"خسرنا كل شيء بسبب الحرائق".. ممتلكات متفحمة في مخيمات الاصطياف جنوب غرب فرنسا
باريس - (ا ف ب)
أجبرت حرائق الغابات التي اندلعت بمنطقة جيروند جنوب غرب فرنسا السلطات على إجلاء نحو 38 ألفا و500 شخص. وعلى الرغم من عدم تسجيل أي حالة وفاة إلى حدود الأربعاء، إلا أن كثيرا من المقيمين بمنطقة التخييم "كثبان بيلا" الشهير خسروا معدات الاصطياف وكل ما حملوه معهم لمتعة العطلة، بمن فيهم عدد كبير من السياح الأجانب الذين شاهدوا حلم قضاء عطلة جميلة "يتفحم" أمام أعينهم. ريبورتاج
تنتشر في المناطق المتضررة من حرائق الغابات بمنطقة جيروند جنوب فرنسا أكوام الصفيح التي انكمشت بسبب النيران التي التهمت مقطورات الرحلات ومنازل المصطافين المتنقلة. ونجت بعض الخيام بأعجوبة من ألسنة اللهب التي تصاعدت وسط الدراجات الهوائية ومواقد الشواء المتفحمة. هذا ما كان عليه المشهد المؤسف في قمة كثبان بيلا الشهير "dune du Pilat" غداة تفحم خمسة مواقع للتخييم بسبب الحرائق الواسعة التي ضربت المنطقة.
"هيا، يجب عليكم التحرك الآن" يأمر قائد فريق الإطفاء ماتيو جومان فريقه المتواجد في المكان فيما كانت الرياح تهب بقوة في قمة هذه الكثبان الرملية التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 100 متر والمطلة على مشهد رائع للغابة الكثيفة. شرقا، كانت أعمدة الدخان تواصل ارتفاعها باتجاه السماء التي تحلق فيها طائرات مروحية وطائرات إطفاء الحرائق.
"حتى وإن لم تظهر النيران، فإن شعلتها يمكن أن تبقى خامدة تحت الرماد، وبعد إطفاء كل الحرائق، سيكون على زملائي غمر منطقة شاسعة بالمياه في الأيام المقبلة تفاديا لإعادة اشتعال النيران من جديد" حسب تصريح القائد جومان.
ولسوء حظهم، فقد فات الأوان بالنسبة للمقيمين في مخيمات الاصطياف بـ"كثبان بيلا" للعودة وإنقاذ ممتلكاهم المتروكة بالمكان. وهو ما ينطبق على روت كرايده التي التقتها فرانس24 في مركز الإقامة المؤقت الذي نصب بمركز المعارض في مدينة "تاست سور بوش".
وعلى غرار كثير من السياح الأجانب القادمين من شمال أوروبا، كانت هذه الألمانية البالغة 48 عاما من المعجبين بهذه المنطقة. ومنذ ثلاث سنوات، تقضي كرايده مع زوجها وطفليها عطلة الصيف في مركز التخييم "بانوراما". وبوجودها في الموقع عدد 411 بالمركز، تمتعت هذه العائلة المنتمية لمنطقة راينباخ القريبة من مدينة بون، بمنظر خلاب فوق الكثبان وقبالة مياه بحيرة "أركاشون" الزمردية.
ولكن هذا الموقع المتميز الذي يحلم به المصطافون كان سببا في جعل عملية إجلاء العائلة صعبة في الليلة الفاصلة بين 12و13 تموز/يوليو.
"استيقظنا بسبب الضجيج من حولنا على الساعة الرابعة والربع فجرا. اكتشفنا حينها وجود عملية إجلاء جارية منذ نحو ساعتين، وبما أننا كنا موجودين في قلب مركز التخييم، لم يعلمنا أحد بعملية الإجلاء" تقول كرايده. قبل أن تضيف أن العاملين في مركز التخييم أعلموهم في الليلة السابقة بعدم وجود أي نية لإجلاء المصطافين في وقت قريب.
"لم يكن لدينا الوقت سوى لوضع بعض من أغراضنا في السيارة واضطررنا للإسراع بالمغادرة تاركين وراءنا مقطورة الرحلات والخيام والدراجات الهوائية وأغراضنا الشخصية... كنا نعتقد أنه سيكون بإمكاننا العودة لأخذها ولكننا خسرنا كل شيء في النهاية" على حد قول زوجها كريستيان كرايده.
وبقت العائلة بضعة أيام في المنطقة أملا في العودة لاسترجاع أملاكها. وتم تنظيم موكب "فرصة أخيرة" للمصطافين من أجل الدخول إلى مركز التخييم وإنقاذ أغراضهم. ولكن تغيرا مفاجئا في اتجاه الرياح دفع رجال الشرطة إلى إعطاء أوامر للموكب بالعودة أدراجه. وفي اليوم التالي، شاهدت روت وزوجها فيديوهات على هاتفهم تظهر النيران وهي بصدد التهام مخيم "بانورما" من خلال تطبيق صور أقمار اصطناعية قاموا بتحديث محتوياته كل تسعين دقيقة.
وكانت الصدمة أكبر بالنسبة لعائلة كرايده بما أنها المرة الثانية التي تتضرر فيها العائلة من كارثة طبيعية. إذ تقول روت "في العام الماضي، كنا موجودين في مخيم بانوراما عندما علمنا أن منزلنا تضرر من الفيضانات العارمة التي هزت ألمانيا. وهو ما اضطرنا حينها لقطع عطلتنا والعودة إلى ألمانيا، فقد أحدثت مياه الفيضانات أضرارا بالغة بسردات البيت. كان ذلك في 31 تموز/يوليو أي قبل نحو عام بالضبط من إجلائنا من مخيم بانورما".
وسلكت العائلة طريقها الثلاثاء في اتجاه ألمانيا دون أن تعلم ما إذا كانت ستعود مرة أخرى إلى منطقة جيروند الفرنسية باعتبار المخاوف من تشوهها بشكل بالغ من الحرائق.
ويختم كريستيون كرايده قائلا: "الآن، نقول بيننا وبين أنفسنا ما الذي ينتظرنا العام المقبل" قبل أن يمسك مقود سيارته قائلا "هل سيحدث زلزال المرة المقبلة؟"
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: