إعلان

بالصور- مصير "فيلا أجيون" يهدد حمام الذهب بالإسكندرية.. و"الآثار": فقد رونقه

05:03 م الأحد 06 أغسطس 2017

الإسكندرية – محمد البدري:

لا تزال محاولات طمس التراث مستمرة في الإسكندرية، بعدما فوجئ أهالي الإسكندرية، الجمعة الماضية، ببدء أعمال هدم "حمام الذهب" التاريخي بمنطقة العطارين وسط المحافظة، ما أثار غضب عدد من المهتمين بالحفاظ على التراث والتاريخ الخاص بالمدينة ومنها "الحمام" الذي يرجع تاريخه إلى العصر العثماني.

الواقعة التي لم يقدر لها الاكتمال بعد تدخل عدد من المهتمين بالتراث السكندري ليُصدر بعدها محافظ الإسكندرية قرارًا فوريًا بوقف الهدم والتحقيق مع المسؤولين عنه، أعادت إلى الأذهان واقعة هدم فيلا "أجيون" التراثية والتي تعرضت لأحداث مشابهة بدأت بأعمال هدم مفاجئ أعقبها قرار من اللواء طارق مهدي، محافظ الإسكندرية الأسبق، بوقف الهدم، إلا أن ذلك لم يحول دون هدمها بالكامل وهو ما يجعل حمام الذهب قد يواجه نفس المصير.

"مصراوي" زار موقع حمام الذهب الكائن بشارع صلاح الدين بمنطقة العطارين الشهيرة وسط الإسكندرية، ليرصد عن قرب حالة المبنى الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر الميلادي، إذ ظهر بصورة متردية عبارة عن بناء من الطوب الذي تأثر بعوامل الزمن، يكسوه مساحة كبيرة من النباتات، يحيطه حاجز من أقمشة السرادقات الخاصة بأعمال الهدم، واتخذ من سوره بعض الأشخاص سبيلاً لتعليق اللوحات الدعائية.

ولصعوبة دخول المبنى المحاصر بأدوات الهدم، لم يتثن تصوير الحمام من الداخل خاصة بعد ضياع ملامحه الرئيسية بسبب الإهمال ونقل أجزاء منه لمناطق أخرى، فيما استطاع "مصراوي" الحصول على صورتين من أرشيف الصور القديمة بمركز الدراسات الأثرية التابع للمجلس الأعلى للآثار توضحان ما كان عليه الحمام من ثراء معماري وزخرفي.

صمد 5 قرون.. وسجل أطول فترة إيجار موثقة في مصر

يقول الباحث الأثري محمد توفيق، إن الوثائق ذكرت أن حمام الذهب بني في أواخر القرن العاشر الهجري والسادس عشر ميلاديا، وإن كانت بعض الآراء ترجعه إلى نهاية العصر المملوكي، لكن المؤكد أن الأجزاء الباقية حاليًا من الحمام، وكذا الأجزاء التي كانت باقية وقت زيارته من لجنة حفظ الآثار العربية، ترجع إلى العصر العثماني.

ويضيف: "ثلث الحمام موقوف على جامع العطارين أما الثلث الباقي فكان ملك القاضي فتح الدين عفيف ثم آل إلى ابنته زينب، وأجريت له تجديدات وأعمال معمارية كثيرة خلال العصر العثماني كان أهمها عام 1625 ميلادية، وفي القرن الثامن عشر تولى إدارته شخص يدعى أحمد أبو شهبة بعد أن استأجره لمدة بلغت 100 عام و8 أشهر، وهي أطول مدة إيجار موثقة لحمام تراثي".

نقيب المرشدين السياحيين: هكذا بدأت الأزمة

يقول الدكتور إسلام عاصم، نقيب المرشدين السياحيين في الإسكندرية، إن آخر مالك معلوم للمبنى حصل على قرض من أحد البنوك بضمان الأرض ثم هرب، وآلت ملكية الأرض إلى البنك بعد الحجز عليها، وفي الوقت نفسه بقى المكان على حالته القائمة وسط محاولات من بعض المهتمين بإعادة إحيائه من قبل الدولة كمزار تراثي ثقافي.

ويضيف في تصريح خاص لـ"مصراوي": "فوجئنا يوم الجمعة الماضية بوضع بعض الأشخاص حواجز حول المبنى، تمهيدًا لهدمه، رغم علمنا بأن الأرض في حيازة البنك والمفترض في حالة القيام بنقل ملكيته يتم ذلك عن طريق نشر إعلانا بالبيع أو المزايدة العلنية وهذا لم يحدث".

ويشير إلى أنه التواصل مع وزارة الآثار، التي أجابت بأنه غير مدرج لديهم، ولا يوجد في الإسكندرية سوى حمام واحد مسجل بمنطقة أخرى، فيما نجحت محاولات وقف الأمر بشكل مؤقت بعد التواصل مع أعضاء بمجلس النواب ومحافظ الإسكندرية، الذي قرر وقف أعمال الهدم لحين فحص أوراق المبنى.

ويتابع: "لا أحد يعلم كيف حصل صاحب أعمال الهدم الحالي على ترخيص بفعل ذلك، ولا كيف تم ذلك دون إخطار الآثار، خاصة وأنه حتى الآن لم يتم التأكد من هوية الأشخاص المستفيدين من هدم المبنى سوى أنهم أفراد يريدون تأسيس عقار جديد".

4 حمامات فقط متبقية.. وهدم التراث يسيء لمصر في الخارج 

ويؤكد نقيب المرشدين السياحيين أن الإسكندرية متبقي بها عدد قليل جدًا من الحمامات التراثية لا يزيد عن 4 حمامات، واحد منها هو حمام الذهب بمنطقة العطارين، ولم يسجل كأثر لأسباب غير معروفة، حيث زارته لجنة من الآثار في وقت سابق وأعلنت أنه لا يرقى لتسجيله بالآثار، متسائلًا: "هل يُعقل أن يتم هدم مبنى من أصل 4 فقط متبقية من تراث الإسكندرية بدلًا من الحفاظ عليه؟".

ويوضح أن ما يحدث حاليًا له أبعاد دولية، ويمثل حالة من التناقض، إذ أن حدوث مثل تلك الممارسات يعكس للعالم أن المصريين لا يحافظون على تراثهم، في الوقت الذي يطالبون بإعادة الآثار المصرية المهربة للخارج.

مطالب بوقف الهدم والبناء بمناطق التراث

"كل الدنيا بتحافظ على تراثها إلا احنا بنهده".. كلمات قالها وليد منصور، من أهالي المنطقة وأحد المهتمين بالتراث، مضيفًا أن الثغرة التي تسمح بهدم التراث تتعلق بوجود الأبنية بمجلد الآثار من عدمها، وهو ما أتاح للغير القيام بالهدم لتشييد أبراج سكنية بملايين الجنيهات على أنقاض التاريخ.

ويضيف "منصور" في تصريح لـ"مصراوي"، أن آلية وزارة الآثار تحتاج للتعديل في مجال الحفاظ على المباني التاريخية، مشيرًا إلى أن بعض قوائم الآثار والتراث لم يجر تحديثها منذ سنوات.

ويطالب "منصور" باتخاذ الأجهزة التنفيذية قرارات حاسمة، لوقف الهدم والبناء في المناطق التي تحتوى على مباني تاريخية قبل فحص تلك المناطق بالكامل من قبل الجهات المختصة أسوة بمحافظة القاهرة التي سبق ونفذت تلك الآلية.

الآثار: لهذا السبب لم يتم تسجيله لدينا

من جانبه قال محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بمنطقة الإسكندرية والساحل الشمالي، إن الحمام لا يتبع وزارة الآثار وغير مسجل ولا يخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بالقانون رقم 3 لسنة 2010.

وأشار "متولي" إلى معاينة حمام الذهب أكثر من مرة، من خلال لجان متخصصة من وزارة الآثار، وصدور قرار من اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بعدم تسجيله لفقده معظم عناصره المعمارية الرئيسية.

وأكد أن منطقة آثار الإسكندرية مسجل بها حمام واحد فقط باسم "علي بك المصري" بمنطقة اللبان، بالإضافة إلى خمسة صهاريج، وهي صهريج "ابن النبية" بشارع السلطان حسين، وصهريج "دار إسماعيل" بشارع شريف، بالإضافة إلى صهريجي "بن بطوطة" و"الباب الأخضر" باللبان وصهريج المباهما بكوم الدكة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان