جنين.. هل يبحث نتنياهو عن طوق نجاة بافتعال حرب بالضفة الغربية؟
كتبت- سلمى سمير:
"أطلقنا عملية الجدار الحديدي" كان هذا جزء من إعلان الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، بعد بدء عمليته العسكرية في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، والتي تأتي بعد أقل من يومين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل حيز التنفيذ.
منذ بدء العملية العسكرية ودخول قوات الاحتلال التي استعانت بقوات خاصة لمحاصرة مداخل مخيم جنين، لا تزال أعداد الشهداء والمصابين في تزايد مستمر، مع وصول عدد الشهداء حتى اللحظة 8 فلسطينيين بينما المصابين 35 شخصًا بينهم أفراد من الفرق الطبية.
بعد إطلاق العملية، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قدم وعودًا لوزير ماليته بتسلئيل سموتريتش، بشن هجوم عسكري على جنين مقابل عدم تقديم استقالته من الحكومة، كما فعل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مما يفتح التساؤل عما إذا كانت عملية "الجدار الحديدي" ليست إلا طوق نجاة لنتنياهو من أجل إنقاذ حكومته من الانهيار.
ما هدف العملية؟
في هذا الشأن يقول الدكتور علي شديد، الخبير المختص في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن أحد الأسباب التي تدفع بنيامين نتنياهو إلى التصعيد العسكري، سواء في سوريا أو لبنان أو غزة، وتحديدًا في الضفة الغربية، هو التأثير الجوهري لذلك على مشروع شركائه في الحكومة اليمينية الصهيونية، وخاصة التيار الديني المتطرف.
ويعتبر التصعيد العسكري، في الضفة المحتلة، بحسب الدكتور عادل، مصلحة محورية بالنسبة لجماعات اليمين، ولا سيما قاعدة حزب "الليكود" الذي يترأسه بنيامين نتنياهو، والتي تعتبر الضفة الغربية جزءًا من ما يُطلق عليه "أرض إسرائيل الكبرى" أو "يهودا والسامرة" في التسمية الإسرائيلية، وهي السياسات التي سيسعى نتنياهو من خلالها إلى الحفاظ على تماسك حكومته اليمينية وضمان استمرارها، لما لذلك من أثر على قوة اليمين الديني في إسرائيل وعلى مستقبل هذه التركيبة السياسية.
وأفاد الدكتور عادل، أن القراءة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ، تُشير إلى أن تحرير الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة تبادل الأسرى، والتي أُنجزت رغمًا عن إرادة إسرائيل، من شأنه - بحسب التحليل الإسرائيلي - أن يُعزز ثقافة المقاومة في الضفة الغربية، وهي ما ستعتبرها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، قد تشكل دافعًا جديدًا لتصعيد العمليات الفدائية والمقاومة، خاصة أن من أُطلق سراحهم كانوا قد شاركوا في عمليات قتل للإسرائيليين وتم الإفراج عنهم بوساطة من حركة حماس.
ويتفق الدكتور، أحمد فؤاد، المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، في أن عملية "الجدار الحديدي" تأتي بمثابة معركة يخوضها نتنياهو لأجل مصالحه الشخصية، وبدعم من وزرائه المتشددين على رأسهم سموتريتش والجناح الأكثر تطرفًا في حكومته.
وتابع فؤاد، أن نتنياهو يسعى إلى المحافظة على تماسك ائتلافه الحكومي بأي ثمن، وهو ما ظهر جليًا بعد استقالة بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت" من الكنيست والحكومة، مشيرًا إلى أن نتنياهو لن يتوان عن أي خطوة قد تحقق مكسبًا سياسيًا له ولحكومته.
من جانبه قال الخبير الاستراتيجي، في الشؤون الدولية، صلاح النشواتي، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن عملية العسكرية الإسرائيلية، جاءت كمحاولة من نتنياهو للحفاظ على حكومته من الانهيار خصوصًا بعد انسحاب إيتمار بن غفير كاعتراض على وقف النار وتهديد حليفه الآخر بتسلئيل سموتريش أيضًا بالانسحاب حينما قال "سأنسحب إذا لم نكمل الحرب".
وأكد النشواتي، أن الحرب جاءت للحفاظ على الزخم المتطرف لدى ناخبي الأحزاب اليمينية المتطرفة بأن الحرب على الفلسطينيين لم تنته بعد حتى يتم الحديث عن ربح أو خسارة، مشيرًا إلى أن أبرز مثال لذلك هو حرص نتنياهو في المفاوضات على عدم تبادل أي جثث من الأسرى الذين قضوا نتيجة القصف الإسرائيلي خوفًا من رد فعل الشارع وصورة الهزيمة والفشل.
إنقاذ للإحراج
بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد، خرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام، في استعراض عسكري بسيارات حديثة وعدد كبير من المقاتلين، في مشهد أدهش الجانب الإسرائيلي في المقام الأول لعدم تمكنه بعد أكثر من عام على الحرب من الاستدلال على مكان أسراه أو معرفة أن المقاومة لديها مثل هذه الإمكانات العسكرية، وفي هذا الشأن يقول الدكتور عادل شديد، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إضافة لما يراه البعض تعثرًا وفشلًا من جانب نتنياهو في تحقيق أهدافه، فإنه قد زاد من إحراجه أمام قواعده السياسية وقادة اليمين على وجه الخصوص.
وتابع شديد، أن ذلك الإحراج، بالتأكيد سيدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نحو تصعيد آخر في الضفة الغربية المحتلة، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد قد يتخذ أشكالًا متعددة، من بينها عمليات عسكرية دموية، ومصادرة المزيد من الأراضي ضم عمليات الاستيطان المتزايدة بالضفة وتعزيز جهود التهويد والضم.
وأضاف عادل شديد، أن كل هذا يأتي في ظل توقعات بأن الإدارة الأمريكية المقبلة مع عودة الرئيس دونالد ترامب ستكون أكثر دعمًا لليمين الديني المتطرف في إسرائيل، مما يعزز ثقة نتنياهو في المضي قدمًا بمشاريعه التصعيدية والسياسية في المنطقة.
من جانبه، قال صلاح النشواتي، إن نتنياهو يهدف بالعملية في جنين، بتعميق الشرخ بين حركتي حماس وفتح كخطوة أساسية لمنع أي هيكلية سياسية مستقبلية موحدة قد تشكل أساسًا لبناء دولة فلسطينية خصوصًا مع وجود ترامب وسعيه القادم لتفعيل اتفاقيات أبراهام للسلام في المنطقة، مشيرًا إلى أن العملية تخدم وضع السلطة الفلسطينية تحت الضغط العسكري والمدني وزيادة الاستيطان لتقوم السلطة الفلسطينية بزيادة الضغط واللوم على حماس كمسبب غير مباشر للحرب والتصعيد بالضفة.
فيديو قد يعجبك: