خاصة مع تحرك المركب، يعرفه الصيادين باسم "سكان ديب".

ولفت "أبوالعز" إلى أن المركب لا يمكن أن يتوقف في مكان عمقه أقل من 7 قامات، بينما اللنش يتوقف في عمق يصل 3 قامات، ما يمكنه أن يقترب أكثر من الشاطئ، أو الجزر المرجانية.

يعمل رئيس المركب في مهنة الصيد منذ أن كان صبيًا، في ذلك الوقت لم يعرف البحارة، ولا أصحاب المراكب تلك الأجهزة، وقال "أبوالعز" إن الصيادين قديمًا كانوا يعتمدون على خبرة أسلافهم من كبار السن، ومراقب البرج الذي يستقر في أعلى نقطة في المركب، مع الاعتماد على إلقاء الطعوم الخفيفة، وماء مغلي كانوا يضعون فيه الأسماك التي تمتاز برائحة قوية مثل البلاميطة فتتجمع الأسماك حول الماء "الزفر" ويسهل جمعها بالشباك.

مصاريف المدارس

على الرصيف الشمالي كانت عشرات الفلك، متوقفة يربط البحارة الشباك ببعضها بخيوط الغزل، فتجمع أكبر كمية من الأسماك، ورغم تأخر بدء الموسم، وبقائهم 7 أشهر بدون مورد زرق، فإنهم كانوا سعداء بالسروح والصيد مجددًا.

"عندي ياسين وسلمى في المدرسة" قال غريب أبوصبيح، وهو يُدخل المؤن بخزنة الفلوكة التي يعمل عليها و5 بحارة آخرين، وأخبرنا أنه رغم الضيق الذي عاشه الأيام الماضية لافتقاره إلى ما يشتري به مستلزمات المدارس لطفليه "ياسين" المقيد بالمرحلة الابتدائية بمدرسة سعيد البشاتلي، وشقيقته "سلمى" الأكبر بعامين، إلا أنه يأمل أن يعود فجر الغد، حاملًا في شباكه رزقًا وفيرًا يغطي مصاريف الطفلين، ويعينه على شراء ما يحتاجان.

حصة صيد

كان اللواء عبدالمجيد صقر، محافظ السويس، والدكتور أيمن عمّار، رئيس هيئة الثروة السمكية، والدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة شهدوا صباح السبت، افتتاح موسم الصيد بميناء الأتكة بمنطقة الأدبية.

وأطلق محافظ السويس إشارة بدء الموسم، خلال تواجده وسط الصيادين وقيادات جمعيات مراكب ولنشات الصيد، وأعضاء نقابة الصيادين، وعدد كبير من أعضاء الجهاز التنفيذي بالمحافظة.

وقال اللواء "صقر" إن أصحاب المراكب واللنشات سوف يقدمون حصة من الأسماك الشعبية حصيلة الصيد لتباع بأسعار مخفضة في منافذ وزارة التموين والمجمعات الاستهلاكية.

بينما قال عمرو عمارة، شيخ الصيادين في السويس، إن عدد المراكب التي انطلقت 82 مركب صيد جر، سرحت من ميناء الأتكة، و340 فلوكة صيد خرجت من الميناء القديم خلف قرية الحجاج.

كما سينطلق 82 لنشًا تعمل بحرفة الشنشولا الأحد 20 من محرم، الموافق 30 سبتمبر الجاري، كون حرفة الشنشولا تعتمد على الصيد في الليالي المظلمة، التي يكون فيها القمر في طور الهلال، ويجمعون الأسماك على أضواء الكشافات الضخمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان