إعلان

براعة المصري القديم.. "منْ" مركب تحمل 17 طنا وتسير في البر والبحر (صور)

01:54 م الثلاثاء 31 أكتوبر 2017

السويس - حسام الدين أحمد:

عرف المصري القديم، نهر النيل كمصدر للرخاء والتنمية، ووسيلة لنقل البضائع فأبحر فيه بالمراكب التي صنعها بيديه ومثلت دورًا مهمًا في حياة الفراعنة القدماء.

وكانت بداية ظهور المراكب بحسب ما جاء في النقوش والمناظر بالمعابد، منذ عصر بداية الأسرات، ما بين (3100_ 2649) قبل الميلاد، وكانت تصنع الفُلك الصغيرة من البوص وشرائح البردي، ثم صنع المصري القديم مراكب أكثر تطورًا من أخشاب الأشجار المحلية، كالأكاسيا والجميز، وخشب شجر الأرز المستورد من "بيبلوس" لبنان حاليًا.

داخل متحف السويس، في الجانب الأيمن توجد إحدى المراكب داخل حوض مياه كبير، وتشغل مساحة تعادل التي أقيم عليها المتحف، يظن الكثيرين أنها قطعة ديكور تزين تلك المساحة.

"صنعها فنيون مهرة في مدينة رشيد، وأبحرت في نهر النيل والبحر الأحمر".. يتحدث علاء عبدالعاطي مدير متحف السويس القومي، ويشير إلى أن المركب "منُ" هي نموذج طبق الأصل بنفس الحجم لمركب حتشبسوت الموجودة بالنقش البارز في معبد الدير البحري بالأقصر، ووثقت قناة "ناشيونال جيوجرافيك" تلك الرحلة.

ويضيف علاء عبدالعاطي، أن المركب كانت تستخدم في رحلات لبلاد بونت، تم صناعة النموذج الموجود بمتحف السويس بأيدي مصرية، في رشيد وبتمويل فرنسي، وهي إثبات على عبقرية المصري القديم، وكيف استطاع صناعة مركب تبحر في مياه البحر، وكذلك النهر، رغم اختلاف كثافة المياه في كل منهما، والأمواج وضرورة تغير طبيعة الغاطس المغمور للمياه ووحدات الاتزان.

وأوضح مدير متحف السويس، أن الصناع استخدموا خشب التنوب، وهو خشب له نفس الخصائص الفيزيائية لخشب الأرز الذي صنع منه المصري القديم المركب الأصلية.

وكشف عن أن المركب كان تصنع بطريقة التعشيق، من خلال عمل بروز في أطراف الأخشاب لتجمع قطعة خشبية مربعة صغيرة، 4 ألواح عرضية، ومن خلال تشبيك العاشق والمعشوق، دون استخدام أي مسامير أو معادن في تصنيعها، ونتيجة لخصائص التنوب والأرز فأن الخشب يتبدد بسرعة بالماء، فتزيد قوة التشابك ترابط المركب.

"طولها 20 مترًا، وعرضها 5 أمتار، ولها شراعين الأول 3 ×7 أمتار، والثاني 5×14 مترًا، يدفعان المركب مع الريح".. يشرح عبدالعاطي أبعاد المركب والقوة المحركة لها، ويضيف: "لها 24 مجدافًا يستخدمها بحارة بنفس العدد إذا لم تكن الرياح مواتية لتحريكها".

وكشف عن أن المركب تحمل 17 طنًا من البضائع، وتدفع 30 طنًا من المياه، وتم تجربة ذلك عمليًا، وأثبت نموذج "من" حمل نفس الوزن والإبحار به في البحر والنهر، ومزودة بدفتين للتوجيه.

وتكمن أهمية المركب في أنها تمثل قناة السويس القديمة، أو كما عرفها القدماء المصريين "قناة سيزوستريس" والتي كانت تبدأ من الفرع البلوزي للنيل، عندما كان للنيل 7 أفرع، وتنتهي في منطقة البحيرات.

ويوضح أن هذه القناة كانت تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عن طريق نهر النيل، واستخدم المصري القديم المركب في نقل البضائع بين البحرين عن طريق القناة القديمة، فضلًا عن البعثات التجارية لبلاد "بونت" أو اريتريا حاليًا.

وقال مدير المتحف، إن نمط المراكب التجارية كانت تذهب لبلاد بونت لجلب العاج والجلود، وفق المسجل بالنقش البارز في الطابق الثاني بالجانب الأيسر بمعبد الدير البحري، لافتًا إلى أن المعبد يضم 3 طوابق الجانب الأيسر منها مسجل عليه الرحلات التجارية لبلاد بونت.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان