صناعة السجاد اليدوي ببني سويف.. مهنة تواجه خطر الاندثار
بني سويف ــ أحمد كامل:
"أغلب العمالة تركت صناعة السجاد اليدوي، واتجهت للعمل في البناء والخرسانة".. كلمات قليلة قالها بكرى عبده عبد الونيس، صاحب ورشه لصناعة السجاد اليدوي، في قرية بني زايد ببني سويف، إلا أنها كشفت المعاناة التي تواجهها هذه الحرفة بعد ارتفاع تكاليف الانتاج التي جعلت المتر الواحد من السجاد يصل إلى 4 آلاف جنيه، وصعوبة تسويق المنتج.
"بتنا نعتمد على الأطفال، في العمل، إلا أنهم سرعان ما يتركونا في الدراسة، لتدخل المهنة في بيات شتوي".. قالها "عبد الونيس"، وهو يبدي أسفه على حال الصناعة التي دشنها الرئيس الرحل جمال عبد الناصر في المحافظة، في ستينيات القرن الماضي بإنشاء مصنع السجاد اليدوي بقرية الشناوية بمركز ناصر، بهدف تدريب المتسربين من التعليم والأميين من الجنسين على صناعة الكليم والسجاد، وإنتاج نوعيات فاخرة من السجاد وصلت للعالمية.
العمالة هجرت الحرفة لقلة الدخل.. وصاحب ورشة: نعتمد على الأطفال وفي الدراسة ندخل في "بيات شتوي"
وفي عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك وبالتحديد في التسعينيات أغلق المصنع أبوابه بسبب مروره بأزمة مالية أتبعها بيعه لتتحول أرضه إلى منازل ومنطقة سكنية، إلا أن حرفة صناعة السجاد انتشرت بمناطق مختلفة بالمحافظة بين قرى أشمنت وبني زايد ومطيرد وإهناسيا الخضراء، وكانت تدر دخلا كبيرا على أصحابها.
"الآن تبدل الحال"، قالها "عبد الونيس" قبل أن يستكمل قائلا: المهنة هجرها أصحابها بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج ومشاكل التسويق وانتشار البدائل الرخيصة من الموكيت والسجاد الصناعي، ما أدى إلى تدهورها وإصابتها بحالة من الركود، بعد أن كان يقبل عليها كثيرا من المواطنين للعمل بها أو شراء المنتجات.
وتابع: صاحب ورشة السجاد: كانت صناعة السجاد اليدوي تدر أرباحا بالعملة الصعبة على مصر أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الآن لا يوجد دعم لها من أي جهة، والقرية التي كانت تعج في الماضي بورش و"أناويل" صناعة السجاد، لم يبق منها سوى القليل بسبب قلة العمالة، فالسجادة الواحد تحتاج لأكثر من شهرين للانتهاء منها وبسبب طول المدة لا نستطيع دفع مبالغ مالية تكفي العمال ما يتبعه تركنا ومغادرتنا لعدم رضاه بالعائد المادي لهم.
وخلال جولة "مصراوي" في القرية، التي تعد أشهر منطقة لصناعة السجاد ببني سويف، شاهدنا عددا من الورش الصغيرة التب يعمل بها الأطفال والشباب وبخاصة الفتيات اللاتي وقفن أمام الأنوال ليغزلن مئات الخيوط لتخرج في النهاية سجادة يدوية رائعة الشكل تباع بآلاف الجنيهات.
واشتكى محمد عبده محمود، صاحب ورشة، من حال المهنة الحالي قائلا: حرفة صناعة السجاد توارثناها عن أجدادنا، اختلفت عن فترات سابقة بشكل كبير فتحولت من صناعة وحرفة مدرة للأموال لإصحابها إلى صناعة خاسرة، الآن، بسبب المشاكل التي نواجهها، وعدم اهتمام الدولة بها، فضلاً عن ضعف العائد المادي وقلة التسويق، والعائد الكبير والأرباح باتت تعود على التجار الكبار الذين يشترون القطع المصنعة يدويا بأقل الأثمان دون تقدير لأصحابها، ما أدى إلى هروب العمالة والأسر التي كانت تعمل بها إلى صناعات أخرى تأتي بعائد لا بأس به .
وفي قرية إهناسيا الخضراء، بدأت مؤسسة نهضة بني سويف، في إعادة أمجاد المحافظة في صناعة السجاد اليدوي الذي يعرف قيمته الكثيرون ويطلبونه بالاسم ويصل سعر المتر الواحد منه نحو4 آلاف جنيه, من خلال تشجيع العمالة على العمل داخل الورش وتدريبهم بطريقة تمكنهم من صناعة جيدة، لفتح اسواق داخلية و خارجية تعيد سوق صناعة السجاد إلى المحافظة مرة أخرى.
وأكد المهندس شريف محمد حبيب محافظ بني سويف، أن المحافظة بصدد وضع رؤية وخطة عامة وأجندة عمل تنفيذية محددة للنهوض بصناعة السجاد، وتكوين كيان يعمل بشكل متكامل ويضم الجهات ذات الصلة والخبرات اللازمة للنهوض بهذه الصناعة، وقال إن المحافظة لديها خطة طموحة لاستغلال كافة مقومات التنمية، مشيراً إلى أهمية النهوض بالصناعات اليدوية والحرفية للدفع بالاقتصاد إلى الأمام وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة والذي ينعكس بشكل إيجابي ومتكامل على المجتمع بأكمله.
وتابع محافظ بني سويف: "ناقشنا سابقا مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني والصندوق الاجتماعي والتضامن ومركز تحديث الصناعة ونقطة التجارة بعض المعوقات والمشكلات التي تواجه صناعة السجاد، وبعض المتطلبات اللازمة لتوفير الدعم الفنى والتسويقي لها وتوفير المعلومات اللازمة للنهوض بهذه الصناعة، من كافة النواحي مثل التمويل وتدريب ورفع مهارات العاملين في هذا المجال، والأسواق المستهدفة محليا ودوليا وغيرها من المعلومات لدعم وتطوير هذه الصناعة.
فيديو قد يعجبك: