إعلان

بالصور- في السويس.. أسماك البحر الأحمر فوق احتمال "جيب" المواطن

12:46 ص الخميس 13 يوليه 2017

 

السويس - حسام الدين أحمد:

وقفت "أم كريم"، ربة منزل في العقد الثالث من العمر، أمام أحد بائعي الأسماك بحلقة سوق الأنصاري في السويس، تبحث عن نوع جيد وسعره مناسب.. عيناها حائرة بين الألوان المتداخلة للأسماك البحرية التي برع التجار في عرضها لجذب أنظار، لعل سحر ألوانها ينسيها غلاء الأسعار، فتهم بشرائها بديلًا عن الأسماك الشعبية.

 

"الشعور بـ160 جنيه، والقطة بـ60 واللوت بـ70".. هكذا رد تاجر الأسماك على "أم كريم" حين سألته عن بعض الأنواع المعروضة، ارتسمت على وجهها علامات الحيرة، وقالت إن زوجها طلب منها إعداد مائدة من الأسماك على الغذاء تليق بعزومة والديه وشقيقه.

"أم كريم" دفعت 300 جنيه في 3 سمكات، واحدة من كل نوع اختلف وزنها ولونها، زادت عليها 2 كيلو من سمك "البوري" مقابل 90 جنيهًا ثم غادرت مسرعة، كي لا تتراجع عن قرار الشراء.

 

عرض وطلب

في جولة لـ "مصراوي" بحلقة السمك بسوق الأنصاري، التقينا بعض التجار والمواطنين، لمعرفة أسباب غلاء الأسماء الملونة.

 

"السمك غالي لأن مفيش صيد، وكل السمك اللي في السوق وارد من الطور والغردقة".. يفسر محمد زغلول تاجر أسماك بالحلقة، سبب ارتفاع الأسعار، ويشير إلى أن تلك الأسماك جرى اصطيادها بـ"السنانير أو بشباك الغزل"، ولذلك فأغلبها أنواع كبيرة الحجم وأسعارها مرتفعة.

ويقول محمد زغلول: "في تلك الأيام من كل عام ترتفع أسعار الأسماك بسبب نقص المعروض، لكن هذا العام الزيادة كبيرة لعدة أسباب، أحدثها ارتفاع تكلفة النقل والحفظ".

ويشير "زغلول" إلى أن زيادة أسعار المحروقات أثرت على أسعار الأسماك، فزيادة أسعار السولار المستخدم كوقود للنشات ومراكب الصيد، ساهم في رفع أسعار حصيلتها، إلى جانب "نولون" الشحن من ميناء الطور، والذي كان يتكلف في السابق 500 جنيه خلال شهر رمضان، وفوجئ التجار بعد غلق للحلقة، استمر أسبوعًا بالتزامن مع عيد الفطر، بارتفاع أجرة سيارات الشحن الى 700 جنيه.

 

ويتابع "زغلول" أن تكلفة الحفظ أيضًا ارتفعت، فـ"بلاطة الثلج" زادت من 7 إلى 10 جنيهات، وكل ذلك ساهم في زيادة الأسعار عن نفس الفترة المثيلة في العام الماضي.

انتهاء الهجرة

"السعر زاد 20% على كل نوع على الأقل.. احنا بنشتري بالغالي وبنحاول نريح الزبون في السعر".. يقول حسين حمام تاجر أسماك، موضحًا أن "سمك اللوت يباع بسعر من 60 إلى 70 جنيهًا، بينما كان سعره في العام الماضي لا يتجاوز الـ40 جنيهًا في ذلك الوقت، أما القطة أو "ولدة القرش" فكانت تتراوح بين 25 و35 جنيهًا حسب الحجم والجودة، والآن تباع بـ 60 جنيهًا للكيلو".

ويضيف "حمام": "يعتبر سمك الشعور من أكثر الأنواع المميزة في السويس والتي يقبل الكثيرون على شرائها في مطلع موسم الصيف"، موضحًا: "كان سعر سمك الشعور يتراوح بين 70 و80 جنيهًا في الفترة من منتصف مايو وحتى منتصف يونيو الماضي بسبب موسم الهجرة، بسبب إقبال الصيادين على اصطياد كميات كبيرة من السمك خلال هجرة الأسراب جنوبًا بعد وضع بيضها حول الجزر بالبحر الأحمر".

 

 

ويشير إلى أن صيد الأسماك بعد وضع بيضها لا يؤثر على المخزون السمكي، كونها أسماك سطحية مهاجرة، وضعت أفراخها لتنمو في الموسم الجديد، لكن بعد انتهاء الهجرة يقل المعروض، فيتضاعف السعر".

اختفاء السمك الشعبي

خرج مصطفى صالح لتوه من إحدى شركات البترول، وتوجه إلى حلقة الأسماك، لشراء وجبة يأمل أن يكون سعرها أقل قليلا من الدجاجه، لكن الأنواع التي اعتاد شرائها بأسعار قليلة لم يجدها.

 

"آخر مرة اشتريت سمك كان في رمضان، وبعد ما الفراخ سعرها وصل 33 جنيهًا، فضلت أكل سمك للتغيير.. لكن مفيش سمك شعبي".. هذا ما يؤكده "مصطفى" في مستهل حديثه عن زيادة الأسعار، التي أثرت على قوته الشرائية، مشيرًا إلى اختفاء بعض أنواع الأسماك مثل "الكسكومري، السهلية، الحارت، والشخرم".

ويقول "مصطفى" إن "البائعين فسروا اختفاء بعض الأسماك بسبب الرقابة الشديدة على فُلك الصيد التي كانت تخرج بالمخالفة في خلال فترة توقف الصيد".

 

عينا "مصطفى" وقعت على كمية قليلة من المرجان والحفارة، لا يزيد حجم أكبرها عن كف اليد، سرعان ما صرف ناظريه عنها بعدما أخبره البائع أن سعر الكيلو 80 جنيهًا، وكان سعرها قبل شهر أو أقل لا يزيد عن 40 جنيهًا.

المزارع البديل الأوفر

 

أهالي السويس ينظرون إلى أسماك المزارع على أنها الأدنى في السوق بغض النظر عن حجمها أو جودتها، فالمنطق السائد بين أهل المدينة "كيف نأكلها ونحن صيادون أبناء صيادين.. ولنا البحر الأحمر وكنوزه"، وكان البعض يستحي من شراء سمك "البوري" أو "البلطي" المزارع ويعود به لأسرته.

 

لكن أمام نار الأسعار تغير ذلك المفهوم، فتحول "الأدنى" إلى خير، يوفر لهم وجبة بسعر مناسب، لمن يريد أن يأكل لحمًا أبيض غير طعام الدواجن.. وهكذا فعل مصطفى وقرر أن يشتري البلطي والبوري رغم أن أسعارها زادت أيضًا من 15 جنيهًا للبلطي و25 للبوري إلى 30 و45 جنيهًا.

كان حسن حمدي، بائع بالحلقة، اندمج في عرض بضاعته من الجمبري، يمسك بها على مهل، ويضعها في شكل دوائر، محاطة بالثلج "الكيلو بـ 160 جنيهًا".. يخبر زبونًا توقف لبرهة يسأل عن السعر، قبل أن يتابع المسير قائلًا: "أومال لو كبير شوية كان بقي بكام"، ليرد حمدي بصوت مرتفع ليسمع ذلك الذي انصرف عنه: "لو إللى اصطاده استني عليه شهر كان بقى أكبر وأرخص".

 

ويوضح "حمدي" أن "الجمبري العبيدي المنتشر في الأسواق في ذلك الوقت من العام يأتي من البحر المتوسط مهاجرا الى جنوب البحر الأحمر عبر قناة السويس، ولا يمهله الصيادون في فترة وقف الصيد لوضع بيضه حول الجزر أو مناطق الجونة".

 

ويضيف "حمدي" أنه "في منتصف شهر سبتمبر مع بدء موسم الصيد يكون حجم الجمبري أكبر، وبكمية أكثر، فالطعام الذي يتناوله الآن ويُغذى أطفاله الأجنة ستتحول فائدته للكائن البحري نفسه بعد أن يضع البيض فيتضاعف حجمه".

حملات في البحر

وفى السياق ذاته، يقول المهندس عمرو عمارة، شيخ الصيادين في السويس، إن هناك حملات مكثفة لمنع الصيد المخالف، مضيفًا: "نبحر بصفة دورية بالتنسيق مع مكتب الثروة السمكية ومكتب حرس الحدود، لضبط عمليات الصيد في فترة الوقف، ونستهدف عدة مناطق بالسخنة والزعفرانة".

 

ويشير "عمارة" إلى أن الحملات رصدت صيد مخالف، كانت حصيلته كميات كبيرة من الجمبري وصلت إلى 200 كيلو، وأغلبها لجمبري بأحجام صغيرة، جرى صيده بشباك مخالفة.

ويضيف المهندس عمرو عمارة، أن الحملات تأتي في حدود الإمكانيات المتاحة، فالثروة السمكية لديها لنش يستخدم في الحملات وجولات للرصد، لكن لا يمكن تغطية منطقة الخليج بأكملها.

 

ويوضح شيخ الصيادين أن وقف الصيد بدأ مبكرًا هذا العام، فتوقفت اللنشات والمراكب العاملة بحرفتي "السنار والشنشولا" منذ 15 أبريل، عل أن تعود للعمل في 15 يوليو من الشهر الحاليّ. بينما توقفت "فُلك" الصيد التي تعمل بغزل الكركبة، في الأول من يوليو الجاري، ويستمر ذلك حتى موسم الصيد المقبل في سبتمبر.

وقف لكل الحرف

 

ويطالب "عمارة" بإيقاف كل الحرف المرتبطة بالصيد خلال فترة التوقف، لغلق باب المخالفات، مع توفير أسماك بديلة للعرض بالأسواق، خلال تلك الفترة سواء بزيادة إنتاج المزارع السمكية أو السماح بالصيد في المناطق المفتوحة خارج الخليج.

ويلفت شيخ الصيادين إلى أن هناك إجراءات اتخذتها هيئة الثروة السمكية بالتنسيق مع حرس الحدود، أولها حصر فترة "سروح لنشات النزهة" من 6 صباحًا إلى 6 مساءً، وعدم المبيت في البحر، فضلًا عن عدم السماح لمن يحمل رخصة صيد بالخروج في رحلات النزهة، لعدم استغلال فترة التوقف في الصيد الجائر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان