لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد الانتخابات المبكرة في ألمانيا.. هل تتشكل حكومة جديدة بحلول عيد الفصح؟

03:24 م الثلاثاء 31 ديسمبر 2024

ألمانيا

برلين- (د ب أ)

تشهد ألمانيا في العام الجديد معركة انتخابية قد لا يكون لها مثيل من قبل لتشكيل برلمان جديد للبلاد. فبين انهيار ائتلاف "إشارة المرور" الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتس في 6 نوفمبر الماضي ويوم الانتخابات المحتمل أن يكون في 23 فبراير المقبل، أصبح هناك 109 أيام فقط، وهي مدة تقل بمقدار عشرة أيام عن آخر موقف مماثل لإجراء انتخابات مبكرة عام 2005، وبعد أن تنطفئ آخر صواريخ رأس السنة، سيتبقى أمام الأحزاب المتبارية 53 يومًا فقط لجمع الأصوات.

لكن قِصر فترة المعركة الانتخابية ليست هي السمة الوحيدة التي تميز هذه المعركة الانتخابية، حيث ستكون انتخابات 2025 هي أول انتخابات تشهدها ألمانيا في فصل الشتاء منذ عام 1987. ولأول مرة، لا يقتصر الأمر على وجود اثنين أو ثلاثة مرشحين لمنصب المستشار، بل هناك خمسة مرشحين لهذا المنصب. ومنذ عام 1949، شهدت ألمانيا حتى الآن 20 دورة انتخابية لتشكيل برلمان للبلاد، وقد تكون الانتخابات المقبلة (النسخة الـ 21) هي إحدى أصعب الحملات الانتخابية في ألمانيا، حتى لو كانت جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان باستثناء حزب "البديل من أجل ألمانيا"، توصلت إلى اتفاق يُعرف بـ"اتفاق النزاهة" قبل عيد الميلاد.

يتكون الاتفاق من صفحتين ونصف فقط، ويهدف إلى التصدي للتصريحات المتطرفة، والمعلومات المضللة المقصودة، وتعطيل الفعاليات الانتخابية، وإتلاف الملصقات - وكذلك الإساءات الشخصية. وجاء في نص الاتفاق: "نتناقش باحترام متبادل، ونتجنب الإساءات الشخصية أو الهجمات على الوسط الشخصي أو المهني الخاص بالساسة".

غير أن هذه المبادئ الواردة في الاتفاق لم تتحقق على نحو فعال خلال النقاش التاريخي الذي دار في البرلمان قبل التصويت على الثقة في المستشار الألماني. فبدلاً من مراعاة الكرامة والتواضع والاحترام، سيطر الصخب على الأجواء، حيث اتهم المستشار أولاف شولتس النائب عن الحزب الديمقراطي الحرش كريستيان ليندنر(وهو رئيس الحزب أيضا)، والذي كان يشغل منصب وزير المالية في حكومة شولتس، بممارسة "التخريب على مدار أسابيع" لحكومة ائتلاف "إشارة المرور"، وقال شولتس إن ليندنر "يفتقر إلى النضج الأخلاقي المطلوب".

وبدوره، وصف مرشح الاتحاد المسيحي لمنصب المستشار، فريدريش ميرتس، ما قاله شولتس بأنه "محض وقاحة"، وفي المقابل ندد ميرتس بشدة بتصرف شولتس "السلبي" خلال قمم الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وقال إن هذا التصرف "يُشْعِرُني بالحرج"، ورد المستشار بدوره بجملة ستُسجل في تاريخ هذه الحملة الانتخابية، حيث قال بلهجة شمال ألمانيا:" فريتسه ميرتس يحب التحدث بالترهات"، وعندما سُئل لاحقا عن سبب مناداته لميرتس باسم "فريتسه" بدلا من "فريدريش"، قال شولتس ببساطة:" لأن ذلك يناسب الترهات".

وستكشف الأيام المقبلة عما إذا كان اتفاق النزاهة سيخفف الأجواء المتوترة بعد انهيار ائتلاف "إشارة المرور" ولو بمقدار قليل. كما أنه من الصعب التنبؤ بالموضوعات التي ستحدد مسار المعركة الانتخابية في نهاية المطاف، غير أن موضوع الأمن الداخلي سيأتي على رأس أجندة المعركة الانتخابية على الأقل بسبب هجوم الدهس القاتل الذي وقع مؤخرا في سوق عيد الميلاد في مدينة ماجدبورج خلال فترة نهاية العام وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 200 شخص.

ومع ذلك، قد تكون هناك مفاجآت أخرى. ففي 20 يناير، سيؤدي دونالد ترامب في واشنطن اليمين الدستوري كرئيس جديد للولايات المتحدة، ولا يزال ما يخطط ترامب للقيام به في الأسابيع الأولى بعد ذلك، محل تخمينات وحسب حتى الآن. ومن المحتمل أن تواجه ألمانيا رسومًا جمركية عقابية، إلى جانب مطالب برفع الإنفاق الدفاعي إلى 3% أو أكثر من إجمالي ناتجها المحلي، كما أن ترامب كان تعهد بإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا في أقصر وقت ممكن، وهو أمر قد يؤثر بشكل كبير على الحملة الانتخابية في ألمانيا.

وشهدت ألمانيا في الفترة الأخيرة ضجة على إثر تدخل إيلون ماسك الملياردير الأمريكي ومستشار ترامب، في الشأن الألماني حيث أعلن دعمه لحزب البديل ودعا المستشار شولتس إلى الاستقالة بعد هجوم ماجدبورج، ولكن المستشار تعامل مع الأمر بهدوء، قائلاً:" لدينا بالمناسبة حرية تعبير وهي تسري أيضا على أصحاب المليارات".

وبغض النظر عن مدى صعوبة المعركة الانتخابية، فإنه سيتعين في نهاية المطاف على حزبين أو ثلاثة أحزاب أن تتفق على تشكيل حكومة مشتركة لإدارة ألمانيا. ووفقًا للاستطلاعات الحالية، فإن الخيارات الأكثر واقعية هي أن يتم تشكيل ائتلاف حاكم يجمع بين الاتحاد المسيحي الذي يقوده ميرتس وبين حزب شولتس الاشتراكي الديمقراطي (يُطْلَق على هذا التحالف في ألمانيا اسم الائتلاف الكبير)، أو أن يتم تشكيل ائتلاف يجمع بين الاتحاد المسيحي وحزب الخضر.

ويتكون الاتحاد المسيحي من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري. ومع ذلك، فقد تضررت سمعة التشكيلات الثلاثية بعد انهيار ائتلاف "إشارة المرور"، وفشل مفاوضات تشكيل "تحالف جامايكا" بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر بعد انتخابات عام 2017.

وترجع تسمية "تحالف جامايكا" إلى أن ألوان الأحزاب الثلاثة: الأسود (شعار الاتحاد المسيحي) والأخضر (شعار حزب الخضر) والأصفر (شعار الحزب الديمقراطي الحر)، هي ألوان علم دولة جامايكا. كما أن من المحتمل أن يفشل الحزب الديمقراطي الحر في الحصول على النسبة المؤهلة (5%) لدخول البرلمان في الانتخابات المقبلة.

ولا يمكن لأحد التنبؤ على نحو موثوق بالمدة التي ستستغرقها ألمانيا لتشكيل حكومة تعمل بكفاءة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويأمل المتفائلون في أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة بحلول عيد الفصح، والذي سيحل في 20 أبريل المقبل، أي بعد حوالي شهرين من الانتخابات.

لا تفيد تجارب الماضي كثيرا في هذا السياق. فبعد كل انتخابات برلمانية من الانتخابات الـ 20 التي شهدتها ألمانيا منذ عام 1949، كان الأمر يستغرق مدة تتراوح بين أقل من شهر وما يقرب من ستة شهور حتى تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية.

وحدثت أسرع عملية تشكيل حكومة في ألمانيا في انتخابات عام 1969 وعام 1983، حيث تمكن المستشار فيلي برانت(من الحزب الاشتراكي) في عام 1969 من تشكيل أول ائتلاف اشتراكي- ليبرالي خلال 23 يومًا، ولم تستغرق الأمور وقتًا أطول حتى أكمل المستشار هيلموت كول (من الحزب المسيحي) أيضا تشكيل حكومته المكونة من الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي بعد انتخابات مبكرة في عام 1983.

في المقابل، احتاجت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل (من الحزب المسيحي) بعد انتخابات عام 2017، إلى 171 يوما لتبدأ فترة ولايتها الرابعة والأخيرة بحكومة تجمع بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي. وكان السبب في ذلك هو فشل مفاوضات تشكيل تحالف "جامايكا" بين اتحادها المسيحي وحزب الخضر والحزب الليبرالي في منتصف تلك الفترة.

الشيء الجيد للحكومة الجديدة هو أنها ستتمكن من بدء فترة ولايتها بهدوء ودون إزعاج من ضجيج الحملات الانتخابية في الولايات. فبعد أسبوع واحد من الانتخابات البرلمانية الألمانية، ستُجرى آخر انتخابات مقررة على مستوى الولايات في 2 مارس في ولاية هامبورج، ولن تُجرى أي انتخابات أخرى على هذا المستوى لمدة عام على الأقل.

في ذلك الوقت، ستكون الأحزاب في برلين ما زالت منشغلة في محادثات الاستكشاف لتشكيل الحكومة. وبعد ذلك، ستكون هناك فترة خالية من الحملات الانتخابية حتى ربيع 2026، باستثناء الانتخابات البلدية في ولاية شمال الراين- ويستفاليا في سبتمبر.

وفي ربيع 2026، ستُجرى الانتخابات البرلمانية الإقليمية في ولايتي بادن- فورتمبرج وراينلاند- بفالتس.


فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان