إعلان

بالمستندات - "شبح التشريد" يهاجم "مهجرو الحروب" ببورسعيد.. والمحافظة: "ملناش دعوة"

03:42 م الخميس 09 فبراير 2017

بورسعيد – طارق الرفاعي:

حملوا أطفالهم ومتاعهم على أكتافهم، متجهين نحو مكان مجهول، والدموع تذرف من أعينهم، يديرون ظهورهم بين الحين والآخر، لينظروا بحسرة على حطام منازلهم ومدينتهم التي عشقوها، وأصوات طلقات الرصاص والقنابل تحاصرها من كل جانب.. هذا كان حال شعب مدينة بورسعيد الباسلة الذي أجبرته الحروب المتتالية التي شهدتها مصر منذ العدوان الثلاثي عام 1956 مرورًا بنكسة 67 وحتى انتصار 73، على الهجرة بعيدًا عن الأرض التي عشقوا ترابها.

قضوا سنوات طويلة من حياتهم يحلمون بالعودة إلى معشوقتهم وعندما حانت اللحظة لم يترددوا في العودة إلى مدينتهم من جديد، ومن بينهم عمال شركة "شمتو" الشهيرة باسم "شركة الشاي" لتوفر لهم الشركة مساكن بُنيت من الأرباح التي كانت تستقطع من رواتبهم على وعد بتمليكها لهم في المستقبل أو على الأقل البقاء فيها هم وأبنائهم، إلا أنه مع نقل ملكية الشركة إلى شركة السكر أصبح شبح الطرد في الشارع يهدد عمال الشركة وأبناءهم يومًا بعد يوم.

العودة من الهجرة

"مصراوي" التقي بعدد من المتضررين المهددين بالطرد والنوم في الشارع، حيث يقول صلاح الدين محمود عامر، رئيس صيانة في المصنع سابقًا، وتقاعد بالمعاش المبكر: "قبل خروجي معاش مبكر كان هناك تخوفًا من طردنا من السكن، حيث كان المتبع أنه من يخرج على سن المعاش القانون عقب بلوغه سن الـ60 يظل في وحدته السكنية طوال حياته بعد ذلك، وكان هناك بند في العقد ينص علي أنه في حالة رغبة الشركة في إخراجي من السكن أن تتضامن مع المحافظة لتوفير سكن ملائم، فالمساكن التي نعيش فيها حاليًا تم بناؤها لنا لنعود إليها من الهجرة بعد تهجيرنا، وعندما عدنا وجلسنا في السكن الإداري أو الوظيفي وحان وقت خروجنا معاش مبكر تخوفنا من طردنا فأخبرونا أن ما يطبق على من خرج عند سن الـ60 سيطبق على من خرج بالمعاش المبكر، وذلك لحين التمليك، رغم أنه تم بناء تلك الوحدات من أرباحنا".

وأضاف: "الوحدة السكنية بُنيت وقتها بالأمر المباشر بـ3600 جنيه وعندما تم حل شركة "شمتو"- شركة الشاي - انضمت لشركة السكر وتم نقل ملكيتها وملكية المساكن كمبلغ وليس كوحدة، والتخوف هنا هو أن شركة السكر جارٍ تصفيتها حيث لا يعمل بها إلا 7 أفراد، سيخرج منهم 4 معاش هذا العام ولن يتبقي سوي 3 أفراد فقط، ولحظتها ستقوم الشركة قبل التصفية ببيع الوحدات السكنية استثماريًا لذلك نريد أن نسابق الزمن ونتملك الوحدات قبل أن نطرد في الشارع".

35 عامًا

حافظ أحمد أيوب، أحد العاملين بشركة "شمتو" سابقًا، يقول: "نسكن في هذه المساكن منذ أكثر من 35 عامًا، وعندما خرجنا على المعاش المبكر، وعدتنا إدارة الشركة أنه لن يخرجنا أحد من السكن لأننا من دفعنا ثمنه، والآن يريدون زيادة الإيجار وإخراجنا من الشقق"، متسائلًا: "بأي حق يتم طردنا؟، وبأي حق يريدونا توقيع عقود ايجار جديد؟".

وأضاف "أيوب": "نحن من دفعنا حق الشقق خصمًا من الأرباح، والجميع منتظم في دفع الايجارات، وزملائنا في القاهرة تم تمليكهم ونحن لم يتم تمليكنا، لذلك نريد تمليكها لنا فالمحافظة لم تدفع شيئًا ولا الشركة دفعت لنا شيئًا فهي أموالنا من الأرباح التي استقطعت منا".

مناشدة للرئيس

ناشدت جليلة محمود محمد، عاملة بالشركة منذ سنوات طويلة، رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، بالتدخل لاعادة حقوقهم، قائلة: "تهجرنا في التبين وشقينا وتعبنا والمساكن دي من أرباحنا ومن حقنا وحق أولادنا، ولم نحصل على شقة من المحافظة، ويريدون طرد أولاددنا، ومن يموت يتم طرد أبنائه في الشارع".

5 جنيهات

عادل حكيم، معلم خبير بالتربية والتعليم، يضيف: "حصلت والدتي على شقة، كونها أحدي العاملات بالشركة، حيث إن تلك الوحدات السكنية تم بناؤها عام1981 من أرباح العاملين التي كانت تستقطع منهم، بعد ذلك تم خصخصت الشركة لشركة السكر التي بدأت في معاملة تلك المساكن معاملة استثمارية من خلال طرد أبناء العاملين رغم أنها بنيت بأرباح وجهد وتعب أهالينا الذين أفنوا حياتهم في هذه الشركة".

وتابع "حكيم": "كانت والدتي تدفع إيجار 5 جنيهات، ثم تم طردي بدعوى أنني أقوم بتأجير الشقة مفروش وهذا لم يحدث، ولم يثبتوا واقعة بذلك، وتم حبسي ثم تم تأجير الوحدة السكنية لي مقابل 500 جنيه شهريًا كإيجار استثماري"، مطالبًا رئيس الجمهورية ووزير الاسكان بالنظر بعين الرأفة والرحمة للذين أفنوا عمرهم في الشركة، لان لهم أحقيات وإيصالات مقدمة منذ عام 1974.

الأبناء والطرد

عبير صلاح، نجلة أحد العاملين المتوفيين، ومرشحة مجلس شعب سابقة، تروي مأساتها هي وأختها مع شبح الطرد في الشارع قائلة: "ذهبنا لدفع الايجار للشركة فرفضت الحصول على الإيجار بدعوى أنهم يريدون إعلان الوراثة وصور البطاقات الشخصية، وقد علمت من إحدى المهندسين بالشركة أنهم يريدون هذه المستندات والأوراق حتي تتم مقاضاتنا وطردنا من الشقة أسوة بما تم مع أحد أبناء العاملات بالشركة التي توفيت، وعندما ذهبت إلى المحافظة للاستفسار حول موقفنا القانوني، أخبروني أن الشركة تدعي أننا لا ندفع ايجار رغم أننا نقوم بدفعه مقدمًا وعندما رفضت الشركة استلام الإيجار قمت بتسديده في المحكمة، ويريدون طردي أنا وأختي من الشقة إلي الشارع".

فلوس أبونا

واستطردت "عبير": "الشقة ملكنا منذ 36 عامًا، وكان من الطبيعي أن يتم تمليكها لنا، لأنها من أموال وأرباح العاملين، هذه من فلوس أبونا وتعبه ويجب تمليكها لنا، أسوة بشركات الحاويات والجمارك والتوكيلات الملاحية والمعاشات"، متسائلة: "لماذا لا ُتملك مساكن بنك الشاي؟"، وتابعت: "هذا لا يرضي الله تعالي ولا يرضي مسئول ولا محافظ ولا يرضي الرئيس السيسي".

المحافظة ترد

من جانبه، قال حسن الحبال، مدير عام الشئون القانونية بمحافظة بورسعيد، إنه لابد من موافقة الشركة لأنها المعنية بالأمر، فتلك العمارات قامت الشركة ببناءها لموظفيها بصفة إدارية أسوة بما تقوم به هيئة قناة السويس لموظفيها وعمالها من بناء مساكن بصفة إدارية، مشيرًا إلى أن التعاقد مبرم بين العامل والشركة، والمحافظة ليست طرفًا في العقد، ولو أن تعاقدهم مع الشركة مدرج به بند التمليك فلا تستطيع الشركة إنكاره.

وأكد "الحبال" أن الموظف حصل على شقة وليس أرض، واذا أزيلت العمارات فستعود الأرض للمحافظة، لكن مادامت العمارة قائمة فلا يوجد مشكلة لدى المحافظة، مشددًا على أنه اذا كان التعاقد بين الشركة والعامل به بند الإيجار حتى التمليك بعد فترة، فعليه أنا يلجأ إلى المحكمة بعد ذلك، مؤكدًا أن المحافظة ليست طرف في هذا التعاقد، فالعقد شريعة المتعاقدين، وما نص عليه في العقد لابد أن ينفذ، واذا رفضت الشركة فعليهم اللجوء للقضاء.

في سياق متصل، تشهد إدارة الشركة ببورسعيد شبه غياب للمسئولين بها، حيث رفض الموظفون المتواجدون بها الرد علي أي استفسار بشأن هذا الملف.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان