''الحاج عبادي''يروي لـ '' مصراوي '' تفاصيل اللحظات الصعبة خلال حربي الاستنزاف و73
حوار - محمد محروس :
'' الحاج محمود أحمد عبادي '' هو أحد الأبطال الذين شاركوا في حربي الاستنزاف وأكتوبر المجيدة يروي لـ'' مصراوي '' اللحظات الصعبة التي عاشها طوال ست سنوات قضاها في القوات المسلحة مدافعا عن حدود بلاده في أحلك الظروف وبعد حالة معنوية متدنية كان يعيشها شعب مصر عقب نكسة 67 .
'' عبادي '' كانت رتبته في الجيش أثناء الحرب '' عريف مجند'' ملحق بسلاح الدفاع الجوي فوج '' 68 '' الفرقة '' 16 '' ورقم قيده بالقوات المسلحة '' 5374376 ''.
قال الحاج '' عبادي '' أن مكان خدمته كان في منطقة '' الدفرسوار '' وتضم مدن القناة '' السويس ، والإسماعلية ، وبورسعيد '' ودوره خلال حرب الإستنزاف هو حراسة وتأمين إنشاء قواعد الصواريخ فوج '' 100 مل '' و فوج '' 36 مل '' إلي جانب قواعد الصواريخ المتحركة .
موقعة النبال
وعن أصعب المواقف التي عايشها خلال مشاركته في معارك حرب الإستنزاف كانت '' موقعة النبال '' كما يسميها هو حيث يقول أن قوات العدو الصهيوني قامت بإلقاء قذائف النبال علينا بمنطقة '' الدفران '' عن طريق الطيران الحربي وهذه القذائف كانت تبث غازات حارقة تحرق الجسد بالكامل واستشهد فيها عدد من الجنود .
وتابع لولا التدريبات العنيفة التي خضناها والاستعدادات الكبيرة للقوات المسلحة بإنشاء السواتر الترابية والدشم التي احتمينا بها لكانت الخسائر أكبر من تلك التي حدثت .
وقال '' عبادي '' أنه كان شاهد عيان وشارك في العديد من المعارك والاشتباكات الشرسة مع العدو الإسرائيلي خلال اشتعال الجبهة بمناطق فايد ودنشواي وكسفريت والجلاء والفردان وكرنتينة.
المرحلة التي سبقت حرب أكتوبر
سبق بدء حرب أكتوبر المجيدة بفترة زمنية ليست بالقصيرة مرحلة هدنة عن طريق اتفاقية دولية توقفت بموجبها حرب الاستنزاف روى الحاج '' عبادي '' ما جري خلال تلك الفترة وقال ''قام الجيش المصري بتدريب قواته البرية علي عبور المانع المائي والساتر الترابي تدريبات شاقة تختلف عن تلك التي سبقتها حينها شعرنا أن لحظة الحسم قد اقتربت''، مضيفا ''كانت الحالة المعنوية للجنود والضباط مرتفعة في تلك الفترة وبداخلنا قناعات بأننا قادرون علي تحرير أراضي سيناء المغتصبة وإعادة كرامة المصريين التي سلبت في نكسة '' 67 '' .
زيارات السادات والشاذلي
وعن زيارات الرئيس الراحل أنور السادات والفريق سعد الشاذلي المتكررة للجنود في جبهة القتال، أكد أن تلك الزيارات رفعت كثيرا من الحالة المعنوية في صفوف الضباط والجنود وبثت في نفوسهم حالة من إنكار الذات لم تحدث قبل ذلك، لا سيما بعد تصريحات '' السادات '' بأنه لا فرق بين جندي وضابط في صفوف القوات المسلحة كما أعطى أوامره بتوحيد صنوف الطعام وجودته علي القادة والضباط والجنود.
كما أن زيارات السادات صاحبتها زيارات متكررة للفريق سعد الدين الشاذلي قائد القوات المسلحة آنذاك إلي جانب زيارات للمشير أبو غزالة وقيادات القوات المسلحة .
وقبل حرب السادس من أكتوبر بنحو شهر واحد عرضت قيادات القوات المسلحة علي الجنود والضباط السفر إلي السعودية لأداء فريضة الحج أو إرسال والديهم بدلا منهم .
استدعائه من إجازته قبل 6 أكتوبر بـ 3 أيام
وقبل حرب السادس من أكتوبر في عام 1973 بـ 3 أيام استدعت القوات المسلحة عن طريق الشرطة المدنية الجندي '' عبادي '' من قريته التي كان يقضي فيها إجازته ومدتها 15 يوما قبل أن تنتهي وعلي الفور عاد '' عبادي '' إلي وحدته الكائنة في منطقة السربيوم بالإسماعيلية .
وقال عبادي أنه فور وصوله في الثالث من أكتوبر لوحدته صدرت أوامر من قيادة الجيش برفع الحالة القصوي والاستعداد لمشروع شاق، وفي ليلية الخامس من أكتوبر طلبت القيادة من كل فصيل حضور أقدم وأعلي رتبة فيه وتم إبلاغهم بإقتراب ساعة الصفر.
واستدرك في يوم السادس من أكتوبر في تمام الساعة الثانية ظهرا حانت ساعة الصفر وقام فوج من قوات الدفاع الجوي بضرب القواعد الجوية الإسرائيلية والدشم المحصنة داخل سيناء ومع بدء عبور القوات البرية والمشاة الميكانيكي وتحطيم خط برليف ورفع العلم المصري علي سيناء ضجت سيناء بصيحات الجنود المصريين وتكبيراتهم فرحا بالنصر المبين .
طائر الرخام الأبيض
ويسرد '' عبادي '' حكاية طائر الرخام الأبيض الذي اعتبره الجنود إمدادا من الله تعالي وبشارة عظيمة علي النصر فيقول في يوم 7 أكتوبر ظهر في الأفق طائر الرخام الأبيض وكان يطير فوق الجنود المصريين ويعبر تحته الطيران المصري وحتى لا يرى طيران العدو ما فوق الأرض مما بث في روح الجنود المصريين حالة من الارتياح الشديد والعزيمة والإصرار علي استكمال معركتهم.
وبعد مرور 3 أيام نجحت القوات المسلحة المصرية في الدخول في عمق سيناء بنحو 15 كيلو متر عن طريق اللواء 112 مشاة ميكانيكي تابع للفرقة '' 16 '' الذي تمكن من تحطيم غرفة عمليات العدو في المنطقة المعروفة بتبة '' طالية '' المحصنة بنحو 10 متر من الخرسانة والحديد ويعلوها أكثر من 30 متر من التراب وتم فيها أسر القيادي الإسرائيلي الشهير '' عساف يجوري '' وأعقبها ما يعرف بموقعة '' الثغرة '' الشهيرة .
وأشاد '' عبادي '' بالدور الذي قام به أساتذة الجامعات المصرية المخلصين في التخطيط لعبور المانع المائي وهدم الساتر المائي .
بعد مرور 39 عاما علي نصر أكتوبر
حالة من الحزن والغضب الشديدين سيطرت علي الحاج عبادي أثناء حديثه عن وضعه باعتباره أحد الأبطال الذين شاركوا في صناعة نصر السادس من أكتوبر قائلا : '' بعد مرور 39 عاما علي حرب أكتوبر وبعد خدمتي في الجيش المصري لست سنوات إلي جانب 33 عاما أخرين قضيتهم في خدمتي الوظيفية بوزارة الصحة أحيلت إلي التقاعد منذ شهور مقابل معاش 470 جنيها وأنا عائل لأسرة مكونة من 9 أفراد '' .
وأضاف أن تعييني يعود الفضل فيه إلي الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي أصدر قرار جمهوريا قبل وفاته بتعيين أبناء القوات المسلحة بالوظائف المدنية بعد انتهاء خدمتهم في الجيش .
وناشد '' عبادي '' رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بتكريم أبطال نصر أكتوبر تكريما حقيقيا يعيد إليهم ما فقدوه من إحساسهم برد الجميل وأن وطنهم سيظل متذكرا ما بذلوه دفاعا عنه .
فيديو قد يعجبك: