إعلان

بالصور.. هنا وقعت "المحرقة الجماعية" بالإسكندرية.. لماذا أشعل رجل أعمال النار في 11 شخصًا؟

04:58 م الأربعاء 02 مايو 2018

الإسكندرية- محمد عامر:

في سيناريو إجرامي يبدو أشد قسوة من "مذبحة القلعة" الشهيرة، سار رجل أعمال سكندري على خطى والي مصر محمد علي، عندما جمع أعداءه من المماليك بين جدران قلعته وأمطرهم بوابل من الرصاص، إلا أن الأخير استخدم إحدى أبشع وسائل القتل وهي "الحرق".

7 ساعات مرت على الحادث الذي هز الإسكندرية، حاول فيها "مصراوي" البحث عن أسباب قد تدفع أبًا لإشعال النيران في زوجته وأبنائه الأربعة و6 آخرين من أقاربهم، انتقامًا منهم لطلب زوجته الطلاق، ويتركهم وسط النيران وينتحر بعدها قفزًا من نافذة غرفته.

العقار رقم 82

خطوات قليلة تفصل مسرح الجريمة عن ميدان السيوف شماعة شرقي الإسكندرية، تبدو الأجواء هادئة بعد ليلة عصيبة أضاءت فيها نيران شقة جارهم "البدري. م. ال"، صاحب مكتب رحلات، ظلامها.

بعد وصولنا إلى شارع وديع باسورد، لم يحتج الأمر وقتًا طويلًا للبحث عن وجهتنا المقصودة، فالشارع ما زال غارقًا في المياه المستخدمة لإطفاء الحريق، والأدخنة والغبار حولت إحدى شرفات الطابق الخامس بالعقار رقم 82 إلى لوحة سوداء قاتمة.

وأمام مدخل العقار، تصادف قدوم أحد قاطنيه، يقيم في الطابق الرابع، ليبادر بالحديث عما دار في الطابق الذي يعلوه قائلًا: "الأستاذ البدري على طول في خناق وخلافات مع زوجته، وإمبارح اتصل بأسرتها وعملوا قعدة للصلح، والساعة 10 ونص لقينا صراخ والشقة بتولع".

ويضيف الجار، رافضًا ذكر اسمه: "شقة الزوجية باسم الزوجة، هو كان من سنين شغال في الكويت، وأعتقد أنه تضايق من إصرارها على الطلاق وأنه هيفقد الشقة وكل شيء، فولع فيها هي وأولاده الأربعة وأمها وأبوها وأختها وزوجها وابنها، رمى نفسه في المنور".

مرض نفسي

"الأولاد الأربعة بخير لأن غرفتهم في آخر الشقة".. يقول الجار بينما نتوجه معه للمصعد للوصول إلى مسرح الجريمة، قبل أن تقاطعه جارته بسؤاله عن موعد عودة الغاز الطبيعي بعدما تم فصله، أمس، كإجراء احترازي متبع في حالات حريق أو انهيار العقارات.

هل كان يعاني مرتكب الجريمة من أي مرض نفسي؟ سؤال طرحناه على مرافقنا ليأتي رده سريعًا بالنفي، متابعًا: "بالعكس عمرنا ما لاحظنا عليه أى شيء دا حتى صوته هادي دايمًا وبيتعامل معانا في اتحاد ملاك العقار كويس".

رائحة الحريق النفاذة وحرارة مرتفعة ما زالت عالقة في أجواء طرقة الطابق الخامس، تبدو لنا وكأن الحريق أخمد منذ دقائق فقط، ربما كان هذا أخف وطأة من مشهد شقة الأسرة المجني عليها، عرفنا ذلك بعد وصولنا إلى هناك.

آثار المحرقة

كيف نجا معظم أفراد الأسرة من هذه المحرقة؟ سؤال دار في الأذهان بينما نشاهد آثار النيران وقد أكلت كل شيء حتى إنها لم تكتفِ بالموبيليا والستائر والسجاد فقط فالحريق التهم الجدران أيضًا وصارت دون محارة أو طلاء.

"بتصوروا إيه خلاص مبقاش في شقة خلاص".. تقول "رورو" الأبنة الكبرى لتدخل بعدها في نوبة بكاء، مشيرة إلى أنها جاءت بصحبة إحدى أقاربها لجمع ما تبقى من متعلقات والدتها وأشقائها الثلاثة "رزان" 7 سنوات، و"محمد" 8 سنوات، و"أحمد" 9 سنوات.

"دي أوضتي.. ودي أوضة أخواتي.. وهناك أوضه الله يحرقه، في إشارة إلى والدها، مش عارفين نعمل إيه ماما ماتت وهو انتحر وجدي وجدتي وخالتي اتحرقوا وأختي عندها امتحان نعمل إيه؟".. سؤال لم أجد له إجابة أرد بها على ابنة خرجت منذ ساعات من الجحيم.

فيديو الجدة

تحكي الطفلة ما جرى هنا قبل ساعات بينما أتذكر مقطع فيديو تداوله نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لجدتها تحاصرها النيران داخل شرفة الشقة التي أقف بين حطامها تستغيث بالجيران.

"ماما عالطول كانت على خلاف مع بابا هو مش بيصرف علينا خالص ولا يعرف حاجة عننا رغم أنه يقيم معنا جدو شغال في شركة بترول وهو اللي كان بيصرف علينا.. وطلبت الطلاق وهو رفض فرفعت قضية خلع وكان هيتم النظر فيها يوم الأحد المقبل".

تهديد الأب

وتابعت"رورو": "مكنتش متخيلة إنه هينفذ تهديده.. علطول كان بيقول لماما إنه هيولع فينا علشان كدة جده قاعد معانا في الشقة من 3 شهور خايف علينا منه، وإمبارح بابا كلم صديقه أحمد وقاله يجي علشان هيجمع قرايبنا ويعمل قعدة لإنهاء الطلاق ودي".

"فجأة سمعنا بابا بيصرخ في الصالة وبيقول أن هريحكم مني خالص ورش بنزين بسرعة، وولع في كل الموجودين ودخل أوضته وقفل على نفسه بالمفتاح ورمى نفسه في المنور ومات".

تروي الطفلة لحظات حَول فيها الأب المنزل لجحيم بتماسك فتاة قد لا تبدو في الثانية عشرة من عمرها وهي تشير إلى النافذة والمكان الذي سقط فيه والدها جثة هامدة بينما النيران تلتهم باقي أسرتها.

وتضيف الابنة: "محمد أخويا كسر زجاج الباب برجله علشان يفتح الباب.. أوضته الوحيدة اللي بعيدة عن الحريق ومحصلهاش حاجة.. وقفنا في الشباك والجيران في الشقة اللي في وشنا فضلوا يرشوا علينا ميه".

خالتي بتتحرق

وتتذكر "رورو" لحظة دخول خالتها "شيماء" التي حضرت لإنهاء الخلاف بينهما بصحبة زوجها "إسلام" 34 سنة، ونجلهما "آسر" 5 سنوات والنيران مشتعلة بظهرها حينما قامت وأشقاؤها بإلقاء بطانية عليها لإخماد النار.

التواجد داخل الشقة المتفحمة فترة طويلة كفيل أن يصيب شخصًا بالغا بالاختناق والإجهاد، وعلى الباب حضر جارهم "محمد عبدالله" ليصحبنا إلى شقته، مشيرًا إلى أضرار لحقت بمنزله من جراء الحريق.

"شقتي اتحرقت من النار.. أولادي ومراتي كانوا في الشقة وجروا مع اشتعال النيران.. حتى الآن المحارة والسقف بيفرقع من الحرارة حتى الشقة اللي في الدور السادس هي كمان اتضررت.. كنت موجودا مع ضباط المباحث وعرفت إن الزوج جاب جركن بنزين وإسبراي وولاعة وحرق الشقة".

شهامة شباب السيوف

ويضيف عبدالله بينما يطمئنه جاره الآخر على سلامة أعمدة العقار: "بينما زوجته تواسي الطفلة في محنتها: "شباب المنطقة ربنا يبارك فيهم دخلوا عندي البلكونة وجابوا طفايات وفضلوا يطفوا وأنقذوا جدة رورو من الحريق من خلال سلم، ونقلوها لبلكونتي".

أوراق الواقعة التي حملت رقم 1118 لسنة 2018 إداري قسم شرطة ثالث المنتزه، ما زالت تحوي الكثير من المآسي والمفاجآت فما زال هناك 4 أشخاص من العائلة يرقدون في المستشفى الأميري في حالة خطرة هم "الجد والجدة والخالة وزوجها"، بينما لقي الزوج والزوجة وصديق الزوج مصرعهم.

6 قرارات للنيابة

وتجري نيابة ثالث المنتزة تحقيقات موسعة في الواقعة بإشراف المستشار أشرف المغربي المحامي العام لنيابات المنتزة والذي أمر بتشكيل فريق من النيابة لمتابعة التحقيقات وندب خبراء الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الحادث ورفع آثار الحريق وتشريح جثث الضحايا والتصريح بدفنهم عقب ذلك وسرعة إجراء تحريات المباحث حول الواقعة.

كيف نجا زوج الخالة

واستمعت النيابة إلى أقوال زوج شقيقة الزوجة- الوحيد الذي تسمح حالته بسؤاله- قائلًا إنه تمكن من الهروب من موقع الحريق والتسلل إلى عقار مجاور، مشيرًا إلى هناك خلافات زوجية بين الزوجين وأنهم حضروا لمحاولة الصلح بينهم ومع إصرار الزوجة على موقفها بالانفصال فوجئوا بالزوج يحضر جركن بنزين يسكبه على نفسه ويشعل النيران.

اقرأ أيضًا..

قتيلان و11 مصابًا.. الزوج أشعل النار بزوجته وأبنائه وأقاربهم في الإسكندرية (فيديو وصور)

نهاية مأساوية لقاتل زوجته وأبنائه وأقاربهم بالإسكندرية.. وعدد القتلى يرتفع لـ3

فيديو قد يعجبك: