إعلان

بعد 466 يومًا من العدوان.. كيف يرى الخبراء مستقبل قطاع غزة المدمّر؟

02:40 م الأحد 19 يناير 2025

غزة

كتب- محمود عبدالرحمن:

بعد 466 يومًا من الهجمات العنيفة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي لم تفرق بين أطفال وكبار السن ونساء، ردا على العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة الإسلامية "حماس"، أعلنت الحركة وتل أبيب الأربعاء الماضي، التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، لينهي هذا الاتفاق الحرب الشرسة التي بدأت شرارتها في السابع من أكتوبر من العام قبل الماضي.

ويأتي هذا الاتفاق بين المقاومة وتل أبيب والذي ينقسم إلى عدة مراحل في وقت تعيش فيه غزة أزمة إنسانية كبيرة، بعدما فقد القطاع نحو 46 ألف شهيد، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، وعقب سلسلة من المحادثات المتقطعة التي جرت برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، بهدف التوصل إلى هدنة تنهي حربًا مدمرة استمرت لمدة 15 شهراً وأطول الحروب الإسرائيلية منذ حرب 1948.

1_1_11zon

وفي ظل التوصل إلى هذا الاتفاق، تبقى الأنظار مشدودة إلى مستقبل غزة، التي تحولت إلى ساحة حرب نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، في وقت يتطلع فيه العالم إلى ما ستسفر عنه المرحلة المقبلة في ظل محاولات إعادة بناء القطاع المدمّر.

يقول العميد الركن المتقاعد والمحلل العسكري سعيد القزح، إنه يتوقع أن يكون قطاع غزة عقب وقف إطلاق النار تحت الإدارة المباشرة والفعالة للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، وهي السلطة الممثلة للشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وأكد القزح أن هذا التوجه مدعوم عالميًا، خاصة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تأتي في إطار التمهيد لإعادة إعمار القطاع الذي سيتطلب استثمارات ضخمة، على أن تتولى أوروبا ودول الخليج مسؤولية تمويل هذا الإعمار، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على إدارة القطاع في هذه المرحلة.

2_2_11zon

دور حماس بعد وقف إطلاق النار

وتوقع المحلل العسكري أن يكون دور حركة حماس مستقبلاً محدودًا، حيث من المرجح أن تقتصر مشاركتها على دور سياسي سنوي دون تأثير كبير في إدارة القطاع، مشيرا إلى أنه إذا تم نزع سلاح حماس وأسلحتها العسكرية، فإن الحركة قد تتحول إلى حزب سياسي أو تنخرط تحت راية السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن هذا الحل هو السبيل الوحيد لضمان إعادة إعمار غزة وتحقيق مستقبل مستقر للقطاع، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يتم الإعمار دون التوصل إلى هذا الحل.

وفيما يتعلق بمستقبل غزة، أشار العميد الركن المتقاعد إلى احتمال تقسيم القطاع أو قيام القوات الإسرائيلية بالسيطرة على مناطق استراتيجية، خصوصًا في شمال القطاع، معبرا عن تفاؤله بحل القضية الفلسطينية خلال السنوات الأربع المقبلة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن هذا الحل سيكون مدعومًا من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، رغم المعارضة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي.

3_3_11zon

بنود الاتفاق بين حماس وإسرائيل

وفي تعليقه على الاتفاق بين حماس وإسرائيل، يقول القزح إن الأهم ليس بنود الاتفاق بحد ذاتها، بل التوصل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء دائرة العنف ضد الشعب الفلسطيني، موضحا أن ما شهدته المنطقة يشبه إلى حد بعيد المأساة التي وقعت في رواندا، ما جعل وقف إطلاق النار أمرًا ملحًا.

وأشار القزح إلى أن الطرفين "حماس وإسرائيل"، في الصراع خرجا خاسرين، حيث لم يحقق أي منهما أهدافه المعلنة، لذا لابد من وقف إطلاق النار، مشددًا على أن هذا القرار تأخر كثيرًا مما أدى إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني.

وينص الاتفاق بين حماس وإسرائيل، وفقًا لما نشرته وسائل الإعلام عبرية وفلسطينية، على انسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلية من جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك محوري نتساريم وفيلادلفيا، على أن يتم ذلك على مراحل، بينما ينص الاتفاق على فتح معبر رفح بشكل كامل لضمان حركة البضائع والمساعدات الإنسانية، مع إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا وفقًا لبروتوكول إنساني ترعاه دولة قطر.

ويستهدف الاتفاق إغاثة وإيواء المتضررين من خلال إدخال 200 ألف خيمة و60 ألف كرفان لتوفير الإيواء العاجل، إلى جانب إعادة تأهيل المستشفيات في القطاع وإدخال فرق طبية وجراحية ومشافي ميدانية، وتبادل الأسرى، بحيث يتم الإفراج

عن 1000 أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال دون سن 19، مقابل تسليم 33 أسيرًا إسرائيليًا بين أحياء وجثامين. ويُستكمل التفاوض لاحقًا لتسليم بقية الأسرى.

صورة4_4

وتم تحديد أن يتم تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق على مدى 6 أسابيع، تليها المرحلتان الثانية والثالثة لاستكمال البنود المتفق عليها.

وقال الكاتب والباحث السياسي سركيس أبو زيد إنه لا يزال من غير الواضح مستقبل غزة في الوقت الحالي، حيث أنه لم يتم إتمام الاتفاق وربما تحدث مفاجآت وتغيرات عدة.

وأشار إلى أنه لا يمكن تحديد مصير غزة بشكل نهائي قبل وقف المعارك رسميًا وتسوية ثابتة تحدد موازين القوى وتوضح اتجاهات الوضع.

وأضاف أبو زيد أن هناك عدة احتمالات تلوح في الأفق بشأن مستقبل غزة، موضحا أن أولى هذه الاحتمالات تدخل قوة دولية للإشراف على غزة، وهو الاقتراح الذي يدعمه البعض لكنه يواجه صعوبات لعدم تقديمه أي إدارة فعلية للفلسطينيين.

وتابع أن هناك اقتراح يقضي بوجود إدارة مشتركة دولية وعربية تشمل قوات عربية وفلسطينية لإدارة غزة، مشيرا إلى أنه يبقى احتمال عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة قائمًا، بالإضافة إلى اقتراح آخر يقضي بتولي حركة حماس إدارة شؤون القطاع عبر سلطة مدنية.

صورة5_5

وأكد أبو زيد أن جميع هذه الحلول تبقى احتمالات غير نهائية وغير حاسمة، وأن مصير غزة مرتبط بموازين القوى التي ستتبلور بعد انتهاء الحرب أو وقف إطلاق نار أو تسوية، موضحا أنه قد تكون هناك صيغة تجمع أكثر من احتمال وتتناسب مع مختلف الأطراف.

وشدد أبو زيد على أن مستقبل غزة يظل غامضًا في الوقت الراهن والمنطقة ما زالت في مرحلة انتظار تطورات جديدة قبل أن تستقر الأمور بشكل نهائي.

وفيما يتعلق بالاتفاق أشار الكاتب والباحث السياسي إلى أن أي اتفاق يحمل دائمًا إيجابيات وسلبيات، حيث يعتمد على التنازلات المتبادلة بين الأطراف المعنية، موضحا أن الاتفاق الحالي، فإنه يبدو أن حركة حماس وجمهورها كانت راضية ومبتهجة به، خاصة أنه يلبي بعض المطالب التي كانت حماس تطالب بها منذ فترة طويلة.

وتابع المحلل أن هناك خلافات داخل إسرائيل بشأن الاتفاق، حيث يوجد معارضات حتى داخل الحكومة، وبعض المسؤولين يهددون بالانسحاب من الائتلاف الحكومي مما قد يؤدي إلى سقوط الحكومة، بينما هناك آخرون داخل إسرائيل يوافقون أو سيدعمون الاتفاق.

صورة6_6

وأكد الباحث أن هناك تناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي على المستوى الحكومي، النيابي، والشعبي بشأن هذه المسألة، ولكن في الوقت نفسه، هناك ضغط إسرائيلي على الحكومة للموافقة على الصفقة بهدف الإفراج عن الأسرى، خاصة مع تحرك الأسرى أنفسهم في هذا الاتجاه.

وأوضح الباحث أن الاتفاق، على الأقل، يوقف المجازر والدمار، ويفتح المجال لعودة الاستقرار والأمان في غزة، موضحا أنه يتوقع أن حماس ستلتزم بالاتفاق نظرًا لعلاقتها الجيدة مع بعض الدول مثل مصر وقطر، التي لها دور في التفاهم مع الحركة.

اقرأ أيضًا:

هروب وشتات ودماء مُهدرة.. ماذا جرى في غزة طيلة 15 شهرًا؟

اتفاق غزة.. مكاسب المقاومة الفلسطينية تضع إسرائيل في مأزق دولي ومحلي

كيف حقق نتنياهو انتصارًا وغيّرَ 3 دول عربية بعد "طوفان الأقصى"؟

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان