بعد المبادرة الأمريكية.. لماذا اشتعلت الحرب في الخرطوم؟
كتبت- أسماء البتاكوشي
منذ ما يقرب من عام ونصف لم تتوقف المعارك العنيفة في السودان، بين قوات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع الذي يتزعمه محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، في حرب دامية راح ضحيتها الآلاف من القتلى والمصابين، فضلًا عن نزوح وتشريد الملايين من المدنيين.
وكان قائدا الجيش السوداني والدعم السريع، قد أبديا انفتاحهما على الحلول السلمية للحرب الجارية في البلاد، استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن لهما إلى العودة لطاولة المفاوضات حفاظًا على أرواح المدنيين جراء القتال وتدهور الأوضاع الإنسانية.
لكن في ساعات الصباح الأولى شن الجيش السوداني عملية عسكرية استهدفت عدة مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع في وسط وغرب وجنوب مدينة الخرطوم، ودارت اشتباكات في محيط موقع الاستراتيجية قرب منطقة المقرن غربي الخرطوم، كما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، بحسب موقع "سودان تربيون".
وحلقت طائرات الجيش السوداني بكثافة فوق سماء أم درمان، تزامنًا مع معلومات تشير إلى تنفيذه غارات جوية استهدفت مقر الاستراتيجية بالمقرن في الخرطوم الذي استولت عليه قوات الدعم السريع من الجيش في يونيو 2023.
الاشتباكات التي وصفتها وسائل الإعلام السودانية، بأنها الأعنف منذ بداية الصراع، إذ رافقها تصعيد غير مسبوق في الخرطوم، منذ الأشهر الماضية، فإن أصوات الأسلحة الثقيلة والانفجارات، سُمعت بشكل متزامن وسط وجنوب الخرطوم،حيث القيادة العامة ومنطقة المقرن، فضلًا عن سلاحي الإشارة والمدرعات التابعين للجيش.
جاء التصعيد بعد ساعات قليلة من إعراب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، لعبد الفتاح البرهان، عن "قلقه البالغ" حيال تصعيد النزاع في السودان، فيما نددت الجمعيات الإنسانية بالجحيم الذي يعيشه المدنيون في هذا البلد، حسب بيانها.
وشدد جوتيريش للبرهان خلال لقاء بينهما الأربعاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان، منددًا بتداعياته المدمّرة على المدنيين السودانيين ومخاطر تمدّده إقليميًا، وفق ما أفاد المتحدث باسم الأمين العام في بيان.
وكانت جهات دولية وإقليمية عدة قد حاولت التدخل، لنزع فتيل الأزمة ووقف الصراع في السودان، لكن المحاولات كافة باءت بالفشل، وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف هذه المحاولات، أملًا في الوصول إلى حلول ناجحة، تؤدي في النهاية إلى الاستقرار الذي يأمله السودانيون.
الجهود التي كان من بينها، دعوة القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة جويس مسويا لإنهاء الحرب والاستجابة الإنسانية المستدامة في السودان، إذ ناشدت الدول باستخدام نفوذها انتهاكات القانون الدولي الإنساني في البلاد.
جاء ذلك خلال اجتماع وزاري عُقد حول السودان بمقر الأمم المتحدة تحت عنوان "تكلفة التقاعس: الدعم العاجل والجماعي لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة"، حسبما أفاد مركز إعلام الأمم المتحدة اليوم الخميس.
وقبل ذلك كانت دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن لطرفي الصراع، للمشاركة مجددًا لوقف الأعمال العسكرية، والعودة لطاولة المفاوضات فورًا، إذ قال "لقد تحمل الشعب السوداني لأكثر من 17 شهرًا الحرب التي خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، لقد نزح ما يقرب من 10 ملايين شخص بسبب هذا الصراع".
وأضاف خلال تصريح نشره البيت الأبيض: "أدعو المتحاربين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى سحب قواتهم وتسهيل الوصول الإنساني دون عوائق، وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب، ويجب على قوات الدعم السريع أن توقف هجومها الذي يلحق ضررًا غير مناسب بالمدنيين السودانيين".
وعلى الرغم من أن دعوة بايدن، لاقت قبولًا من قبل طرفي الصراع، إذ أعلنا استعدادهما لاستئناف مفاوضات إنهاء الحرب بينهما، فعبر رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، عن استعداده للعمل مع الشركاء الدوليين سعيًا للتوصل إلى حل سلمي، بينما أكد حميدتي، التزامه بالانخراط في عمليات السلام، فإن التصعيد في السودان مستمر ولم يتوقف.
فيديو قد يعجبك: