إعلان

من لص يسرق المياه الى غاز طبيعي وسماد وكربون.. كيف استفاد طالبين من ورد النيل؟

03:45 ص الإثنين 25 ديسمبر 2017

السويس حسام الدين أحمد:

قبل بضعة أشهر، كان عدد من الطلاب يشاركون في أعمال خيرية، بالقطاع الريفي شمال السويس، اثار فضولهن شكل الزهور العائمة على سطح الماء بترعة السويس، وعلموا من الأهالي انها ورد النيل اللص الأكبر للمياه، والذي يصعب التخلص منه بسبب زيادة معدل النمو التكاثر.

طاقة ورد النيل

لكن الطالبين، أمير ياسر واسراء السيد المقيدين بمدرسة الصناعات المتقدمة بالمدرسة الثانوية للصناعات المتقدمة، لم يكتفيا بالمشاهدة، وبدأ في العمل على كيفية التخلص من ذلك الورد، حتى توصلوا لمشروع أطلقوا عليه " طاقة ورد النيل"، وحولوه من نبته عديمة الفائدة الى غاز طبيعي وكربون وسماد، وفاز المشروع في مسابقة انتل ايسف للعلوم، وتأهل للمنافسة على مستوى الجمهورية.

5.5 % من حصة مصر

" الوردة الواحدة تمتص في اليوم 4 لتر من المياه" تقول الطالبة إسراء السيد، بالصف الثالث قسم البتركيماويات، بمدرسة الصناعات المتقدمة، وتضيف: وفق احصائيات وزارة الري فإن الورد يسرق 3 مليار متر مكعب من حصة مصر في مياه النيل التي تبلغ 55 مليار متر مكعب، بنسبة 5.54 %".

وتشير الطالبة اسراء، إلى ان ضرر ورد النيل لا يتوقف على ذلك فقط، فالمنطقة التي يغطيها هي بيئة خصبة، لتكاثر قواقع الماء والبلهارسيا، فضلا عن امتصاص الورد للأكسجين الموجود في المياه، ما يؤثر على الكائنات البحرية، والى جانب تلك الاضرار فأن تلك النبتة الضارة لا تستقر جذورها في الأرض ويؤثر على حركة الملاحة في النيل وسلامة الصيادين.

" الوردة الواحد تنتج 48 ألف وردة أخرى خلال شهر فقط" تتحدث اسراء عن معدل التكاثر، وتقول انها وزميلها بالمشروع أمير ياسر، نزلا في عدة قرى متاخمة للنيل، فوجدا 4 طرق للتخلص منه وهي الميكانيكية وكيميائية وبيولوجية، يدوية وكلها تستهدف لتقليل نسبته وليس القضاء عليه.

وتضيف ان الطريقة الاولى هي الأسرع، ولا تحتاج لمجهود لكنها عالية التكلفة، اما التخلص من الورد كميائيا فهو مرتفع التكلفة ويُخلف وراءه تلوث بعد القضاء على ورد النيل، وتعجز عن التخلص منه بالكامل.

بينما الطريقة البيولوجية فهي تعتمد على حشرة معينة تتغذي على النبتة والزهور، لكن قيمة تلك النوعية من الحشرات مرتفعة للغاية، بينما الطريقة اليدوية على الرغم من انها موفرة لكنها تستلك وقت طويل.

جمع الطالبين ما يلزمهما من معلومات، ووضعا الخطط والبدائل لتنفيذ فكرة المشروع الذي يهدف في الدرجة الأولى للتخلص من ورد النيل، مع الاستفادة منه

التخمير

" حصلنا على طاقة نظيفة وبديلة عن البترول والغاز الطبيعة من الورد" يقول أمير ياسر، ويضيف انهما قررا الاعتماد على الجمع اليدوي لورد النيل نظرا لتكلفتها المنخفضة وكونها تتماشى مع مراحل الإنتاج، الى جانب توفير فرص عمل للعاملين في الجمع الذي لا يعتمد على خبره او مهارة.

ويوضح طالب البتروكيماويات، ان عملية التحويل تضم عدة مراحل، الأولى جمع ورد النيل من الترع وتقطيعه وتجفيفه في الهواء، ثم خلطه مع روث رطب بنسبة، 75% ورد و25% روث رطب يتم تجهيزه بنسبة 1:1 روث ومياه.

ثم تبدأ عملية التخمير اللاهوائي، بوضع كمية من الخليط تغطي 6 امتر داخل خزان التخمير الرئيس، سعة 10 أمتار، وتستغرق عملية التحلل البكتيري لإنتاج " البيوجاز" مدة أسبوع، وتستمر عملية التخمر مدة شهر.

6 متر ورد = 60 متر غاز

ويكشف امير انه وفقا للمعادلات التي طبقها فإن 6 أمتار من خليط الورد والروث تنتج بعد أسبوع، 2 متر مكعب من الغاز يوميا لمدة شهر، أي ان كمية الخليط تتحول خلال شهر الى 10 اضعافها غاز.

وبهدف الحفاظ على استمرارية الإنتاج وزيادته، وضع أمير واسراء خزان فرعي، " سعته 9 أمتار، ليضعا بداخله 8 أمتار من الخليط، ومساحة 1 متر لتكون الغاز.

ويوضح ياسر، أن كمية الخليط بالمخمر الفرعي بعد أسبوع من وضعها يتم سحب ثلاث أرباعها ووضعها بالمخمر الرئيس لتعجيل عملية التخمر، بينما تحل مكانها كمية جديدة من ورد النيل والروث، وذلك للحفاظ على استمرار الإنتاج ودائرة التخمر.

" الغاز الناتج هو البيوجاز او الغاز الحيوي، ويحتوي من 60 إلى 70% من غاز الميثان القابل للاشتعال" يوضح المخترع الصغير طبيعة الغاز المنتج، ويشير الى أن كمية الميثان قليلة نسبيا لضمان احتراق غير ضار بالبيئة، ولزيادتها يمر الغاز بالمرحلة الثانية وهي وحدة الفصل، والتي تضم غشاء من حبيبات الكربون النشط والتي " تمتز" غاز ثاني أكسيد الكربون co2 الموجود في الغاز الحيوي.

عقب تلك المرحلة، يتم تخزين الغاز في أسطوانة كبير، مزودة بصمام أحادي الاتجاه ليغلق على الكمية بالأسطوانة.

انتاج الكربون

ويستكمل ياسر: "تجرى المرحلة الثالثة لإنتاج الكربون بتسخين الغشاء الحبيبي بواسطة ملفات كهربائية" ويفسر ان الحرارة تؤثر في الغشاء بتوسيع المسافات البينية فيخرج غاز" co2 " ويتم سحب الغاز بواسطة كمبروسر هواء، وتخزينه في أسطوانة أخرى

ويتم تحويل الغاز الى كربون، بحرق شريط مغنسيوم، داخل وعاء التخزين، فيتنج عنه الكربون الخام المستخدم في صناعة أي منتج هيدروكربون.

سماد طارد للحشرات

بعد مرور شهر على تخمر خليط ورد النيل وروث الماشية، تنعدم قدرته على انتاج الغاز، وهنا يتحول الى سماد عضوي سائل، يتميز انه يحتوي نسبة عالية من النيتروجين اللازم لعملية البناء الضوئي للنبات، مع نسبة كربون منخفضة وطارد للحشرات والبعوض، كما ان بذور النبات في مخلفات الحيوان تموت ولن تنبت مرة أخرى، كما انه غني بفيتامين ب 12 الموجود في ورد النيل والذي يعتبر السبب الرئيس في سرعة نمو الورد، ويساهم ذلك تقوية النباتات وسرعة نموها أيضا.

وحضي المشروع بدعم واحتضان احدى المؤسسات المجتمعية في السويس، ويسعى الطالبين لبدء انتاج ذلك المشروع وتسويقه، آملين في دعم بعض المصانع الصغيرة لمشروعهم رغبة في دعم المزارعين.

 

فيديو قد يعجبك: