ما هي تداعيات إدراج الاتحاد الأوروبي للحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب؟
بروكسل - (ا ف ب)
أمام تنامي القمع الذي تمارسه القوات الأمنية في إيران وتزايد عدد الإعدامات التي صدرت في حق ناشطين، دعا عدد من النواب الأوروبيين إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. عقوبة جديدة قد تضاف إلى قائمة عقوبات أخرى، ولكن يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على الجمهورية الإسلامية.
طالب نواب في البرلمان الأوروبي الاثنين بإدراج الحرس الثوري الإيراني -الذراع المسلح للنظام- ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. وجاء ذلك بعد مرور أربعة أشهر على انطلاق الاحتجاجات الشعبية إثر مقتل مهسا أميني من قبل قوات الأمن في العاصمة طهران.
وبالتزامن مع هذا الطلب، نظم أفراد الجالية الإيرانية في أوروبا وداعمون لهم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان بمدينة ستراسبورغ الفرنسية وفي نحو خمسين مدينة أوروبية أخرى للضغط على الاتحاد الأوروبي. وتجرى جلسة الثلاثاء يناقش خلالها النواب هذا الملف مع وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل. ويتوقع أن يعرض القرار على التصويت الأربعاء 19 يناير/كانون الثاني.
وكان النائب السويدي علي رضا أخوندي (43 عاما) من حزب الوسط هو من طرح هذه المبادرة التي لقيت إقبالا من قبل 117 نائبا أوروبيا. هؤلاء النواب اقتنعوا بضرورة فرض عقوبات أكثر شدة على نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومن بين النواب الذين وقعوا على هذا الطلب، بعضهم من فرنسا، مثل نتالي لوازو من حزب (أوروبا الجديدة) ورافاييل غلوكسمان (الحزب الاشتراكي).
وقال علي رضا أخوندي في هذا الشأن: "لنجتمع ونتوحد بروح مشتركة لكي نصنف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. لا يكفي معاقبة المجرمين فقط، بل نحتاج إلى قرار".
عقوبات عديدة
هذا، ولم يبخل الاتحاد الأوروبي بالعقوبات ضد النظام الإيراني منذ بدء المظاهرات. ففي التاسع من نوفمبر 2022، قطع علاقاته مع المجلس البرلماني الإسلامي (وهي هيئة استشارية مكونة من مثقفين) بسبب عدم احترامه لحقوق الإنسان.
كما فرض أيضا عقوبات على مئة وخمسين شخصية وكيان إيراني، من بينهم وزير الداخلية ورؤساء أقاليم ومسؤولون في قوات الأمن وآخرون في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني. وتراوحت هذه العقوبات بين تجميد أصول هؤلاء المسؤولين ومنعهم من الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
في 12 ديسمبر 2022، انتقد الاتحاد الأوروبي "القمع غير المقبول الذي استهدف المتظاهرين في إيران ووضع حقوق الإنسان" في البلاد. فيما قام أيضا بحظر تصدير بعض التجهيزات خوفا من أن تستخدم لأغراض قمعية. أما على صعيد الأمم المتحدة، فلقد تم استبعاد إيران في 2022 من لجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة.
ضغوطات على المجلس الأوروبي
وشرح مجيد غولبور، وهو باحث في الجامعة الحرة ببروكسل ومستشار لدى البرلمان الأوروبي أن هذا الأخير "استخدم كل الطعون القانونية المتاحة أمامه".
وأضاف إن "المصادقة على مثل هذا النص (تصنيف الحرس الثوري ضن قائمة المنظمات الإرهابية) سيسمح للبرلمان الأوروبي أن يضغط أكثر على المفوضية الأوروبية، وهي الوحيدة التي تملك الصلاحيات للتصويت على العقوبات"، داعيا إلى "الانتظار عما سيسفر عنه اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد في 23 يناير والمخصص لملف للحرس الثوري الإيراني".
وعلى هامش المنتدى الاقتصادي العالمي صرحت الثلاثاء رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للصحافيين أنها تؤيد تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية فقالت "نتطلع بالفعل إلى جولة جديدة من العقوبات وسوف أؤيد أيضا إدراج الحرس الثوري (على قائمة المنظمات الإرهابية). لقد سمعنا العديد من الوزراء يطلبون ذلك وأعتقد أنهم على حق".
من جهة أخرى، لا تخفي بعض العواصم الأوروبية نيتها في تصنيف جهاز الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. ففي 9 يناير الماضي، كتبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك في تغريده على حسابها على تويتر "تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية قرار له معنى ومهم من الناحية السياسية".
نظيرها الفرنسي أدلى بتصريح مشابه حيث قال إنه "لا يستبعد الفكرة". وجدير بالذكر أن فرنسا امتنعت إلى غاية الآن عن وصف الحرس الثوري بهذه العبارات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: "فرنسا تعمل مع شركائها الأوروبيين على إصدار عقوبات جديدة ولا تستثني أية عقوبة". كما يتوقع أن تحذو بريطانيا في الأسابيع القليلة المقبلة حذو الولايات المتحدة التي أدرجت الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية في 2019 بطلب من الرئيس السابق دونالد ترامب.
نحو تعزيز التحالف مع موسكو؟
وإلى غاية يومنا هذا، تتضمن القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية نحو عشرين منظمة، من بينها تنظيم القاعدة والذراع المسلح لحزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران.
ويعتقد مجيد غولبور: أن في حال "قرر المجلس الأوروبي إدراج الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية، فالعواقب ستكون كبيرة على النظام الإيراني وسنشهد تغييرات في طريقة التعامل مع القضايا التجارية والبنكية والمالية وتطوير التكنولوجيا".
وتابع: "أية علاقة مع هذه المنظمة ستعتبر علاقة غير شرعية من وجهة نظر القانون الأوروبي. وبالتالي ستفقد تأثيرها "المافيوي" في المنطقة لا سيما في العراق ولبنان وسوريا وستضعف أكثر الجمهورية الإسلامية لأن الحرس الثوري يمثل حوالي 70 بالمئة من حصة السوق الإيرانية".
وأضاف نفس الباحث:" إيران تعيش نقطة تحول مفصلية وأصبحت معزولة. علينا إذن أن نقوم بكل شيء لكي لا تقترب أكثر من روسيا التي تخوض حربا ضد أوكرانيا وألا يتم إحياء الاتفاق النووي الذي وقع في 2015 من قبل خمس دول من بينها فرنسا".
الأمل في الشارع
وأنهى: "هذه الأزمة المتعددة بوجوهها السياسية والمؤسساتية والاقتصادية والمالية والدينية، لا سيما فيما يخص تأويلاتها للإسلام، لن تلقى حلا بدون فرض عقوبات دولية. فإسقاط النظام الحالي على غرار ما وقع في 1979 (سقوط نظام الشاه) يحتاج إلى ضغوطات خارجية وداخلية. الشجاعة والالتزام الذي أظهره المتظاهرون في الشارع، وهم مستعدون للتضحية بحياتهم، يسير في الاتجاه الصحيح".
يشار إلى أن القضاء الإيراني أكد الحكم بالإعدام على 18 شخصا على خلفية مشاركتهم بالمظاهرات التي وقعت في البلاد حسب وكالة الأنباء الفرنسية، بينهم أربعة رجال تم شنقهم في أواخر شهر ديسمبر 2022 وفي بداية العام 2023. خمسون آخرون يواجهون نفس العقوبة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: