بالصور.. "مصراوي" يلتقي أقدم عامل بالمشرحة المركزية في قنا

قنا - عبدالرحمن القرشي:

هنا تتجمد المشاعر على جدران المكان، ولا يملك الداخل إلا حبس الأنفاس والترحم على من رحلوا وبقيت أجسادهم شاهدة على جرائم قتل وحوادث وعمليات تشريح الطب الشرعي.

يعمل عم أشرف الدندراوي هنا في مشرحة الموتى المركزية بمستشفى قنا العام منذ أكثر من 25 عامًا، فهو أقدم عمال هذا المكان الذي يستقبل قرابة 40 جثة شهريًا من جميع مراكز محافظة قنا التسعة.

لم يخبر أسرته طيلة سنوات

عدسة "مصراوي" انتقلت إلى هذا المستقر قبل الأخير لأصحابه والتقت عم أشرف، الذي أوضح أنه بدأ عمله بالمشرحة في أوائل التسعينات "كنت برتجف خوفًا من مباشرة تلك الوظيفة القاسية بين الدماء والقتلى، لكنني مع الوقت أدركت أنه لا خوف من الأموات فالأذى مصدره الأحياء لا الموتى".

ويضيف عم أشرف أنه أخفى طبيعة عمله عن أسرته لسنوات خوفًا عليهم من تفاصيلها القاسية.

ويعتز عم أشرف المنحدر من قرية دندرة الواقعة غربي قنا بمهنته ويقول عنها: "مصدر رزق حلال، وطالما هي حلال فهي شرف لي".

ذكريات ضحايا "سالم اكسبرس"

يحكي عم أشرف عن أبشع جثث الضحايا التي تسلمتها مشرحته، قائلاً: "من المشاهد التي لا تفارق ذاكرتي جثث ضحايا غرق عبارة سالم اكسبرس في العام 1991، والتي استقبلت قنا أغلب جثث ضحاياها". ويضيف: "مع كثرة العدد المستلم تم انتداب عدد من مجندي الأمن المركزي لمساعدتي في نقل الجثث، وقتها حمل السرير الواحد أكثر من جثة وكانت معالم الجثث شاهدةً على ما عاناه أصحابها".

هكذا نستقبل الجثث

وعن التعامل مع الجثث المستلمة، يقول عم أشرف: "تُعد إلى التشريح وننتظر حتى صدور قرار النيابة العامة بالتشريح، ويأتي مندوبان من الطب الشرعي لتشريحها بفتحها من أسفل النحر وحتى السرة لمعاينتها جيدًا وكتابة تقرير واف عنها، وبعد ذلك تعود إلى ثلاجة التبريد على ألا تطول فترة تواجدها بالمشرحة عن أسبوع، ثم تُغسل وتُعد للدفن".

المطالبة ببدل العدوى

ويشتكي عم أشرف عدم حصول العاملين في مهنته على "بدل العدوى" أسوة بالعاملين في الفروع الخطرة التابعة لوزارة الصحة، ويوضح أن طبيعة عمله التي تجبره أحيانًا على جمع أشلاء الجثث تعرضه أكثر من غيره لخطر العدوى.

ويضيف: "راتبي بعد 25 عامًا من الخدمة لم يتجاوز 1650 جنيهًا ولدي أسرة مكونة من 5 أفراد، دون مراعاة لطبيعة عملي وقدمي فيها وخطورتها على صحتي".​