"كارما وبكار والقرد بيتكلم".. "خواجة" قصة نجاح مصمم خطوط دون العشرين
البحيرة – أحمد نصرة:
في أحد أيام شهر يناير عام 2017 كان أحمد خواجة يسير دون هدف في شوارع القاهرة تتقاذفه الأفكار والهواجس حول مستقبله، يستنشق نسمات الشتاء الباردة بعمق ويعود ليزفرها ببطء متعمد، محاولًا أن يغسل بها يأسه وإحباطاته، في رحلة البحث عن المصير منذ أن غادر مسقط رأسه بمحافظة البحيرة وحيدًا مغامرًا، لاهثًا وراء حلمه واستثمار موهبته التي يحبها في أن يصبح فنانًا ومصمم خطوط محترفًا.
استطاع "خواجة" قبل أن يتجاوز سن المراهقة، تحقيق خطوات ناجحة في سن صغيرة سبق بها أقرانه، ولكن كل ما فعله ذهب أدراج الرياح بعدما عادت به الثانوية العامة لنقطة الصفر، اضطر إلى التفرغ لها تمامًا وجاء ذلك على حساب عمله والاعتناء بموهبته فانصرف عنه عملائه وافتقدهم رويدًا رويدًا، ورغم كل ذلك جاءت النتيجة محبطة ولا تعوض حجم تضحياته.
في خضم صراعه الداخلي انتبه "خواجة" فجأة لمجموعة من العمال بمنطقة رمسيس يعملون على تعليق لافتة عملاقة كانت من الضخامة إلى الحد الذي انتزعه من أفكاره، دفعه الفضول إلى متابعة لحظات الكشف عن هوية الإعلان، ومع نزول اللافتة وظهور محتواها ببطء بدأ عقله يتحفز ويتفاعل مع شيء مألوفا له، فما أن كشف عنها بالكامل حتى ألجمه الذهول، ولم يجد أمامه ما يفعله سوى أن يخر ساجدًا، حتى ظنه المارة مجنونًا.
لم تكن اللافتة سوى أحد أعماله التي صممها منذ عام تقريبًا ونسيها تمامًا بعدما ظن أنها فشلت في حوذ القبول، فإذا بها تخرج للنور وتصبح البطل الأول في الحملة الإعلانية لفيلم "القرد بيتكلم" .
يتحدث فنان ومصمم الخطوط أحمد خواجة إلى مصراوي قائلًا: "هناك العديد من التصميمات التي نفذتها لأعمال فنية هامة، ولكن يظل "القرد بيتكلم" هو التصميم الأهم في حياتي لعدة أسباب أهمها أنها كانت سببًا في انتشالي من مرحلة يأس وإحباط، وأعطتني دفعة معنوية هائلة أعادتني بقوة للعمل الذي أحبه بعدما استرددت كثيرًا من الأمل كنت بدأت في فقدانه".
ويستطرد خواجة: "كذلك من حسن حظي أن الحملة الدعائية للفيلم اعتمدت بشكل أساسي على السوشيال ميديا والشوارع وكان اللوجو هو البطل الأساسي في الحملة فارتبطت الصورة الذهنية للفيلم بتصميمي".
ويكمل "جاءتني مكالمة هاتفية في الساعة الثانية بعد منتصف الليل من مصور الفيلم، طلب مني التعاون معهم، في العادة أقدم ثلاثة تصميمات مقترحة للعميل ليختار من بينها، في هذا الفيلم كنت أعمل بتحدي وحماس غير عادي محاولًا إثبات وجودي فقدمت 57 تصميمًا مقترحًا وهو رقم غير طبيعي نال جهدًا خارقًا".
ويتحدث خواجة عن تفاصيل دخوله هذا المجال: "بدايتي كانت بسيطة للغاية عندما كنت في الصف الأول الإعدادي كنت أنشر تصميمات لي على مواقع التواصل الاجتماعي وكانت تحظى بالإعجاب، ثم تعرفت على صديق يدعى عبد الرحمن أدين له بالفضل فيما وصلت إليه، فأقنعني باحتراف ما أفعله ودراسته على أسس علمية وبدأت بالعمل في مجال التصميم داخل مطبعة بدمنهور بأجر زهيد للغاية، ولكنني لم أكن أنظر للمقابل المادي بقدر رغبتي في اكتساب الخبرة، أثناء ذلك كنت حريص على تعلم الخطوط، وكنت أسافر للقاهرة لأعرض أعمالي على كبار الخبراء وأستمع لملاحظاتهم وكنت أعاني حتى يقبل أحدهم الجلوس معي نظرًا لصغر سني وقتها إلى أن وصلت إلى مستوى وضعني في مصاف متميز بين أصحاب المهنة".
وينتقل خواجة للحديث عن أحد أعماله الهامة: "بذلت جهدًا كبيًرا في لوجو مسلسل الأطفال بكار فظللت لمدة 3 شهور تقريبًا عاكفًا على الإطلاع على الفن النوبي وعناصره وتفاصيله، حتى أستطيع إخراج عمل مستوحى من البيئة النوبية، وأعتقد أنني نجحت في إخراج عمل جيد، ولكن للأسف فوجئت عند نزوله على تتر المسلسل بحدوث تعديلات غير مدروسة عليه شوهته".
لوجو فيلم كارما كان له قصة طريفة معي فقبل عام ونصف تقريبا خاطبني الفنان عمرو سعد لعمل لوجو للفيلم، ونفذت العمل بالفعل ونسيته، وبعدها بعام خاطبتني شركة الإنتاج لعمل اللوجو فنفذت مجموعة من التصميمات وقع الاختيار على واحد منها، بعدها عاد عمرو سعد وطلب اللوجو الذي اتفق عليه معي فأخبرته أنني سلمت تصميمًا للشركة، فطلب أن أصمم واحدًا آخر خاصًا به لاستخدامه في الدعاية عبر السوشيال ميديا ففعلت وظهر تصميمان للوجو الفيلم واحد رسمي وآخر عبر السوشيال ميديا والاثنان من تنفيذي دون تنسيق بين بطل الفيلم والشركة المنتجة اللذان استعانا بي كلاهما بشكل منفصل.
"هدفي الذي أعمل عليه حاليًا هو إعادة قيمة الحروف والحفاظ على الخط العربي من التشويه بعد أن تأثر كثيرا بدخول مصممين يعملون على أسس غير علمية وأحاول أنا ومجموعة من زملائي ومن تعلموا على يدي تكوين مدرسة مهنية تسير في هذا الاتجاه".
فيديو قد يعجبك: