إعلان

محلل أمريكي:ما يحدث بأفغانستان الآن أزمة من صنع الإنسان وتسبب فيها النظام

12:24 م الخميس 29 أغسطس 2024

انعدام الأمن الغذائي الحاد بأفغانستان

واشنطن - (د ب أ)

في الربع الأول من عام 2021، كان 11 مليون مواطن أفغاني تقريبا يواجهون "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وهو مصطلح يستخدم عندما تكون حياة إنسان أو سبل عيشه في خطر بسبب عدم القدرة على الوصول إلى طعام مفيد غذائيا، وقد عكس هذا في الواقع تقدما مقارنة بالأعوام السابقة عندما تضررت البلاد بشدة من جائحة فيروس كورونا وسلسلة من موجات الجفاف.

وقال السفير مارك جرين رئيس مركز ويلسون الأمريكي للأبحاث في تقرير نشره المركز، إن مجموعة دراسة أفغانستان المكلفة من الكونجرس (والتي كان هو جزءا منها)، وثقت كيف تحسنت الحياة اليومية للمواطنين الأفغان بعدة طرق، فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع من 56 عاما إلى 64 عاما، وتم خفض وفيات الأمهات بأكثر من النصف، وتراجع زواج الأطفال بنسبة 17%، وتضاعفت نسبة وصول الفتيات إلى مرحلة التعليم الابتدائي تقريبا، وبدأ يتزايد وجود المرأة في كليات أفغانستان والبرلمان والسلك الدبلوماسي.

تابع جرين إنه بعد فترة قصيرة من الانسحاب الأمريكي في أغسطس 2021 وسيطرة طالبان على البلاد، دخل اقتصاد البلاد في حالة انهيار، وارتفعت معدلات الجوع سريعا إلى مستويات قياسية، وبين شهري سبتمبر وأكتوبر 2021، واجه نحو 19 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، ووصل 6.8 مليون شخص منهم إلى "مستويات حالات الطوارئ".

وبحلول فصل الربيع عام 2022، (مارس وحتى مايو)، كانت الأمم المتحدة تعتبر أن 20 مليون شخص، أو نصف عدد سكان البلاد، في "حاجة ماسة" للغذاء.

ومع إحياء العالم للذكرى الثالثة للانسحاب الأمريكي، من الواضح أن الحياة في أفغانستان قد تحسنت قليلا منذ الاضطرابات الاقتصادية التي تعرضت لها في عام 2021، وقد كان هناك تحسنا هامشيا في الأمن الغذائي، إلا أن 14.2 مليون أفغاني لا يزالون يعانون من نقص حاد في الغذاء، كما يواجه 2.9 مليون شخص مستويات حالات الطوارئ من سوء التغذية والمرض نتيجة للافتقار إلى التغذية.

وتشير التقديرات إلى أن واحدا من بين كل أربعة مواطنين أفغان لا يعرف من أين سيحصل على وجبته التالية، ومن المرجح أن يحتاج أكثر من 20 مليون أفغاني مساعدة إنسانية خلال العام الجاري، أكثر من نصفهم من الأطفال.

ويرى جرين أنه مثل معظم الأزمات الإنسانية التي تمتد لفترة طويلة، ما يحدث في أفغانستان، هي أزمة من صنع الإنسان وتسبب فيها النظام، وتحدث هذه الأزمة بسبب الطريقة التي تحكم بها حركة طالبان البلاد، وقال جرين إنه أشار من قبل إلى أن حكومة كابول تتعامل بشكل وحشي مع النساء والفتيات.

ويرى جرين أن مراسيم النظام، اقتلعت النساء من نسيج الحياة اليومية في البلاد، حيث منعتهن من بدء أو إكمال التعليم الثانوي ومنعتهن من ارتياد الحدائق العامة ومن السفر في الطائرات بدون محرم، وأيضا من الوصول إلى الرعاية الطبية العاجلة، كما منع النظام النساء من الخدمة في الحكومة ومن العمل في المنظمات الإنسانية والتنموية مثل منظمة "أنقذوا الأطفال"، التي أجبرت على وقف عملياتها في أفغانستان تماما في عام 2023، ثم استئناف عملها على أساس محدود فقط.

ويقول جرين إن ممارسات طالبان ليست ضد المرأة فقط وإنما هي ضد أفغانستان أيضا، فقد ساهمت بشكل كبير في الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتشير بعض التقديرات إلى أن إجبار النساء على الخروج من الاقتصاد الرسمي للبلاد، كلف أفغانستان ما يصل إلى مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي الفترة التي سبقت سيطرة طالبان على الحكم، كان النساء يمثلن أكثر من 22% من قوة العمل في أفغانستان، وكانت نسبة 20% من الشركات التي تمتلكها النساء تعمل في إنتاج ومعالجة الغذاء، مما تسبب في تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي والجوع.

وقال جرين إنه بينما كان نظام طالبان صارما في إبلاغ العالم (خاصة الدول الغربية) أن سياساته، بما في ذلك، معاملته للنساء، ليست من شأن أحد، فهو لا يزال يرغب في مناشدة المجتمع الدولي تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لبلاده.

وغالبا ما كانت الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة في جهود الإغاثة، حيث قدمت 2.1 مليار دولار تقريبا لتمويل المساعدات الإنسانية منذ عام 2021، وحتى الذكرى السنوية الثالثة للانسحاب الأمريكي، تشكل المساهمات الأمريكية 30% من إجمالي الدعم الإنساني المقدم لأفغانستان، كما تلعب الولايات المتحدة دورا كبيرا في المساعدات التي توجه للاجئين الأفغان الذين اضطروا إلى الفرار من البلاد بسبب السياسات الوحشية لطالبان.

وفي عام 2023، كان واحد من كل ستة لاجئين، بموجب تفويض وكالة الأمم المتحدة للاجئين، أو أكثر قليلا من 6.4 مليون شخص، من أفغانستان.

واختتم السفير جرين تقريره بالقول إنه عندما غادرت آخر الطائرات العسكرية الأمريكية مطار كابول الساعة 1159 مساء يوم 30 أغسطس 2021، كان هناك أشخاص في واشنطن من المرجح أن يكونوا شعروا بالارتياح، فقد كانوا يعتقدون بإخلاص أن أمريكا ستتمكن أخيرا من قلب صفحة فصل غير سار من تاريخنا.

ولكن اتضح أن هذا ليس صحيحا، على الإطلاق، فبالإضافة إلى استمرار ذكري الخسارة المؤلمة لـ13 أمريكيا خلال عملية الانسحاب نفسها، يشهد العالم المعاناة الفظيعة لعدد كبير من المواطنين الأفغان، الرجال والنساء والفتيات.

ورأى أنه لأن الولايات المتحدة دولة أخلاقية، فإنها لا تزال تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية بمليارات الدولارات، وأكد "ربما تكون قواتنا قد غادرت، لكن التكاليف لا تزال مستمرة".

فيديو قد يعجبك: