تحليل مبسط.. لماذا تفشل القبة الحديدية في اعتراض بعض الصواريخ من غزة؟
كتب - محمد عطايا:
تدهورت الأوضاع الأمنية من جديد في غزة، في أعقاب الاعتداء الإسرائيلي على الفلسطينيين في القطاع، وتنفيذ عملية عسكرية تهدف -على حد وصف الاحتلال - لملاحقة أهداف تابعة لحركة الجهاد الإسلامي.
قابلت الفصائل الفلسطينية، الاعتداءات الإسرائيلية، منذ الثلاثاء الماضي، بإطلاق مئات الصواريخ من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة.
وبرغم زعم إسرائيل أن القبة الحديدية هي النظام الدفاعي والرادع الأمثل، إلا أن صواريخ الفصائل الفلسطينية البدائية تمكنت من اختراقها، ليُعلن عن مقتل مستوطن جراء سقوط صاروخ على المبنى الذي يسكن به.
ما هي القبة الحديدية؟
أعلنت إسرائيل عن أول قتيل من المستوطنين منذ بدء الاعتداءات يوم الثلاثاء الماضي، في مقابل أكثر من 30 فلسطيني تم إعلان استشهادهم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي تصدى لنحو 175 صاروخا، من بين مئات الصواريخ التي تم إطلاقها.
وسقطت عدة صواريخ في مناطق مأهولة، بينها أصاب عدة مبانٍ وطال سيارة وزيرة إسرائيلية.
يصف المستشار باكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا، اللواء طيار دكتور، هشام الحلبى، بأنها منظومة صد صواريخ، مزودة برادار يرصد، ووحدة معالجة وحسابات ووحدة إطلاق.
وأضاف في تصريحات لمصراوي، أن الهدف الأساسي للفصائل الفلسطينية من إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، هو الإزعاج، ولكن يقابله رد بشكل "مأساوي".
ذكرت واشنطن بوست، أن القبة الحديدية الإسرائيلية طورتها شركتا رفائيل للنظم الدفاعية المتقدمة، وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، بدعم مالي وتقني من الولايات المتحدة.
ودخلت الخدمة لأول مرة في العام 2011، وهي مصممة لإيقاف الصواريخ قصيرة المدى والمدفعية، مثل تلك التي يتم إطلاقها من غزة.
وتعتمد القبة الحديدية على نظام رادار وتحليل لتحديد ما إذا كان صاروخ قادم يمثل تهديدًا أم لا، ولا يطلق صاروخًا اعتراضيًا إلا إذا كان يهدد الصاروخ القادم بضرب منطقة مأهولة بالسكان أو بنية تحتية مهمة، وذلك وفقا لواشنطن بوست.
أوضحت المحللة الاستراتيجية والأمنية الأمريكية، إيرينا تسوكرمان، أن القبة الحديدية مصممة لاعتراض وتدمير الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية التي يتم إطلاقها من مسافات تتراوح بين 4 كيلومترات، إلى 70 كيلومترًا، والتي تأخذ مسارا إلى منطقة مأهولة.
وقالت في تصريحات لمصراوي، إن كل قاذفة في بطارية القبة الحديدية الواحدة، تحتوي على 20 معترضًا، يتم نشرها وتشغيلها بشكل مستقل عن بُعد عبر اتصال لاسلكي آمن.
وأوضح تسوكرمان، أن كل بطارية من بطاريات القبة الحديدية قادرة على حماية منطقة حضرية تبلغ مساحتها حوالي 150 كيلومترًا مربعًا.
أكد مسؤولو الدفاع الإسرائيليين، في تصريحات صحفية، في العام 2021، ونقلت عنهم صحيفة واشنطن بوست، أن الأجهزة لم تتغير منذ نشر النظام لأول مرة (في 2011)، لكن تغييرات البرامج جعلت النظام أكثر قدرة مع مرور السنين.
لماذا تفشل؟
تزعم إسرائيل أن منظومة القبة الحديدية تمنع آلاف الصواريخ والمدفعية من إصابة أهدافها، بنسبة نجاح تجاوزت 90 بالمئة.
في المقابل، يشكك بعض محللي الدفاع في هذه الأرقام، نظرا لأن الفصائل الفلسطينية، تمكنت من التكيف وتفهم مواصفات المنظومة الإسرائيلية، وذلك وفقا لواشنطن بوست.
وبينما تروج إسرائيل إلى فعالية وقدرة منظومة القبة الحديدية، إلا أن بعض المستوطنين الإسرائيليين يقولون إن الحكومة تعتمد بشكل كبير على النظام ولا تخصص موارد كافية في الدفاعات الأخرى، بما في ذلك الملاجئ.
قال مستوطن في عسقلان، لإذاعة الجيش الإسرائيلي في عام 2021 بعد أن قصف مبنى مجاور له إن "المنزل غير محمي، وليس من الواقعي الوصول إلى ملاجئ الحي، خاصة عندما تكون القذائف متواصلة للغاية".
من جهته، أشار اللواء الحلبي، إلى طريقتين للتغلب على منظومة القبة الحديدية، أبرزها أن يكون خط مرور الصواريخ قريب ومقترب من الأرض، والأخرى أن أن يكون عدد الصواريخ التي تم إطلاقها أكبر من قدرة المنظومة على تدميرها، نظرا لقدراتها المحدودة على اعتراض عدد محدد من الصواريخ.
بينما أوضحت تسوكرمان، أنه بالنسبة لوابل ضخم من الصواريخ، فإن إسرائيل ستحتاج إلى أكثر من نظام قبة حديدية.
وأضافت أنه لا يوجد أي عنصر من هذه مكونات القبة الحديدية مثالي، لأنه في بعض الأحيان يكون الفشل في الكشف وأحيانًا يكون الفشل في الاعتراض.
وأكدت تسوكرمان، أن فكرة عمل القبة الحديدية تكمن في منع الصواريخ من النفاذ لضرب البنية التحتية، ولكن اعتمادًا على عدد القباب الحديدية والصواريخ التي تهاجم في وقت واحد، يصبح الاعتراض أكثر صعوبة.
وأوضحت أن هناك حاجة إما لوضع المزيد من القباب الحديدية في المنطقة التي تتعرض لمعظم الهجمات أو لإضافة أنواع أخرى من الأسلحة في النهاية لمزيد من الدقة.
صواريخ بدائية
برغم استخدام القبة الحديدية منذ عقد من الزمان، إلا أن الصواريخ التي تطلق على إسرائيل لا يزال يمكن للبعض منها المرور عبرها.
ووفقا لواشنطن بوست، فإن الخبراء الذين يتتبعون ترسانات الفصائل الفلسطينية، يقدرون امتلاكها عشرات الآلاف من الصواريخ، وغالبا ما تكون مصنوعة من أكثر قليلا من المتفجرات والأغلفة المعدنية.
وأكد اللواء الحلبي، أن صواريخ المقاومة ليست حديثة لأنه ليس لها قدرات تصنيعية عالية، لافتًا إلى أن الفصائل الفلسطينية لا تستطيع جلب صواريخ حديثة من الخارج.
وأشار إلى أن نقطة ضعف تلك الصواريخ، أن قدراتها قليلة، لأن الصاروخ يحمل جزئين، جزء خاص بالوقود، والآخر بالعبوة المتفجرة.
وأضاف اللواء الحلبي، أنه حتى يذهب الصاروخ الفلسطيني لمسافات بعيدة، فإنه يتم التقليل من الكمية المتفجرة، وزيادة الوقود، ما يجعله يصل إلى الهدف بقدرات تدميرية قليلة.
فيديو قد يعجبك: