إعلان

بالصور.. غطاسو قسم الإنقاذ البحري بقناة السويس يروون "المهام الانتحارية" للحفاظ على سلامة الملاحة

02:59 م الأربعاء 16 أغسطس 2017

الإسماعيلية - إنجي هيبة:
تصوير - محمود خالد:

يوصفون بـ"الفرق الانتحارية".. يفتخرون بأنهم حماة القاع المجرى الملاحى لقناة السويس.. تستند لهم أصعب المهام وأخطرها.. يعملون في الأعماق.. تقتضى طبيعة عملهم أن يظلوا أسفل المياه لساعات طويلة.. يقهرون انعدام الروية.. يتواصلون بلغة الإشارة.. إنهم فرق الغواصين والمنقذين والفنيين بقسم الإنقاذ البحري بقناة السويس، أبطال الملحمة البحرية لاستمرار الملاحة دون توقف.

"مصراوى" عايشت "ضفادع القنال" (كما يطلق عليهم)، واستمعت لأبرز حكايتهم، واطلعت على أخطر
المهام التي أوكلت إليهم، وكان آخرها تطهير ميناء الإسكندرية.

بداية أوضح المهندس عابدين علي، رئيس قسم الإنقاذ البحري بقناة السويس، أن إنشاء القسم تزامن مع بداية الملاحة بالقناة، وعلى الدوام تستند له أدوار متعددة في حالة التشغيل الطبيعي والطوارئ.

وأشار رئيس قسم الإنقاذ إلى أن أبرز المهام التاريخية التي أسندت للقسم، كانت مهمة تطهير القناة ورفع مخلفات الحرب وتعويم السفن الغارقة وانتشالها، مع عودة الملاحة في 1975 بعد إغلاق دام أكثر من 8 سنوات بعد حرب 1967، وذلك بالتعاون مع شركات عالمية أمريكية، يابانية وهولندية، وهو ما أكسبهم خبرات متعددة.

وأكد المهندس "عابدين على" أن العديد من المهام أسندت لهم طوال العقود الماضية التي شهدت عدة مشاريع لتوسيع مجرى القناة، وتقليل وقت عبورها، بدأت عام 1980 وكان آخرها في 6 أغسطس 2015 مع افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع قناة السويس الجديدة.

وأفاد رئيس "الإنقاذ" بأن القسم يتبعه ثلاثة أقسام موزعة بمدن القناة الثلاث الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، لكل منه معداته وقوته البشرية، لافتا إلى أن اتساع عمق القناة صاحبه تطوير لمنظومة الغطس، وإخضاع العاملين بالقسم لدورات مكثفة في هذا المجال، وذلك بالتنسيق مع القوات البحرية، بمركز التدريب بالاسكندرية، وأخرى مع قسم التنظيم والتدريب، لاكتساب مهارات متعددة بين الانتشال واللحام والتقطيع أسفل المياه، كما كان هناك تنسيق مع المؤسسات الخارجية منها هيئة جايكا وسيدا.

وقال "عابدين" الذى يعمل بالقناة منذ 20 عاما، إن حفر قناة السويس الجديدة في 2015، كان أبرز تحدٍ واجه قسم الإنقاذ البحري، وتمكن من إنجاز المهام التي أسندت له بكفاءة عالية.

وبيَّن رئيس قسم الإنقاذ أنهم طوال حفر القناة الجديدة، كانوا يعملون طوال الـ24 ساعة بنظام الورادي، وتولوا متابعة الوحدات البحرية الأجنبية والمعاينات، بالإضافة لـ500 وحدة بحرية تابعة للقناة، حيث كانت تصل عدد المهمات إلي 10 استدعاءات في اليوم الواحد، كما أن تعطل الكراكة الواحدة يكلف 80 ألف يورو في اليوم، وهو ما جعلهم على أهبة الاستعداد دائما للتعامل مع أي عطل طارئ.

وعن أكبر عمليات التطهير التي شارك فيها قسم إنقاذ قناة السويس، نوه "عابدين" إلى أنهم تعاونوا مع القوات البحرية وهيئة ميناء الاسكندرية في تطهيره من السفن الغارقة خلال 30 سنة، وتمكنوا خلال عام من انتشال سفن خردة كانت تشغل وتعطل أرصفة بحرية بالكامل.

بدوره بيَّن المهندس محمد رمضان عبد الهادي، مدير أعمال الانقاذ البحري بهيئة قناة السويس، أن قسم الانقاذ يغطي طول المجرى الملاحي بقناة السويس، من بوغاز بورسعيد إلى بوغاز السويس، بقوة بشرية 50 شخصا في كل قسم بمدن القناة الثلاث، بين مهندسين وغطاسين وعمالة فنية وبحرية.

وبيَّن المهندس محمد رمضان أن قسم الانقاذ يتولى أعمال الصيانة الطارئة تحت الماء لأسطول هيئة قناة السويس، كما يؤمن السفن العابرة، مشددا على أن جميع الأعمال التي تتم تحت في قاع قناة السويس، سواء كانت أعمالا هندسية أو معاينات أو تحركات أو كراكات يقوم بها العاملون بالقسم، حيث لا يسمح لأي شركة خارجية بالتدخل والغطس أسفل المجرى الملاحي.

وأكد مدير أعمال القسم أنهم يعملون ضمن مخطط لتطوير الانقاذ البحري بقناة السويس، حيث يستقبلون دفعات غطاسين متعاقبة كل 3 سنوات لنقل الخبرات في مجال الانقاذ البحري، موضحًا أن نقل الخبرة في هذا المجال واكتمالها يستغرق نحو 10 سنوات، كما تنفذ القناة خطة لتطوير المعدات وأنظمة الغطس بالمجري الملاحي لزيادة السلامة الملاحية وتأمين الغطاسين.

وعن أبرز التحديات التي تواجه منقذى القناة، أوضح محمد رمضان أن أكبر عائق يواجه الغطاس بالمجري هو انعدام الرؤية بعد نصف متر من المياه، وارتفاع تيارات الماء، كما أن الدقة والاحترافية تأتى كأهم اشتراطات العمل بقسم الانقاذ البحري، حيث يجب أن تتمتع العمالة الفنية بالقدرة على إنجاز الأعمال بكفاءة عالية من لحام وغيرها بالبحر مثل البر.

وبخصوص الكيفية التي يتواصل بها طاقم الانقاذ تحت المياه، قال "رمضان" إن أفراد قسم الإنقاذ تجمعهم "لغة تفاهم من خلال الإشارة"، وهى موحدة بأقسام مدن القناة الثلاث، لافتا إلى أن فريق الإنقاذ يتكون عادة من مشرف وغطاسين وعامل خدمات.

وأبدى رئيس أعمال الإنقاذ فخره وباقى أفراد القسم بالعمل في حفر القناة الجديدة، لافتا إلى أنه كان هناك محرك خفي يحرك العمل داخل كل إدارات القناة، بلا استثناء بديناميكية عالية، وكان العاملون ينجزون الأعمال بحب واستمتاع.

وأكد محمد رمضان أن مشروع حفر القناة الجديدة أضاف لقسم الانقاذ البحري، خبرات متعددة، لتنوع المشاكل الملاحية التي واجهتهم وكثرتها، حيث أوكلت لهم أعمال الصيانة أسفل المياه لكل المعدات البحرية الموجودة بالمشروع، وكان أغلبها معدات أجنبية، تجاوزت 100 وحدة بحرية، وكان يتخطى الغطاسون تايم الغطس بدافع إنجاز الأعمال.

وتحدث "رمضان" عن تجربة مشاركة قسم الانقاذ البحري بقناة السويس في أعمال تطهير ميناء الإسكندرية، مشيرا إلى أن شركات أجنبية طلبت مبالغ باهظة لتطهير الميناء، فتولوا هم بالتنسيق مع القوات البحرية مهام التطهير لتوفير التكلفة، وبالفعل تمكنوا من رفع 24 ألف طن خردة من أسفل المياه.

ورغم أن مجدى أحمد محمود كبير الغطاسين يعمل بإدارة الانقاذ البحري منذ عام 1979، ويتولى الآن مهمة تدريب الغطاسين الجدد، إلا أنه لا يزال يحتفظ ببدلة الغطس، ويحرص على المشاركة في الأعطال الكبيرة.

وأطلع مشرف الغوص طارق حسني عطية "مصراوى" على تفاصيل يوم عمل الغطاس، مؤكدا أن العمل اليومي بالقسم يبدأ من الساعة 7 صباحًا حتى الثالثة عصرًا، بعدها تصبح أطقم الغواصين "on call" وجاهزين لأى طوارئ، ويتواجدون بنظام الورديات على مدار الـ 24 ساعة.

ويشير طارق حسنى الذى يعمل بالقسم منذ 23 عاما، إلى أنهم يبدأون عملهم كغواصين في القناة ويستمرون في ذلك حتى الترقى إلى الإشراف على أعمال الغوص.

ويوضح المشرف على الغطس أن "انعدام الرؤية أكبر عائق يواجه الغطاسين، ولكن بالخبرة تصبح لديهم القدرة على الرؤية والتعامل مع الوحدات أسفل المجرى الملاحي"، لافتا إلى أنه في حال تعطل الوحدة البحرية، يتواصل أفراد القسم بالنداء الآلى، كما يتم تسجيل أرقام هواتف أفراد القسم في دائرة اتصال مغلقة، ويستعدون على الفور في حال وقوع حادث ملاحي أو تعطل وحدة بحرية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان