منظمات إنسانية تحذّر من تداعيات "كارثية" لوقف إيصال المساعدات عبر الحدود الى سوريا
دمشق- (أ ف ب):
تحذّر منظمات إغاثية وحقوقية من "كارثة" إنسانية في حال فشل مجلس الأمن الثلاثاء في تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا والتي تشكل "شريان" حياة لملايين السكان في بلد استنزفته سنوات الحرب.
ويقول مسؤول المناصرة والتواصل الإقليمي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عمار عمار لوكالة فرانس برس "يُعدّ تجديد القرار ملحاً"، بعدما "باتت المساعدات الإنسانية شريان حياة خصوصاً للنازحين" في شمال غرب سوريا.
ويحذّر قائلا "من دون المساعدات العابرة للحدود، سيزداد الجوع ولن يتلقى المرضى العلاج، وسيصبح الملايين مهددين بخسارة الدعم لإيوائهم".
وسمح مجلس الأمن الدوليّ عام 2014 بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلّصها، بضغوط من موسكو وبكين، حليفتي دمشق، لتقتصر على معبر باب الهوى الواقع على الحدود بين سوريا وتركيا.
وينتهي غدا الثلاثاء تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر باب الهوى، بعد تمديده في 10 تموز/يوليو لمدة ستة أشهر بدلاً من عام كامل.
وتستبق كبرى المنظمات الإنسانية موعد التصويت في كل مرة بالضغط من أجل تمديد التفويض، فيما تضغط روسيا لاختصار مساعدات الأمم المتحدة على تلك الآتية من مناطق سيطرة الحكومة السورية.
- عرقلة حكومية -
ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في شمال غرب سوريا أكثر من أربعة ملايين شخص، يقيم نحو ثلاثة ملايين منهم، وغالبيتهم نازحون، في مناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في محافظة إدلب، بينما يقيم 1,1 مليون في مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل موالية لها في شمال حلب.
ويؤمن معبر باب الهوى أكثر من ثمانين في المئة من احتياجات السكان، وفق الأمم المتحدة التي توصل عبره، مساعدات غذائية وطبية، ضمنها لقاحات، ومستلزمات ضرورية كالأغطية والفرش.
ويتهم حقوقيون الحكومة السورية بعرقلة وصول المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها.
وتقول الباحثة في شؤون سوريا في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان لوكالة فرانس برس إنّ وقف العمل بآلية إيصال المساعدات "سيكون كارثياً باعتبار أنه ما من حلول أخرى بديلة".
وتضيف "خلال العامين الأخيرين، لم يتخط عدد القوافل التي تمكنت من العبور من مناطق الحكومة إلى شمال غرب سوريا عدد أصابع اليد الواحدة".
ودخلت آخر قافلة مساعدات الأحد من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى شمال إدلب عبر خطوط التماس بين الجانبين.
واعتبر الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند في بيان الجمعة أنّ على "أعضاء مجلس الأمن التحرّك وفق ما تمليه الضرورات الإنسانية عوضاً عن السياسة".
وشدّد على أنّ "المساعدة المتوقعة والآمنة يجب ألا تكون قيد تفاوض. ففي زمن ازدياد الاحتياجات، المطلوب هو نفاذ أكبر وليس أقل" للمساعدات عبر الحدود.
- "حكم إعدام" -
على مرّ السنوات، تحوّل التصويت على قرار التمديد، وفق منظمة أطباء بلا حدود، إلى "أداة للتفاوض السياسي".
وقال رئيس بعثة المنظمة إلى سوريا فرانسيسكو أوتيرو إي فيلار في بيان الخميس إن وقف العمل بالآلية يعني أن "مستشفيات ستغلق لأنها لن تتمكن من دفع رواتب العاملين فيها، وأنّ العيادات والمراكز الطبية ستعمل بلا أدوية أساسية على غرار الأنسولين".
في شمال غرب سوريا، حذّر المسؤول في مديرية صحة إدلب (معارضة) حسام قرة محمّد خلال وقفة الأحد من "مأساة طبية" قد تطال 41 منشأة صحية، بينها مستشفيات ومراكز متخصصة في حال توقف العمل بالآلية.
وتعتمد المنشآت الطبية على المساعدات الخارجية بالدرجة الأولى من أجل تأمين الاستشفاء والرعاية الصحية للسكان، بعدما أخرجت المعارك خلال السنوات الماضية عشرات المرافق الرئيسية من الخدمة.
وفي بيان مشترك الأسبوع الماضي، أكد مدراء منظمات أممية عدة بينها منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الأغذية العالمية أن غالبية سكان المنطقة هم "من النساء والأطفال الذي يحتاجون هذه المساعدة للبقاء على قيد الحياة خلال ذروة فصل الشتاء ووسط تفشٍّ لمرض الكوليرا" الذي ينتشر في سوريا منذ أشهر.
وبعد قرابة 12 عاماً من النزاع، بات اليوم غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.
وتقول باحثة الشؤون السورية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" هبة زيادين لفرانس برس "عام بعد عام، يزداد الوضع الاقتصادي والإنساني سوءاً في كافة أنحاء سوريا (...) لذلك فإن وقف المساعدات عبر الحدود الآن سيكون بمثابة حكم إعدام على كثيرين".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: