"الشيخ محمد".. المعتكف خدمةً بمقابر الجالية اليونانية في الإسكندرية (صور)
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
الإسكندرية - محمد البدري:
في مقابر الجالية اليونانية بالإسكندرية يعكف رجل مسلم على خدمة المكان منذ سنوات طويلة للمساعدة في دفن أبناء الجالية من المسيحيين، ليعكس مثالاً حيًا على الاندماج مع ثقافات المجتمع وطوائفه ومعتقداته، استقاءً للمبادئ الإنسانية بغض النظر عن الدين والعرق.
محمد عزام، أو كما يلقبه رواد المقابر بـ"الشيخ محمد"، هو أكبر العاملين في مدافن اليونانيين، يحرص على ممارسة عمله بشكل يومي منذ ما يزيد على 14 عامًا، مستعينًا بإتقانه اليونانية في الترجمة للزائرين الذين لا يتحدثون العربية، بالإضافة إلى مساعدة زملائه في دفن الموتى وفق الطقوس المتبعة في الديانة المسيحية.
مع أذان الفجر يبدأ الشيخ محمد يومه بإمامة صلاة جيرانه في المصلي المجاور لمنزله في منطقة المنتزه شرقي الإسكندرية، بعدها يبدأ التحضير لينطلق في الساعات الأولى من الصباح إلى مقابر المسيحيين من أبناء الجالية اليونانية ليبدأ عمله في استقبال الزائرين ومساعدة الوافدين للمرة الأولى في الوصول إلى مقابر أسلافهم الذين عاشوا ودفنوا في أرض مصر، ولا يتخلف محمد عن إمامة الصلاة سوى فترتي الظهر والعصر اللتين تتزامنان مع وقت عمله.
يقول الشيخ محمد: "بدأت العمل في الجمعية اليونانية المسؤولة عن مقابر الجالية عام 2004، وذلك كان أثناء تواجد مجموعة من المهندسين اليونانيين الذي جاءوا لإجراء بعض الترميمات في منشآت تراثية، حيث احتاجت الجمعية إلى شخص يستطيع التواصل بين الوفد الهندسي الأجنبي والعمال المصرييين أثناء عملية الترميم التي استمرت أشهر. والتحقت بالعمل عن طريق أحد معارفي اليونانيين الموجودين بالإسكندرية منذ زمن".
يضيف الشيخ محمد، في حديثه لمصراوي: "بقيت في عملي بالترجمة من اليونانية إلى العربية، وبعد إتمام الترميمات التي امتدت لنحو 5 أشهر وانتهاء مهمة المهندسين والعمال، طلب مني المدير المسؤول عن المدافن البقاء والاستمرار في العمل داخلها لمساعدة أي زائرين يونانيين من المهتمين بالحضور إلى المقابر".
أتقن الشيخ محمد اللغة اليونانية أثناء فترة عمله بالخارج، إذ سافر إلى اليونان في الثمانينيات للبحث عن فرصة عمل بعد أن حصل على شهادة الدبلوم الصناعي، وبدأ تجربته بالعمل في أحد المطاعم حتى وجد ضالته في أحد مصانع الموبيليا بأثينا، وبدأ يتعلم اللغة من المعاملات اليومية، وأثقل تعليمه بشراء عدد من الكتب التي ساهمت في إجادته لها، ليستمر بقاؤه في اليونان نحو 15 عامًا، رُزق أثناءها بمولوده الأول قبل أن يقرر العودة إلى مصر بعد إتمام نجله عامه السادس، بدأ بعدها عمله في مقابر الجالية اليونانية التي كانت الأقرب إلى الثقافة التي تعايش معها من قبل.
ويوضح الشيخ محمد أن عمله ليس مقتصرًا فقط على التواجد في المدافن بل يمتد أيضًا إلى التواجد في الكنيسة التابع لها أبناء الجالية اليونانية فترات المناسبات والأعياد الدينية لمساعدتهم في التجهيزات واستقبال الوافدين للصلاة والاحتفال، مستعينًا بإتقانه اللغة اليونانية لمساعدة الزائرين.
وكشف أنه ليس المسلم الوحيد الذي يعمل في المدافن اليونانية إذ يوجد عدد من العمال الدائمين الذين يتولون حراسة المكان والمساعدة أيضًا في دفن الموتى إلى جانب زملائهم العمال المسيحيين الذين يعاونون القساوسة في طقوس الدفن داخل الكنيس الملحق بالمقابر.
وعن كيفية تعامل البيئة المحيطة به مع طبيعة عمله، يقول: "أحيانا أواجه تساؤلات من زائري المكان الأجانب عندما يقولون لي كيف أنت مسلم وتعمل هنا في مقابر المسيحيين، وأجيبهم بأنه لا توجد مشكلة في ذلك الدين لله، وهو من سيطلع على نوايانا في النهاية. كلنا من آدم، هذا عملي الذي أؤجر عليه وهو لا يتعارض مع عقيدتي".
ويتابع: "لم أواجه أي مشاكل مع المحيطين بي بشأن عملي لأن الناس في الإسكندرية لا يزالون يحملون الخير في قلوبهم خاصة وأن التعايش مع الثقافات المختلفة جزء أصيل من طبيعة الحياة في المدينة".
وتعليقًا على الأحداث الإرهابية التي شهدتها مصر ودول المنطقة الفترة الماضية بدعوى تكفير الآخرين، قال: "الإرهاب مفهوم خاطئ وأصحابه يعتمدون على أشياء ليس لها أساس من الصحة ويأخذون من الآيات ما يناسب أهواءهم فقط، ولا أحد يملك السلطة في التكفير سوى الله، وتعلمت أن أتعامل مع كل الناس بالصورة التي يرضاها الله لأنه من سيحاسبنا جميعا في النهاية".
وعن أمنياته في الحياة، اختتم الشيخ محمد حديثه قائلاً: "أنا تجاوزت عمر الستين ورأيت أيام خير كتير في حياتي ولا أتمنى غير أن تكون مصر بلدا جميلا ولا يحتاج إلى مساعدة من أحد وأن يجد الشباب فرصا لإثبات الذات".
فيديو قد يعجبك: