إعلان

محور بكين-موسكو-طهران: تحدٍ جديد للسياسة الخارجية الأمريكية

11:26 ص الجمعة 24 مارس 2023

شي جين بينج

واشنطن - (د ب أ):

يرى المحلل والباحث جوناثان ميكاني أن الحرب الجارية في أوكرانيا، وتوسط الصين مؤخرا لتحقيق تقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتوترات المتزايدة في منطقة المحيط الهاديء تعد مؤشرا على حقيقة لا يمكن دحضها؛ وهي أننا نشهد تشكيل نظام تحالف يسعى لتغيير التوزيع للقوتين الناعمة والصلبة على السواء من خلال تحدي النظام العالمي الحالي.

ويضيف ميكاني الذي يعد للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة نورث إيسترن البحثية الأمريكية في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست أنه يمكن في الوقت الحالي تقسيم الدول غير الليبرالية والليبرالية جزئيا إلى فئتين. الفئة الأولى تشمل الدول التي تقاوم التحول الديمقراطي الليبرالي كوسيلة للحفاظ على قوة سيادية على حكوماتها. وهذه الدول تخشى أو تتشكك من أن التحول الديمقراطي الليبرالي يصاحبه تآكل في القيم المحلية لصالح القيم الغربية العصرية، أو أن ظهور المنظمات غير الحكومية الليبرالية الغربية ، سوف يخدم تحت ستار المساعدة في بناء" المجتمع المدني"، كأدوات للنفوذ الأجنبي.

ويقول ميكاني إن هذه الدول تتخذ موقفا دفاعيا، بينما الفئة الثانية للدول هي تلك التي تحاول بقوة أن تتحدى النظام العالمي الليبرالي الذي يقوده الغرب، وتعتبر إيران، وروسيا، والصين نماذج بارزة لهذه الفئة.وغزو روسيا لأوكرانيا هو التحدي الأكثر مباشرة ووضوحا للولايات المتحدة والنظام الليبرالي الدولي القائم على أساس القواعد والذي تدعمه واشنطن.

ومن أجل مواجهة محاولة تلك الدول لتحقيق المزيد من القطبية المتعددة وإضعاف العزم الأمريكي، يتعين على التحالف الذي يقوده الغرب تحقيق انتصار عسكري وسياسي ضد العدوان الروسي.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينج قد وصل إلى موسكو يوم الاثنين الماضي في زيارة استغرقت ثلاثة أيام وتحدث على نطاق واسع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي هذا الاجتماع أكدت بكين أنها تتشارك مع موسكو في" الأهداف المتماثلة" وأيدت علانية إعادة انتخاب بوتين رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بشأنه.

وقبل زيارة شي لموسكو، اختتمت الصين تدريبات عسكرية مشتركة مثيرة مع إيران وروسيا قبالة خليج عُمان، وتوسطت بنجاح في اتفاق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.

وكجزء من التزام الصين بتغيير التوزيع الحالي للقوة في النظام الدولي، والنظام العالمي الذي سوف يسفر عنه ذلك، يهدف محور بكين- موسكو- إيران إلى أن تحقق روسيا شكلا من أشكال الانتصار الذي يتعلق بالسيطرة على أراض في أوكرانيا. وقد دعمت الصين جهود موسكو بزيادة حجم التجارة مع روسيا بنسبة 30% تقريبا، وبيعها لروسيا عددا كبيرا للغاية من أشباه الموصلات.

ويمكن ملاحظة جهود طهران لدعم حرب موسكو من خلال العدد الهائل من المسيرات الإيرانية التي تستخدم لمهاجمة البنية التحتية المدنية والعسكرية في أوكرانيا، بالإضافة إلى الالتزامات الأمنية المتزايدة التي قد تدل على تطور شراكة عسكرية كاملة بين الدولتين.

ويتطلب احتواء محور بكين- موسكو- طهران تفهما عاما من جانب واشنطن بأن الهيمنة الدولية التي كانت تحظى بها أمريكا طوال العقود القليلة الماضية لم تعد مضمونة وتواجه خطر الانهيار. كما يتطلب التزاما متجددا بالحفاظ على نظام عالمي ليبرالي يتعرض للتهديد المستمر من جانب دول راغبة في الانتقام مدفوعة بالسعي لتحقيق مكاسب نسبية.

كما يتطلب التزاما متجددا تجاه الشركاء الجيوستراتيجيين والأصدقاء في أنحاء العالم الذين ربما شعروا أنه تم تهميشهم عبر القرن الماضي من خلال المحاولات الأمريكية للاعتماد على إمكانيات القوة الناعمة بصورة غير متناسبة بينما يتم السماح للخصوم بالحصول على القوة الصلبة الضرورية، عسكريا و اقتصاديا على السواء، من أجل تحدي هيمنتها.

ولتحقيق ذلك، سوف تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الكبرى. و هذا يشمل تعزيز العلاقات مع شركاء الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهاديء بينما تتم إعادة بحث مستويات الاعتماد الاقتصادي المتبادل المقبول بين الولايات المتحدة والصين، و استبعاد خيال أن البرنامج النووي الإيراني يمكن وقفه أو احتوائه من خلال الدبلوماسية، وخاصة زيادة كمية المساعدات العسكرية التي يتم تزويد اوكرانيا بها وكذلك مطالبة النظراء الأوروبيين بالمساهمة أيضا.

ويمكن تحقيق المطلب الأخير في المدى القصير. ومن أجل ذلك، ينبغي على إدارة بايدن ونظرائها الأوروبيين زيادة عدد أنظمة جافلين، ومدافع هوارتز، والذخيرة، وأنظمة الدفاع الجوي، والمركبات المدرعة، والطائرات التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا. ولن تقبل روسيا السلام إلا عندما يكون هناك تفهم واضح في الكرملين بأنه لن يمكنه الاستحواذ على أراض جديد، أو حتى استمرار الاحتفاظ بالأراضي التي تم الاستيلاء عليها.

واختتم ميكاني تقريره بأن أي انتصار غربي في أوكرانيا لن يُبقى خصوم الولايات المتحدة في مأزق للأبد. ومع ذلك، فإنه سوف يوفر لأمريكا فرصة للاستثمار في القوة الصلبة التقليدية الضرورية للغاية لمواصلة ردع خصومها في مناطق أخرى، وأساسا في الشرق الأوسط ومنطقة المحيط الهاديء. وسوف يتطلب هذا الكثير من المناقشات الصعبة في واشنطن والعواصم الأوروبية ، ولكن ذلك سوف يكون ضروريا من أجل الحفاظ على النظام الليبرالي الدولي القائم على أساس القواعد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان