لماذا تتزايد حوادث إطلاق النار الجماعي بشكل حاد في الولايات المتحدة؟
(بي بي سي):
استيقظت ولاية كاليفورنيا الأمريكية على أنباء ثلاث عمليات إطلاق نار جماعي خلال هذا الأسبوع.
وكان مسلح قد فتح النار، يوم الإثنين الماضي، على مزرعتين في مدينة "هاف مون باي"، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة شخص آخر.
وبعد بضع ساعات من اليوم نفسه، فتح مسلح آخر النار على بعد 65 كيلومترا في محطة وقود في مدينة أوكلاند، ما أدى مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين.
وقبل ذلك في يوم السبت، قتل 11 شخصًا كانوا قد تجمعوا للرقص والاحتفال عشية رأس السنة القمرية الصينية الجديدة، في مونتيري بارك بالقرب من لوس أنجيليس.
إذا شعرت أن هذه الحوادث أصبحت أكثر تكرارا في الولايات المتحدة، فأنت على صواب.
توجد تعريفات مختلفة لما يشكل إطلاق نار جماعي، لكن مؤسسة "أرشيف العنف المسلح" غير الهادفة للربح - التي ترصد عمليات إطلاق النار حيث قتل أو جرح أربعة أشخاص أو أكثر باستثناء المسلح - رصدت 40 حادثًا من هذا القبيل في الولايات المتحدة منذ بداية العام .
هذا هو أكبر عدد من عمليات إطلاق النار الجماعي المسجلة في أي شهر يناير على الإطلاق، وفقًا للمنظمة التي تتعقب علنًا الوفيات والإصابات المرتبطة بالأسلحة النارية في الولايات المتحدة.
وتم تسجيل الرقم القياسي السابق العام الماضي عند 34. وبين عامي 2014 و 2022، تم تسجيل 25 عملية إطلاق نار جماعي في المتوسط في شهر يناير.
وأعاد تصاعد العنف إشعال ما أصبح الآن نقاشًا مألوفًا وسياسيًا للغاية في الولايات المتحدة، حول حقوق ملكية الأسلحة والتشريعات المنظمة لها.
كما يسأل بعض الناس: ما الذي يدفع إلى هذا الارتفاع؟
عنف السلاح بجميع أنواعه آخذ في الارتفاع
تظهر البيانات أن جميع أنواع عنف السلاح - من القتل أو الانتحار إلى إطلاق النار الجماعي - تسير في الغالب على مسار تصاعدي في الولايات المتحدة.
في عام 2019، بلغ العدد الإجمالي للوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية في الولايات المتحدة 33 ألفا و599 قتيلا. في عام 2022، ارتفع هذا العدد ليصل إلى 44 ألفا و290 قتيلا بزيادة قدرها 31 في المئة. معظم هذه الوفيات هي حالات انتحار بسلاح ناري، تليها جرائم قتل.
في حين أن حوادث إطلاق النار الجماعي غالبًا ما تثير القلق، إلا أنها تشكل جزءًا صغيرًا من الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية. في عام 2020، شكل ضحايا إطلاق النار الجماعي 1.1 في المئة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية.
ومع ذلك، شهدت حوادث إطلاق النار النشطة ارتفاعًا حادًا في السنوات الأخيرة، حيث إن تسعة من أعنف 10 عمليات إطلاق النار الجماعي دموية في الولايات المتحدة حدثت بعد عام 2007.
ويقول الخبراء إنه من الصعب تحديد الأسباب الجذرية للارتفاع، لأن عمليات إطلاق النار الجماعية غالبًا ما تكون غير متوقعة بطبيعتها. ولكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تسهم في زيادة التكرار.
ملكية السلاح آخذة في الازدياد
أحد الأسباب أيضا أن الأمريكيين لديهم أسلحة الآن أكثر مما كان لديهم من قبل. وصلت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى رقم قياسي بلغ 23 مليونًا في عام 2020، بزيادة قدرها 65 في المئة عن عام 2019، وظلت مرتفعة في عام 2021.
وأجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي مزيدًا من عمليات التحقق على خلفية الأسلحة النارية - التي يتطلبها القانون عندما يشتري شخص ما سلاحا ناريا - في أوقات عدم اليقين، مثل أول إغلاق بسبب وباء كوفيد 19 في مارس عام 2020، والاضطرابات التي أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة، وأعمال الشغب في مبنى الكونغرس في يناير عام 2021.
ويقول جوش هورويتز، المدير المشارك لمركز جونز هوبكنز لمعالجة عنف الأسلحة، إن الزيادة في المبيعات مرتبطة "بفكرة أن الأسلحة تحافظ على سلامتنا، خاصة في أوقات الاضطرابات".
وأضاف هورويتز أن تصاعد العنف، خاصة في الأماكن العامة مثل محطات الوقود واستوديوهات الرقص والنوادي الليلية، يغذي دائرة الخوف التي تدفع بعض الناس نحو امتلاك الأسلحة النارية.
وتابع "الناس خائفون ويريدون تهدئة ذلك الخوف بشراء سلاح".
2018 أسوأ الأعوام في حوادث إطلاق النار بالمدارس الأمريكية
بايدن يوقع على مشروع قانون يقيد حيازة السلاح في الولايات المتحدة
الضوائق والقوانين والاتجاهات المجتمعية
يشير بعض الخبراء أيضًا إلى ارتفاع ضغوط الحياة، بشكل عام ونتيجة للوباء، لا سيما المصاعب المتعلقة بالتمويل، التوظيف، الأسرة، والعلاقات الاجتماعية.
وتقول جاكلين شيلدكراوت، المديرة التنفيذية للاتحاد الإقليمي لأبحاث عنف السلاح في معهد روكفلر الحكومي غير الحزبي، إن هذه القضايا يمكن أن تدفع بعض الناس إلى "التصرف أو الرد بعنف".
وينعكس هذا في تحليل أجراه جهاز المخابرات الأمريكي لـ 173 هجمة شهدت سقوط عدد كبير من الضحايا، نُفذ حوالي ثلاثة أرباعها بسلاح ناري.
ووجد التقرير، الذي نُشر يوم الثلاثاء، أن ما يقرب من 93 في المئة من المهاجمين تعاملوا مع قضية شخصية قبل هجومهم، سواء كانت طلاقًا أو مشاكل صحية أو مشكلات في المدرسة أو العمل، وأن 10 في المئة من المهاجمين - الذين كانوا وراء أحداث أسفرت عن ضحايا جماعية - بين عامي 2016 و 2020 ماتوا منتحرين.
تقول شيلدكراوت أيضًا إن "الذكورية السامة" يمكن أن تؤثر أيضًا، فكل مطلقي النار تقريبًا - حوالي 98 في المئة - هم من الذكور.
وأضافت السيدة شيلدكراوت: "إذا كنا نحاول فهم الأسباب الجذرية للعنف باستخدام الأسلحة النارية، فنحن بحاجة إلى أن نبدأ بفهم سبب اقتناء الأشخاص للأسلحة النارية في المقام الأول بغرض إلحاق الأذى، بغض النظر عن الشخص المستهدف بذلك الأذى".
ويرى بعض الخبراء إن القوانين المتعلقة بمن يمكنه شراء سلاح في الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دورًا أيضًا، على الرغم من أنه من المهم ملاحظة أن كاليفورنيا لديها بعض أكثر قوانين الأسلحة صرامة في البلاد.
ومع ذلك، يقول هورويتز إن القانون الفيدرالي حاليًا لا يتطلب إجراء فحوصات خلفية للمبيعات الخاصة للأسلحة النارية، بما في ذلك التي تباع في معارض الأسلحة أو عبر الإنترنت.
وقال إن قوانين التخزين الآمن للأسلحة النارية متساهلة أيضًا في بعض الولايات، على الرغم من أن الأدلة البحثية تظهر أن إخفاء السلاح بعيدًا بأمان يقلل من العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية.
وأضاف هورويتز: "عندما تقارن ما يجري في الولايات المتحدة بالدول الأخرى، فإن الشيء الوحيد الذي يتوفر لدينا ولا يتوفر لديهم بالضرورة هو سهولة الوصول إلى الأسلحة النارية".
فيديو قد يعجبك: