بالصور| "الأسطى منة".. احترفت الحِدادة في طفولتها لمساعدة والدها
كفر الشيخ - إسلام عمار:
هنا في كفرالشيخ، بالأجنة والشاكوش والصاروخ، امتزجت نعومة الأنثى وبراءة الشباب، بالحديد والنار، على يدي "منة"، الطالبة بالصف الأول الثانوي الصناعي، والتي لم تتجاوز 15 سنة، داخل ورشة حدادة بين عشرات الورش في المنطقة الصناعية بمدينة دسوق.
بداية الحكاية
"بدأت العمل بالحدادة وأنا عندي 7 سنين.. اتعلمتها في شهرين.. والحمد لله بقيت أسطى كبير ومبسوطة من شغلي"، هكذا بدأت ميرنا أيمن محمد محمد الجمّا، وشهرتها "منة"، في سرد قصتها لــ"مصراوي" قائلة إن مهنة الحدادة علمتها التجارة، والصبر، وكيفية جلب الرزق والقرش الحلال.
قالت "الأسطى منة" كما يناديها الحرفيون من زملائها في المنطقة إنها عندما وصلت السابعة من عمرها كانت تذهب إلى ورشة أبيها، ولشدة تعلقها به كانت تشعر بتعرّضه للإرهاق، خلال عمله، فكانت تقف بجواره، متضامنة معه في كده وعرقه، تراقبه، وترى ما يفعله، شيئًا فشيئًا أحببت المهنة، وقررت استكمال المشوار، فطلبت العمل معه في الورشة فوافقها.
تعليم والدها
وأوضحت "ميرنا" أنها بدأت احتراف المهنة بطريقة عملية، عندما كانت ترى والدها ممسكًا بالشاكوش والأجنة والصاروخ، تعلمت كيف يمسك أدواته ويتمكّن بها من ليّ الحديد، وإعادة تشكيله حسبما يريد.
"اتعلمتها في شهرين لأنها بصراحة مش عايزة ذكاء ولا حتى صحة وقوّة زي ما الناس فاهمة لكنها تعتمد على الإبداع وتقديم الجديد للزبون ليُعجب بالصنعة" هكذا اختصرت الشابة الصغيرة مهنة الحدادة في كلمتين.
وأضافت أنه من خلال عملها وعلى مدار 8 سنوات، من بداية احترافها الحدادة، ولغاية وقتنا هذا، عندما وصلت لسن 15 سنة، تعلمت تجارة الحديد، واللباقة مع الزبون، حتى لا يذهب لأي ورشة أخرى، يعني "بدل ما تضيع الشغلانة"، "شربت تجارتها كويس" حسب قولها، إذ تتوجه إلى مدن كفرالشيخ، والقاهرة، والإسكندرية، وميت غمر تجلب البضائع والخامات.
خبرة الوالد وعدم كسوف
أكدت "منّة" أنها لا تخطو أي خطوة، سوى بوالدها، لاحتياجها له، للاستفادة من خبراته، في العمل، وتجارة الحديد المختلفة، فدائمًا يوجهها بنصائحه، ويوجهها بشراء هذا وترك ذاك، مشيرة إلى أن يديها تشققتا من العمل.
وأوضحت أنها لا تخجل من مهنتها، فلا يوجد سبب للخجل، فهي تساند والدها، لعدم وجود شقيق لها يكون سندًا للوالد، وكلما تنجح في مهمة عمل مطلوبة، مثل صناعة باب صاج لمحل تجاري أو بوابات حديدية، يزيد الضغط عليها أكثر، لكن السعادة تغمرها، قائلة "رزق وربنا بعته لي.. ومافيش كسوف أنا بساند والدي".
من المدرسة للشغل
ولفتت الأسطى الصغيرة إلى أنها فصلت بين الدراسة والعمل، إذ تفتح أبواب الورشة 9 صباحًا، وتعمل فيها حتى الظهيرة، وفي الساعة 12 ظهرًا، ثم تسلم العمل لوالدها، وتتوجه لقضاء يومها الدراسي، حتى الساعة 4 عصرًا، وتعود مرة أخرى للورشة، وتظل هناك حتى نهاية اليوم.
وأوضحت "ميرنا" أنها تعمل في الإجازات الرسمية، مثل إجازتي نصف ونهاية العام الدراسي، طوال اليوم، من 9 صباحًا وحتى غروب الشمس، وأنها تتعرّض في كثير من الأيام للإرهاق الشديد مثل أي إنسان، لكنها تقول "ربنا بيقول من يتوكل على الله فهو حسبه".
ثمن المعاكسة "علقة سخنة"
روت "الأسطى منة" أنها تشاجرت مع شاب وطرحته أرضًا عندما حاول معاكستها، وذلك أثناء قيامها بشراء بضاعة من أحد الأسواق، موضحة أنها العقلاء أنقذوا هذا الشاب من بين يديها.
ووجهت رسالة للشباب قائلة أنها تحزن كثيرًا عندما ترى شبابًا يجلسون على المقاهي، ويشكون من البطالة، وعدم وجود عمل، فالعمل موجود وليس عيبًا مهما كان طالما أنه شريف، ومن يبحث عن الرزق لا ينظر إلى نوعية العمل.
مقابلة الرئيس والأب يتحدث
"نفسى أقابل الرئيس".. كلمات قالتها "منة"، في ختام كأمنية فهي تعشق الرئيس لحد الجنون، ودائمًا تتحدث عنه في مجالسها مع أي شخص سواء زميل أو زبون.
وفي السياق قال والدها أيمن محمد الجمال إن ابنته هي سنده في الدنيا، ومفتاح رزقه، الذي جلبه الله له، ولأسرته، إذ أنها تتقي الله في والديها، وشقيقتها الوحيدة، وتحرص على أداء الصلاة في وقتها.
وأضاف "فعلًا ماعنديش ولد يسند ظهري في الحياة، لكن "منّة" عندي بمليون ولد وراجل، ونفسي إن ربنا يحقق أمنيتها وتقابل الرئيس عبدالفتاح السيسي".
فيديو قد يعجبك: