كيف حقق نتنياهو انتصارًا وغيّرَ 3 دول عربية بعد "طوفان الأقصى"؟
كتبت- سهر عبد الرحيم
بعد مرور أكثر من عام على انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، تمكن الجانبان من التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، الأربعاء الماضي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما المكاسب التي حققتها تل أبيب من دخولها هذه الحرب، بجانب محاربتها على جبهات أخرى أعلنت مساندتها للمقاومة؟
يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن إسرائيل حققت مكاسب توسعية جراء دخولها الحرب. ففي قطاع غزة، تمكنت القوات الإسرائيلية من التوغل في المنطقة العازلة، التي زادت مساحتها في بعض المناطق إلى كيلومتر ونصف على امتداد الحدود الشرقية.
كما تمكنت إسرائيل من تدمير قطاع غزة بشكل شبه كامل، بما في ذلك تدمير كافة مؤسساته وإفقاد حركة حماس قدرتها على حكم القطاع الفلسطيني، نظرًا لوجود قرار دولي يقضي بعدم استمرار وجود الحركة في اليوم التالي للحرب. وقد تربط إسرائيل إعادة إعمار القطاع بشرط استبعاد حماس من الحكم، وهو ما قد يُعتبر إنجازًا استراتيجيًا لتل أبيب، بحسب ما صرّح به مطاوع.
وفيما يتعلق بالتواجد الإسرائيلي في محوري فيلادلفيا ونتساريم، أوضح الدكتور عبد المهدي مطاوع خلال حديثه مع "مصراوي" أن انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من هذه المناطق لا يمكن الحديث عنه حاليًا إلا بعد تطبيق المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار. وأشار إلى أنه حتى في المرحلة الثالثة، لا توجد ضمانات بانسحاب تام دون الإبقاء على منطقة عازلة في القطاع.
وأكد مطاوع أنه حتى بعد اكتمال تنفيذ جميع المراحل، فإن ذلك لا يعني أيضًا أن إسرائيل لن تعود لدخول قطاع غزة في المستقبل. ولفت إلى أن هذه الصفقة تهدف إلى إنهاء الحرب الحالية فقط، وليست اتفاقية سلام تتعلق بإقامة دولة فلسطينية. ومن وجهة نظره، تُعد هذه النقطة ثغرة كبيرة في الاتفاق المبرم أمس.
وبخصوص الضفة الغربية، قال المحلل السياسي الفلسطيني إنه "علينا الانتباه إلى أن هناك مساعي لضم مناطق من الضفة الغربية، وهذا جزء من مخطط اليمين الإسرائيلي مع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الحكم، المعروف بتأييده للتوسع الاستيطاني. لذلك، من المحتمل أن تشهد الضفة المحتلة مزيدًا من التصعيد في المستقبل."
ويُشار إلى أنه منذ بداية الحرب على غزة، يواصل الاحتلال عملياته الاستيطانية التوسعية في الضفة الغربية المحتلة ويعتقل مئات الفلسطينيين. ففي أكتوبر 2023، أعلن مسؤولون إسرائيليون أن هيئة التخطيط العليا تخطط لبناء أكثر من 3400 وحدة سكنية في مستوطنات "معاليه أدوميم"، و"كيدار"، و"إفرات".
وفي المقابل، يرى الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية خالد سعيد أن التقدم الإسرائيلي في قطاع غزة والتواجد في محور فيلادلفيا وممر نتساريم لا يمكن تسميته نجاحات، بل هو مجرد "فترة" خفقت فيها المقاومة الفلسطينية.
وأكد دكتور خالد سعيد خلال حديثه مع "مصراوي"، أن المقاومة الفلسطينية ستستطيع بناء صفوفها وقدراتها من جديد، فضلًا عن استعادتها الأراضي التي احتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي، قائلًا إنه إذا استطاع الاحتلال اغتيال أبرز قادة الحركة مثل صالح العاروري وإسماعيل هنية ويحيى السنوار، فإن هذا "لا يعني انتهاء المقاومة الفلسطينية"، إذ استُشهد في السابق مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين وغيره من القيادات فلم يوقف هذا المقاومة بل استمرّت واخرجت أجيال جديدة أكملت المسيرة.
وفيما يتعلق بالحديث عن "النجاحات" التي حققها رئيس الحكومي الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أوضح دكتور خالد سعيد أن هذا قد يمثل نجاحات بالنسبة لمؤيديه داخل الكيان الصهيوني، ويرجع السبب إلى أن نتنياهو قبل حرب غزة كان يواجه انتقادات واسعة ضده تطالب بإسقاط حكومته بسبب الإصلاحات القضائية التي كان يحاول هو ووزير العدل ياريف ليفين تمريرها في يناير 2023، كما أصدرت محكمة العدل الدولية مذكرة اعتقال في نوفمبر الماضي ضده بتهم تتعلق بارتكاب "جرائم حرب ضد الفلسطينيين" في غزة.
وقال الباحث في الشأن الإسرائيلي، إنه بالطبع بمجرد انتهاء حرب غزة سيُحاكم بنيامين نتنياهو من قِبل معارضيه نتيجة الفشل في توقع عملية (طوفان الأقصى) التي شنتها حركة حماس ضد مستوطنات قطاع غزة في الـ7 من أكتوبر 2023.
لبنان
وأعلن حزب الله اللبناني، بعد يوم واحد من إطلاق عملية (طوفان الأقصى) في 7 أكتوبر 2023، الهجوم على إسرائيل لمساندة المقاومة الفلسطينية في حرب غزة. وتسارعت حدة الهجمات بين الطرفين حتى تم التوصل إلى اتفاق هدنة في نوفمبر الماضي.
إلا أنه، كما هو متوقع، اخترقت إسرائيل الاتفاق ولم تلتزم به، إذ أعلن جيش الاحتلال، الإثنين الماضي، ضرب أهداف لحزب الله في لبنان، زاعمًا أنها كانت تهدد القوات الإسرائيلية. ومن بين الأهداف التي قُصِفت، الأحد، موقع لإطلاق الصواريخ وطرق على طول الحدود السورية اللبنانية، يدعي الجيش الإسرائيلي أنها تستخدم لتهريب الأسلحة إلى الحزب.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني عبدالمهدي مطاوع إن إسرائيل أجبرت حزب الله على تنفيذ القرار الأممي رقم 1701، الذي يقضي بتفكيك تسليح الحزب اللبناني وإزالة مقاتليه وأسلحته من الحدود، وانسحابه إلى ما وراء نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومترًا إلى الشمال. وربما يشمل القرار نزع سلاحه في المستقبل. كما نص القرار على أن الحكومة اللبنانية ستمنع الحزب من تنفيذ أي عمليات ضد إسرائيل.
وأضاف دكتور عبدالمهدي، أن إسرائيل تمكنت أيضًا من إضعاف الحزب باستهداف قياداته، وأبرزها اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله في سبتمبر 2024، وقبله القيادي فؤاد شكر المسؤول العسكري المركزي الأول للحزب منذ تأسيسه في الثمانينات وغيرهم من القادة.
وكان من نتائج استهداف قيادات حزب الله واستمرار الهجمات الإسرائيلية عليه، هو إضعاف الحزب وتراجع قدراته في التأثير على السياسة الداخلية في لبنان، إذ غاب الحزب عن تشكيل الحكومة الجديدة التي يترأسها نواف سلام كما تمكنت البلاد من انتخاب رئيسًا لها بعد عامين من تعطيل الحزب لهذا الإجراء.
إلا أن الباحث في الشؤون الإسرائيلية خالد سعيد، يرى أنه من المؤكد أن حزب الله سيتمكن من بناء قدراته واستعادة صفوفه والعودة مرة أخرى، مشيرًا إلى أن اغتيال قيادات الحزب لا يعني انتهاءه.
سوريا
استغلت إسرائيل انسحاب الجيش السوري من المنطقة العازلة على الحدود معها عقب سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة على البلاد في 8 ديسمبر الماضي، وقامت بنشر قواتها في تلك المنطقة.
وانتشرت القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة وقامت باحتلال جبل الشيخ ذو الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية الكبيرة، فضلًا عن وجود مناقشات داخل تل أبيب تقترح بتقسيم سوريا إلى "كانتونات"، زاعمة أنها بهدف حماية الأقليات، وفقًا لما أفادته صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية.
وفي هذا الشأن، يرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن ما حققته إسرائيل في سوريا هو "حلم سابق"، إذ دمرت القدرات العسكرية لدولة حدودية كان لا يوجد اتفاق سلام معها، فضلًا عن الاستيلاء على جبل الشيخ ذو الموقع الاستراتيجي ما مكنها من مراقبة دول أخرى مثل لبنان والأردن.
وبخصوص إمكانية انسحاب القوات الإسرائيلية من تلك المناطق، قال مطاوع إن تل أبيب ستستغل حالة عدم الاستقرار الذي تعاني منه سوريا لتقوم بفرض "سياسة الأمر الواقع"، وما سيشجعها على ذلك هو مجئ دونالد ترامب الذي اعترف خلال ولايته الأولى بالجولان السوري المحتل كجزء من الأراضي الإسرائيلية.
وفي النهاية يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية خالد سعيد، إن التقدم الإسرائيلي في الدول الثلاث السابقة "غير دائم"، بمعنى إنه إنجازًا لحظيًا مرتبط بفترة معينة ومع استقرار الأوضاع واستعادة المقاومة لصفوفها يمكن أن تنسحب قوات الاحتلال من هذه المناطق.
اقرأ أيضًا:
هروب وشتات ودماء مُهدرة.. ماذا جرى في غزة طيلة 15 شهرًا؟
اتفاق غزة.. مكاسب المقاومة الفلسطينية تضع إسرائيل في مأزق دولي ومحلي
فيديو قد يعجبك: