حبة موز جعلته حديث العالم.. قصة طفل سوري خرج من الأنقاض وحيدًا وتفاصيل ظهور والده
كتبت- سارة أبو شادي
بجسده الصغير كان يختبئ على سرير بإحدى أروقة مستشفى المدينة وحيدًا، وجهه مغطى بالدماء وآثار جروح وكدمات في كل مكان بجسده، كان يترقب المارة بخوف شديد، علّه يجد بينهم وجهًا يعرفه ليتشبث به، لكنّ القدر شاء أن يخرج من تحت الركام وحيدًا دون معرفة مصير عائلته، وبسبب حبة موز بات حديث العالم أجمع ويتهافت الكثيرون عليه لاحتضانه، لكن وبعد 48 ساعة ظهر والده.
مصراوي تواصل مع صاحب الفيديو الخاص بالطفل السوري الذي خرج وهو يتناول حبة موز، بداخل إحدى المستشفيات في الشمال السوري، ليسرد لنا حكاية هذا الصغير.
"شفنا هالطفل، قال الممرّض ماله حدا، ماتوا أهله وهو وحيد، عطيناه موزة أكلها، كان تعبان كتير وعطشان كتير" عبد الله كميت أحد أفراد فريق مُلهم السوري، وصاحب الفيديو الذي انتشر للطفل السوري وهو يتناول حبة موز، سرد عبد الله في حديثه لمصراوي اللقاء الأول بينهما، فكان الشاب ورفاقه من الفريق يعملون على توزيع الطعام والشراب على المواطنين والمتطوعين من الدفاع المدني والجرحى داخل مستشفى عفرين بالشمال السوري، فشاهد الطفل يجلس وحيدًا بدا عليه المرض.
تحدّث عبد الله مع أحد الممرضين لمعرفة هوية الطفل وحالته، والذي أخبره أنّ الصغير البالغ من العمر نحو 3 سنوات من جنديرس بمنطقة عفرين شمال سوريا، بلا هوية لا يعرفون اسمه، لكنّه خرج وحيدًا دون عائلته التي لقت حتفها أسفل ركام المنزل المدمر والذي لم ينجو منه سوى شخصان فقط خرجا بعد الطفل.
حالة الصغير دفعت الشاب للذهاب إليه وأثناء تقديمه حبة من الموز أمسكها الطفل بلهفة وبدأ في تناولها وكأنّه لم يتناول طعامًا لفترة طويلة، غادر عبد الله المستشفى لكنّ نظرات الصغير له دفعته لمتابعة حالته، فعاد للسؤال عنه مرة ثانية ليخبره أحد العاملين بمستشفى عفرين أنّ هناك شخص جاء وادعى أنّه من عائلته وحمل الطفل وغادر، وبسبب الضغط الكبير على المستشفى لم يشك أحد في هذا الشخص وسلموه الطفل على الفور.
لكنّ عبد الله ورفاقه من فريق ملهم أدركو أنّ هناك خطأ في الأمر فعلموا هوية الشخص وبدأ في البداية بالتهرب منهم لكن بعد ساعات قليلة تمكن الفريق من العثور عليه، حينها أخبرهم هذا الشخص أنّه اشتبه في الطفل واعتقد أنّه من عائلته، لكن عبد الله ورفاقه أعادوا الصغير من جديد لكن تلك المرة إلى قريتهم "قرية ملهم للأيتام"، والمختصة بتربية الأطفال الأيتام أو مجهولي الهوية والعناية بهم حتى تظهر عائلاتهم.
حمل الفريق الطفل وغادروا به إلى أحد المستشفيات الخاصة كون حالته الصحية لم تكن مستقرة بعد، وفي الساعات القليلة الماضية تم إجراء عملية جراحية له "تركيب صفائح" لإصابته بكسر شديد بالفخذ، إضافة إلى عمل المزيد من الفحوصات الطبية له من أجل الاطمئنان الكامل على صحته.
"بعد 48 ساعة ظهر والد الطفل" إبراهيم كان هو اسم الصغير الذي ظل ساعات بلا هوية أو مصير، لكنّ القدر شاء ألا يعيش هذا الطفل وحيدًا، فاتصل أحدهم بأعضاء "ملهم" وأبلغهم أنّه والد الطفل، فأخبروه بمكانه.
وصل الأب إلى الصغير والذي فور رؤيته ظلّ يبكي وكأنّه كان في كابوس واستيقظ منه في تلك اللحظة، بينما حاول الصغير أن يلتقط يد أبيه إلاّ أنّ الأب لم يقوى على حمله بسبب كسور وكدمات جسده في محاولة منه لاحتضانه وتقبيله، فطلب من أحد أفراد ملهم" مساعدته على ذلك، وبالفعل أعطى الأب قبلة على جبين صغيرة وكأنّها كانت بمثابة الحياة للإثنين".
الأب ظل تحت الأنقاض لنحو 12 ساعة، وبعد خروجه رفض التحرك من أمام ركام منزله لحين خروج ما تبقى من عائلته ومن بينهم طفلة الآخر شقيق إبراهيم ذو الخمسة أعوام والذي لا يزال مفقودا تحت ركام المنزل، لكن بعد انتشار الفيديو الخاص بصغيره شعر الأب بالخوف من فقدان طفله الصغير خاصة بعدما فقدأخته وزوجته ولا يزال مصير ابنه الآخر مجهولا، فأسرع إليه للاطمئنان عليه والتأكد من أنّ من ظهر بالفيديو هو إبراهيم.
لم تختلف قصة هذا الصغير كثيرًا عن قصة الطفلة "آية" تلك الرضيعة التي جاءت للدنيا من تحت الركام. الاثنان تشابها في محل الميلاد، فكلاهما من بلدة جنديرس التابعة لمنطقة عفرين الواقعة في الشمال السوري وأهلها أغلبهم من النازحين غير المعلوم مدينتهم الأصلية، وأيضًا الألم الذي طال كلاهما كان واحدًا، سيعيشان حياتهما القادمة يتذكران المصير الذي طالهما وفراق أحبتهما فجأة بلا وداع.
موضوعات متعلقة:
أبصرت النور يتيمة.. حكاية رضيعة سورية ولدت تحت الأنقاض وماتت عائلتها كلها - صور وفيديو
فيديو قد يعجبك: