إعلان

كيف تحول التصعيد بين إسرائيل وحزب الله إلى غزو بري؟

01:30 م الأربعاء 02 أكتوبر 2024

معارك إسرائيل وحزب الله

بي بي سي

قالت إسرائيل إنها شنت غزواً برياً في جنوب لبنان ضد جماعة حزب الله، ما يمثل تصعيداً كبيراً جديداً في الصراع الطويل الدائر بين القوتين، ويهدد بنشوب حرب إقليمية واسعة النطاق في المنطقة.

وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قواته تنفذ مداهمات "محدودة" في القرى القريبة من الحدود، فيما واصلت الطائرات شن غارات جوية مكثفة على جميع أنحاء لبنان.

يأتي ذلك بعد أسابيع من الضربات العنيفة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله المدعوم من إيران، بما في ذلك استشهاد زعيمه حسن نصر الله.

وشنت إسرائيل هجومها بعد ما يقرب من عام من الأعمال "العدائية" عبر الحدود بسبب الحرب في غزة، قائلة إنها تريد ضمان العودة الآمنة لسكان المناطق الحدودية الذين نزحوا بسبب هجمات حزب الله.

وعلى الرغم من الهجمات، لا يزال حزب الله صامداً في وجه تلك الضربات. كما يصر على مواصلة إطلاق وابل من الصواريخ على شمال إسرائيل بين الحين والآخر، معلناً استعداده للمعركة القادمة.

وفيما يلي ما نعرفه عن أحدث تطورات الموقف على صعيد هذا الصراع.

القوات الإسرائيلية تنفذ أول اجتياح بري للبنان خلال نحو عشرين عاما

قال مراسل بي بي سي لشؤون شرق الأوسط هوغو باتشيغا في بيروت إن لبنان استيقظ على أخبار تفيد أن إسرائيل بدأت عملية برية في الجنوب - الأمر الذي بدا وكأنه لا مفر منه في الأيام القليلة الماضية.

وتتصاعد مخاوف حيال إمكانية أن يكون هذا الاجتياح بداية لحملة أوسع ضد حزب الله الذي خاض حرباً استمرت لحوالي شهر مع إسرائيل في 2006.

وفي بيان مقتضب صدر في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن القوات المدعومة بالطائرات والمدفعية بدأت "غارات محدودة ومحلية وموجهة ضد أهداف تابعة لحزب الله" في القرى الحدودية، مؤكداً إنها تشكل "تهديدا فوريا" للسكان في شمال إسرائيل.

ووفقا لمراسلة بي بي سي في الشرق الأوسط لوسي ويليامسون في شمال إسرائيل، حلقت المروحيات والطائرات على ارتفاع منخفض عبر هذه الحدود خلال الليل وسط قصف مدفعي منتظم وانفجارات مدوية بين الحين والآخر. وفي الصباح، كانت عمليات تفريغ لعشرات الدبابات في الحقول الواقعة على بعد أميال قليلة من الحدود.

ولم يذكر الجيش الإسرائيلي عدد القوات المشاركة أو إلى أي مدى تصل استعداداته للتوغل داخل الأراضي اللبنانية. ومع ذلك، قال مسؤول أمني كبير لبي بي سي إن ما يحدث "ليس عدداً من الغزوات البرية الكبيرة" وأن القوات لم تصل حتى الآن إلا إلى مسافة قريبة جداً سيراً على الأقدام.

لكن إرسال قوات برية حتى على مسافة قصيرة إلى لبنان ينطوي على مخاطر كبيرة ويستعد حزب الله، المدجج بالصواريخ والألغام المضادة للدبابات، للقاء القوات الإسرائيلية على تلك الأرض منذ سنوات.

حزب الله يعلن استعداد مقاتليه لمواجهة أي غزو

نفى المتحدث باسم حزب الله محمد عفيف الثلاثاء أن تكون القوات الإسرائيلية قد عبرت إلى جنوب لبنان، وذكر أنه لم تكن هناك "اشتباكات برية مباشرة".

لكنه أضاف أن الجماعة "مستعدة لمواجهة مباشرة مع القوات المعادية التي تتجرأ أو تحاول دخول الأراضي اللبنانية وإلحاق أكبر الخسائر بها".

كما أطلق حزب الله المزيد من الصواريخ والقذائف على إسرائيل، وهي الهجمات التي قال عفيف إنها "مجرد بداية" لرده على الهجمات الإسرائيلية.

ودوت صافرات الإنذار عدة مرات في بلدة المطلة الحدودية حيث قال حزب الله إن مقاتليه استهدفوا القوات الإسرائيلية بنيران المدفعية والصواريخ دون الإشارة إلى أي توغل.

كما زعمت الجماعة أنها أطلقت صواريخ باتجاه قاعدتين للمخابرات الإسرائيلية في منطقة وسط تل أبيب. وقال المسعفون إن شخصين أصيبا على الطريق السريع بالقرب من كفر قاسم.

حزب الله يعاني بالفعل من سلسلة هجمات مدمرة

ألحقت إسرائيل أضرارا جسيمة بحزب الله في الأسابيع الأخيرة، إذ اغتلت أكثر من عشرة من كبار القادة في الحزب ودمرت على ما يبدو آلاف الأسلحة في الغارات الجوية. كما تشير أصابع الاتهام إليها بأنها ضالعة في انفجار هجمات البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي خلفت آلافا من أعضاء حزب الله ومدنيين مشوهين أو مصابين بالعمى واستهدفت عدداً آخراً.

ومع ذلك، يقول محرر بي بي سي للشؤون الدولية جيريمي بوين إن اغتيال حسن نصر الله في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة الماضية هو أكبر ضربة على الإطلاق تلقاها حزب الله.

وكان نصر الله، لحوالي ثلاثة عقود، هو القلب النابض لحزب الله. واعتمد على التمويل والتدريب والأسلحة القادمة من إيران حتى حوَّل الجماعة إلى قوة عسكرية أدت هجماتها إلى إنهاء احتلال إسرائيل لجنوب لبنان في عام 200 وقد استمر 22 عاما، وقاتلت لمدة شهر حتى أنهت الوجود العسكري الإسرائيلي بالكامل في جنوب لبنان عام 2006.

واعتبرت إسرائيل اغتيال نصر الله نصراً كبيراً وفي خطاب مليء بالتحدي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضية، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل "تنتصر" في الحرب ضد الأعداء الذين يريدون تدميرها وكان في ذلك الوقت قد سمح بتنفيذ الضربة التي اغتلت نصر الله.

لبنان تقول إن المئات قُتلوا بينما أصبح مليون شخص بلا مأوى

حذر رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الثلاثاء من أن لبنان يواجه "واحدة من أخطر المراحل في تاريخه".

وأضاف أن نحو مليون شخص، أي حوالي 20 في المئة من سكان لبنان، فروا من منازلهم "بسبب الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان".

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من 1200 شخص استشهدوا أيضا، بينهم عشرات الأطفال والنساء، خلال الأسبوعين الماضيين.

وتكافح السلطات من أجل مساعدة الجميع، إذ تتعرض الملاجئ والمستشفيات لضغوط من كثرة أعداد الوافدين عليها.

وتقول إسرائيل إنها تقصف مواقع حزب الله، بما في ذلك مخازن الأسلحة ومستودعات الذخيرة، متهمةً الجماعة باستخدام المدنيين كدروع بشرية.

لكن أورلا غورين، كبيرة مراسلي بي بي سي الشؤون الدولية، تقول إن سكان وادي البقاع الأوسط – معقل حزب الله الذي تعرض للقصف عدة مرات - في الأسبوع الماضي، يكذبون الرواية الإسرائيلية.

كما أخبرها المدير الطبي لمستشفى رياق المحلي أن جميع المصابين الذين عالجهم كانوا من المدنيين.

فشل الجهود الرامية إلى وقف التصعيد

رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن باغتيال حسن نصر الله.

وبعد بدء التوغل الإسرائيلي، أصدر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بياناً قال فيه إنه يتفق مع إسرائيل على "ضرورة تفكيك البنية التحتية الهجومية لحزب الله على طول الحدود".

مع ذلك، أكد أوستن أن "الحل الدبلوماسي مطلوب لضمان سلامة المدنيين على جانبي الحدود".

وقال توم باتمان مراسل بي بي سي نيوز في وزارة الخارجية الأمريكية إن القرار الإسرائيلي بتصعيد الصراع ضد حزب الله قد وجه ضربة قاتلة لاستراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن الرامية إلى وقف الحرب في غزة التي تجتاح المنطقة على مدار الأحد عشر شهرًا الماضية.

وقال بايدن إنه يعزز الموقف الدفاعي الأمريكي في الشرق الأوسط، بينما حذر البنتاغون الميليشيات المدعومة من إيران من محاولة استغلال هذه اللحظة لمهاجمة القواعد الأمريكية.

وعلى الرغم من المحاولات الأمريكية السابقة لكبح جماح نتنياهو وإقناع حزب الله بالتوصل إلى هدنة، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أنه سوف يفعل ما يراه مناسباً مهما كانت الضغوط من واشنطن.

حزب الله وإيران يدرسان الرد على إسرائيل

لا يزال لدى حزب الله آلاف المقاتلين، والعديد منهم من قدامى المحاربين في الحرب الأهلية السورية، فضلاً عن ترسانة كبيرة من الصواريخ، والعديد منها الصواريخ طويلة المدى دقيقة التوجيه التي يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن أخرى.

ورجح مراسل بي بي سي الأمني فرانك غاردنر إن تكون هناك ضغوط داخلية في صفوف حزب الله في اتجاه استخدام تلك الصواريخ قبل تدميرها، لكن أي هجوم كبير على إسرائيل يقتل مدنيين قد يؤدي إلى رد فعل مدمر.

وكان اغتيال نصر الله أيضاً بمثابة ضربة قوية لإيران، إذ ألحق أضراراً بالغةً بقلب الشبكة الإقليمية من الميليشيات الحليفة لطهران المدججة بالسلاح والمعروفة باسم "محور المقاومة" والتي تشكل مفتاحاً لاستراتيجية الردع الإيرانية لإسرائيل.

وقصفت طائرات إسرائيلية الأحد الماضي البنية التحتية في مدينة الحديدة اليمنية الساحلية المطلة على البحر الأحمر رداً على الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنتها حركة الحوثي المدعومة من إيران في الفترة الأخيرة.

ويمكن لإيران أن تطلب من الحوثيين والجماعات الأخرى تكثيف هجماتهم على إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة. ولكن أياً كان الرد الذي تختاره، فمن المرجح أن تعايره بحيث لا يؤدي إلى إشعال حرب إقليمية من شأنها أن تجذب الولايات المتحدة ولا تستطيع الفوز بها.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان