إعلان

من غزة إلى بكين.. ما الدرب الذي تنتهجه هاريس في مواجهة القضايا الدولية الشائكة؟

03:10 م الخميس 25 يوليو 2024

كامالا هاريس

واشنطن - (ا ف ب)


رمت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بكل ثقلها في دعم جو بايدن، السياسي المخضرم ذو السجل الحافل في السياسة الخارجية والقضايا الدولية. لكن، ومع اقتراب فوزها بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، فهي مطالبة بكشف نهجها في هذا المجال لا سيما فيما يتعلق ببعض الملفات الراهنة الساخنة مثل الحرب في غزة والعلاقات الأمريكية مع بكين.

غابت كامالا هاريس الأربعاء عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس، لـ "ضيق الوقت"، وزارت مدينة إنديانابوليس لإلقاء كلمة أمام المؤتمر الوطني لنادي زيتا فاي بيتا النسائي، أحد أقدم المنظمات الجامعية في البلاد للطالبات الأمريكيات ذوات الأصول الأفريقية.

غابت هاريس على الرغم من أن رئاسة الجلسة تعود لها وفق البروتوكول، ليتولى سيناتور ماريلاند بنجامين كاردين، المؤيد المتشدد لإسرائيل، مقعدها إلى جانب رئيس مجلس النواب مايك جونسون.

وبالمناسبة، أصبح نتنياهو أول زعيم أجنبي يلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي أربع مرات، متفوقا على ونستون تشرشل البريطاني (ثلاث مرات). وكانت هذه أول زيارة خارجية له منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي.

وأكد فريق هاريس أنه أبلغ مجلس الشيوخ بغياب المدعية السابقة خلال خطاب نتنياهو قبل إعلان الرئيس جو بايدن الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض، وتسليمه المشعل لنائبته البالغة 59 عاما. ففي إحاطة للصحافيين الإثنين حول "تضارب المواعيد"، حاول مساعدوها التقليل من أهمية غيابها، مشيرين إلى أن نائبة الرئيس ستلتقي نتنياهو بشكل منفصل.

لماذا غابت عن خطاب نتنياهو؟

لكن، وهي تستعد للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، جلب غيابها عن الكونجرس الأنظار وأصبح يخضع لتدقيق أكبر. كما سلّط الضوء أيضا على الانقسامات الموجودة بين الناخبين الأمريكيين بشأن الحرب في غزة.

لا تُعد السياسة الخارجية من نقاط القوة بالنسبة لهاريس، الأمر الذي قد يثير مخاوف حلفاء واشنطن، الذين ينظرون بحذر إلى الالتزامات الأمنية التي اتخذتها الولايات المتحدة، خاصة بعدما اختار دونالد ترامب السيناتور جيه دي فانس نائبا له، وهو الذي روّج علنا لسياسة أمريكية "انعزالية" (عدم التدخل في الصراعات الأوروبية والآسيوية ولا في السياسة الدولية).

وقد أمضت هاريس، المتخرجة من كلية الحقوق والمدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا، معظم مشوارها السياسي في التركيز على القضايا المحلية. وخالف تعيينها نائبة للرئيس في 2021 الاتجاه السائد منذ فترة طويلة في السياسة الأمريكية حيث يكون الرجل أو المرأة التي تتولى المنصب أدرى في مجال الشؤون الخارجية من الرئيس المنتخب.

"لا نعرف الكثير عن توجهات سياستها الخارجية"

وقد شهدت الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2000 ذلك الأمر عندما اختار جورج د. بوش (الذي كان يفتقر للخبرة في السياسة الخارجية) ديك تشيني في منصب نائب الرئيس (وكان تشيني وزير الدفاع خلال عهدة جورج و. بوش والد الرئيس الجديد). وكان الرئيس السابق باراك أوباما عيّن جو بايدن نائبا له ليكون مستشاره الرئيسي في القضايا الدولية.

من جانبها، ليس لكامالا هاريس سوى خبرة متواضعة في مجال السياسة الخارجية. وبالتالي لم تكن لتنوب عن بايدن، الذي أمضى 36 عاما في مجلس الشيوخ الأمريكي وثمانية أعوام في البيت الأبيض.

وفي السياق يوضح ستيفن إيكوفيتش، وهو خبير في السياسة الأمريكية وأستاذ فخري بالجامعة الأمريكية في باريس قائلا: "نحن على أرض مجهولة لأننا لا نعرف الكثير عن توجهات سياستها الخارجية." ولفت إلى أن بعد قضائها نحو أربع سنوات في البيت الأبيض، يجب أن تكون هاريس "على اطلاع" بقضايا السياسة الخارجية، بما أن نائب الرئيس يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الأمريكي وأدرى بمختلف التعليمات التي تصله.

وأضاف إيكوفيتش: "أظن أنها ستحتفظ، على الأقل في المستقبل القريب، بنفس التوجه ونفس الفريق. لا أعتقد أنها ستغير الأمور الآن... على الأرجح ستواصل الحملة على نفس المنوال."

أول مسؤولة أمريكية رفيعة تدعو علنا إلى وقف إطلاق النار في غزة

في الشرق الأوسط، يبقى دعم حل الدولتين وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها مبدأين ثابتين لدى هاريس منذ انتخابها لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا في عام 2017.

وقد حرصت بصفتها نائبة للرئيس على عدم معارضة مواقف بايدن بشأن الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة ردا على هجوم 7 أكتوبر. لكنها لم تتردد في التنديد بمعاناة المدنيين الفلسطينيين، قائلة إن إسرائيل لا تفعل ما يكفي لتخفيف "كارثة إنسانية" في غزة. كما أنها أول مسؤولة أمريكية رفيعة تدعو علنا إلى وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

وفي حدث أقيم في 5 مارس لإحياء ذكرى حملة قمع المتظاهرين من أجل الحقوق المدنية عام 1965 في مدينة سلمى بولاية ألاباما، انتقدت هاريس الظروف اللاإنسانية في غزة، ووجهت الجزء الأكبر من خطابها إلى الحكومة الإسرائيلية قائلة "إن الناس يتضورون جوعا في غزة في ظروف غير إنسانية. وإنسانيتنا المشتركة تجبرنا على التحرك."

وأضافت: "يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تفعل المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل أكبر." وأردفت "لا عذر لذلك."

وبعدها بشهر، حثت هاريس إسرائيل مرة أخرى على "بذل المزيد من الجهد لحماية عمال الإغاثة" بعد أن أدت غارة إسرائيلية على قافلة إنسانية إلى مقتل سبعة من العاملين في "المطبخ المركزي العالمي"، بينهم مواطن أمريكي.

وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، قال جيم زغبي، مؤسس المعهد العربي الأمريكي، إنه أجرى محادثة هاتفية مع كامالا هاريس في أكتوبر، وقال إنها أظهرت "تعاطفا أكبر بكثير" مع الفلسطينيين من بايدن وغيره من الموظفين المساعدين في البيت الأبيض.

الأمريكيون الأصغر سنا أكثر تأييدا للفلسطينيين

وقد ظهر شرخ كبير جدا في صفوف الديمقراطيين جراء الحرب في غزة خاصة بعد مقاطعة عشرات المشرعين المنتمين للحزب خلال خطاب نتنياهو الأربعاء.

ومن بين هؤلاء أعضاء "الفريق" الذين أيد العديد منهم ترشيح هاريس للبيت الأبيض، على غرار ممثلة نيويورك ألكساندريا أوكاسيو كورتيز.

وقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار خلال الأشهر القليلة أن الأمريكيين الأصغر سنا أكثر تأييدا للفلسطينيين.

وبحسب إيكوفيتش فإن غياب هاريس عن خطاب نتنياهو الأربعاء له "دواع انتخابية"، وأكد قائلا: "هذا ينطبق بشكل خاص على بعض الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، حيث توجد ديترويت"، في إشارة إلى المجتمعات العربية والأمريكية-الأفريقية المتواجدة بكثافة في المدينة. موضحا أن "في ولاية بنسلفانيا، هناك فيلادلفيا، التي تضم عددا معتبرا من السكان السود. وهناك نوع من الحساسية تجاه موقف بايدن المؤيد بشدة لإسرائيل في هذه الأماكن".

وعلى الرغم من أن المرشحة الديمقراطية المحتملة للرئاسيات المقبلة اختارت عدم حضور خطاب نتنياهو، يقول إيكوفيتش إنه من غير المرجح أن تغير هاريس السياسة الأمريكية بشأن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني بشكل جذري.

هاريس "قوية حقا"

ويرجح إيكوفيتش أيضا أن تكون الاستمرارية هي سيدة السياسة الأمريكية بخصوص الحرب في أوكرانيا أو تجاه حلف الشمال الأطلسي (الناتو).

وقد التقت كامالا هاريس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العديد من المؤتمرات الدولية، بينها مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، الذي حضرته لثلاث سنوات متتالية ممثلة للرئيس جو بايدن.

وتعهدت في اجتماعها الأخير مع زيلينسكي خلال قمة السلام الأوكرانية بسويسرا في يونيو الماضي، بمنح 1.5 مليار دولار كمساعدة لقطاع الطاقة في أوكرانيا بالإضافة إلى 379 مليون دولار من المساعدات الإنسانية.

أما بخصوص الصين، فيجمع الخبراء على أن هاريس تشاطر بايدن مواقفه بشأن الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتايوان. وغالبا ما نددت بشدة بسجل بكين في مجال حقوق الإنسان في هونج كونج، وكذلك في مقاطعة شينجيانغ التي يقطنها غالبية من الأويغور المسلمين.

ويشير كبار أعضاء الحزب الديمقراطي إلى أن هاريس مثلت بايدن في العديد من التجمعات الدولية، بما في ذلك اجتماعات رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC)، الأمر الذي منحها خبرة لا بأس بها في السياسة الخارجية.

وفي السياق قال النائب آدم سميث في مقابلة مع موقع "بوليتيكو" الإخباري: "بصراحة، خضعت [هاريس] لاختبار الإجهاد.. لقد كانت المتحدثة الرئيسية باسم الإدارة في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث دافعت عن دورنا في أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي وفي العالم، وكانت قوية حقا".

ملف الهجرة.. "لا أحد يستطيع"

لكن في أمريكا اللاتينية، يبقى سجل كامالا هاريس متباينا. ففي بداية عهدته، طلب بايدن من نائبته محاولة معالجة مشاكل الهجرة على الحدود الجنوبية المتجذّرة منذ سنوات، وذلك من خلال التركيز على دول أمريكا الوسطى والجنوبية.

والتزاما بتعليمات البيت الأبيض، كررت هاريس رسالة "لا تأتوا" للمهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود الجنوبية مع المكسيك بشكل غير قانوني. لكن أثار ذلك استياء الديمقراطيين ذوي الميول اليسارية.

ويعترف معظم الخبراء بأن المهمة كانت مستحيلة، وليس فقط لنائب رئيس جديد، "لقد تناولت ملف الهجرة وبالطبع لم تفلح في معالجته لأن لا أحد فعل ذلك. لا أحد يستطيع" بحسب إيتكوفيتش.

من جهته، جعل ترامب "المهاجرين غير الشرعيين" موضوعا رئيسيا في حملته ومن المرجح أن يحاول محاصرة هاريس بشأن هذه المسألة. لكن يقول إيكوفيتش إن تكتيكات ترامب قد تنجم عنها نتائج عكسية، موضحا: "إذا هاجمها الجمهوريون، وترامب وفانس بخصوص هذا الموضوع، ما عليها سوى الرد بأن مشروع قانون بهذا الشأن كان على الطاولة لكن الجمهوريين منعوه".

وبالفعل، تمكنت هاريس من الصمود في وجه "العاصفة" لمعالجة موضوع المهاجرين من خلال دعم مشروع قانون يوفر المزيد من التمويل لحرس الحدود والوكالات الأمريكية. لكن مشروع القانون صدّه الجمهوريون في وقت سابق من هذا العام.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان