إعلان

بالصور.. هنا "البلابيش".. وكر "المطاريد" في قلب الجبل

12:21 م الأربعاء 22 فبراير 2017

سوهاج – عمار عبد الواحد:

لا شيء يعلو فوق صوت الصمت والسكون الذي يغلف القرية، وأزيز الطلقات النارية التي تخرج بين حين وآخر من جهة الجبل الشرقي.. الناس في منازلهم كثيرون، والتلاميذ في المدارس قليلون فالغالبية "غياب" لأن أولياء أمورهم خائفون من زئير الرصاص الذي يحدهم من الناحية الشرقية، وصوت "مواتير" مدرعات قوات الداخلية القريب من عتبة بابهم.

"حملة تطهير.. كله يلزم داره".. هكذا صاح شاب من مخبري الداخلية من أبناء قرية البلابيش التابعة لمركز دار السلام جنوب شرق محافظة سوهاج والمتاخمة للجبل الشرقي، والتي تعتبر من أخطر قرى المحافظة بل من أخطر قرى محافظات الصعيد، لانتشار عدد كبير من الخارجين عن القانون فيها واختبائهم في المناطق والكهوف الجبلية القريبة منها تمامًا، كما المطاريد في أفلام السينما.

"البلابيش" بنجوعها وخاصة نجعي "القوصة والشيخ إمبادر" من أكبر قرى المحافظة في أعداد القتلى والمصابين؛ نتيجة استخدام الأسلحة النارية بصورة ملفته للنظر لارتباط غالبية عائلات القرية بحوادث وخصومات ثأرية منذ عدة سنوات رغم ارتباط عدد ليس بالقليل من هذه العائلات بعلاقات نسب ومصاهرة، إلا أن الثأر لا يعرف للقرابة أو النسب أو المصاهرة طريق.

ذاع صيت قرية البلابيش وانتشر بعد ثورة 25 يناير، إذ ظهر بعض أبناء القرية خاصة الهاربين من العديد من الأحكام القضائية علي الساحة، واتخذوا المنطقة الجبلية المتاخمة للقرية مسرحَا لمزاولة نشاطهم الإجرامي في بيع وتجارة الأسلحة النارية، واستطاعت إدارة البحث الجنائي، بمديرية أمن سوهاج بإشراف العميد خالد الشاذلي خلال عام 2016 في تجفيف عدد كبير من منابع تجارة السلاح والقبض على المتاجرين فيها من أبناء القرية، وفرض هيبة الدولة وسيادة القانون، وكذلك القبض على العديد من الهاربين من الأحكام القضائية.

والمتأمل لقرية البلابيش، دائمة المعارك الطاحنة بين عائلاتها والتي تقف دائمًا في مواجهة الشرطة وحملاتها المستمرة، يجدها فقيرة في الخدمات، فالشوارع متهالكة والبنية التحتية من خطوط المياه والتليفونات دون صيانة أو ترميم، محرومة من السلع المخفضة التي دائمًا ما يتحدث عنها الدكتور أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج لوسائل الإعلام المختلفة، ما يؤكد أن إهمال الحكومات المتعاقبة للقرية جعلها بيئة خصبة للصراعات المستمرة والخروج عن القانون.

فبسبب تهميش الأجهزة التنفيذية بالمحافظة للقرية انتشرت تعديات أهالي القرية على أملاك الدولة وأملاك الري، والأراضي الزراعية، فمنذ حوالي بضع شهور قام 9 أشخاص من هؤلاء الخارجين عن القانون من أبناء القرية بردم مساحة كبيرة بجوار مرسى عبارة "دار السلام / البلينا" من الناحية البحرية بقرية أولاد سالم بلغت جملتها حوالي 9 قراريط في مجرى نهر النيل تمهيدًا لزراعتها ثم بنائها، وكما بنى هؤلاء الأشخاص لعديد من المنازل والاستراحات الفارهة على أملاك الري في غياب تام للمسئولين.

وبحسب بيانات حصلت عليها "مصراوي" من مديرية الزراعة، فإن عدد حالات التعدي على الأرض الزراعية بمركز دار السلام منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى نهاية 2016 بلغ 5992 حالة تعد بإجمالي مساحة 297 فدان و13 قيراط و6 أسهم، وأن ما تمت إزالته منهم بلغ 1284 حالة بإجمالي 95 فدان و7 قراريط و19 سهم، وما لم يتم إزالته منها بلغ 4708 حالة تعد بإجمالي 202 فدان و5 قراريط و11 سهم.
 
"مصراوي" استطاعت دخول قرية البلابيش واقتربت من بعض مواطني القرية، واستمعت لمعاناتهم جراء تناحر "مطاريد الجبل"، وتجدد الخصومات الثأرية بين بعض العائلات. في البداية يقول "محمد.ع" من أبناء القرية إنهم يعيشون في هدوء وسلامان وفور وقوع مشاجرة وإطلاق رصاص الجميع يلتزم منزله خوفًا من طلقات الرصاص الطائشة التي تصيب الأبرياء، وعندها تتوقف المدارس والمصالح الحكومية حتى تهدأ الأوضاع وتعود لطبيعتها".

وعن علاقة مطاريد الجبل بالمواطنين يوضح "يسري.ر" من أبناء القرية أن هؤلاء الأشخاص الخارجين عن القانون لا يؤذون أحدًا من أهالي القرية، معللاً ذلك بأن الجميع يعرف بعضه البعض، مضيفًا أنهم يؤذون ويتعرضون للأشخاص الغرباء أو رواد الطرق الصحراوية أو الزراعية القريبة من القرية، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة الماضية قلت وتحجمت أنشطة هؤلاء الأشخاص بعد استعادة جهاز الشرطة هيبته. ويوضح "عبد الرحمن.أ" أن حملات الشرطة تستهدف منازل هؤلاء الأشخاص ولكن لا تتمكن من القبض عليهم لعدم تواجدهم في منازلهم، وتسريب مواعيد الحملات التي تستهدفهم.

من جهتها حاصرت الأجهزة الأمنية بسوهاج بالتعاون مع فرع الأمن العام وقطاع الأمن المركزي قرية البلابيش على مدار اليومين الماضيين لضبط العناصر الإجرامية الخطرة وتجار ومهربي الأسلحة النارية، ما أسفر عن ضبط 74 قطعة سلاح ناري بينهم 2 رشاش جرينوف و23 بندقية آلية و49 بندقية خرطوش و153 طلقة متنوعة مختلفة العيار، والقبض على 84 متهمًا محكوم عليهم في قضايا "قتل، سرقة بالإكراه، مخدرات، شروع في قتل، حريق عمد"، ونفذت الحملة 2409 أحكام قضائية.

فيديو قد يعجبك: