كيف سيواجه الاتحاد الأوروبي التضليل والتزييف على منصات التواصل الاجتماعي؟
بروكسل - (بي بي سي)
سيتعين على شركات التكنولوجيا الكبيرة، مثل غوغل وميتا المالكة لفيسبوك، اتخاذ إجراءات بشأن مكافحة التزييف العميق والحسابات المزيفة - أو المخاطرة بمواجهة غرامات ضخمة.
والتزييف العميق هو مقاطع فيديو تستخدم ما يشبه شكل الشخص وتصويره يفعل شيئًا لم يفعله في الحقيقة.
وستطالب لائحة الاتحاد الأوروبي الجديدة، المدعومة بقانون الخدمات الرقمية (DSA)، شركات التكنولوجيا بالتعامل مع هذه الأشكال من المعلومات المضللة على منصاتها.
قد يتم تغريم الشركات بنسبة تصل إلى 6 في المئة من مبيعاتها العالمية إذا لم تمتثل.
وتهدف القواعد المشددة إلى منع التربح من المعلومات المضللة والأخبار المزيفة على تلك المنصات، بالإضافة إلى زيادة الشفافية حول الإعلانات السياسية والحد من انتشار "السلوكيات الخبيثة الجديدة"، مثل الروبوتات والحسابات المزيفة والتزييف العميق.
وتعد شركات غوغل، ميتا، تيك توك، وتويتر من بين 33 موقعًا على القواعد المشددة وعملوا معًا للاتفاق على اللائحة الجديدة.
وستضطر الشركات التي قامت بالتسجيل في القواعد الجديدة إلى مشاركة المزيد من المعلومات مع الاتحاد الأوروبي - مع التزام جميع الموقعين بتقديم تقارير أولية عن تنفيذهم للقواعد بحلول بداية عام 2023.
ويجب على المنصات، التي تضم أكثر من 45 مليون مستخدم نشط شهريًا في الاتحاد الأوروبي، تقديم تقرير إلى المفوضية الأوروبية كل ستة أشهر.
وكتب نيك كليغ، رئيس الشؤون العالمية في شركة ميتا، على تويتر: "مكافحة انتشار المعلومات الخاطئة هي قضية مجتمعية معقدة ومتطورة".
"نواصل الاستثمار بكثافة في الفرق والتكنولوجيا، ونتطلع إلى مزيد من التعاون للتعامل معها سويا".
وقال متحدث باسم تويتر إن الشركة رحبت بالقواعد المحدثة.
وأضاف في بيان "من خلال مدونة القواعد ومن خارجها، يظل تويتر ملتزمًا بمعالجة المعلومات الخاطئة والمضللة، بينما نواصل تقييم نهجنا وتطويره في هذه البيئة المتغيرة باستمرار".
غوغل لم ترد على طلب للتعليق.
ما هي مخاطر تقنية التزييف العميق؟
تم تعريف تقنية التزييف العميق بأنها شكل ناشئ من المعلومات المضللة، يتم استخدامها بشكل خبيث لاستهداف السياسيين والمشاهير والمواطنين العاديين.
في السنوات الأخيرة، أصبح التزييف العميق مرتبطا بشكل متزايد بالمواد الإباحية، مع استخدام وجوه الأفراد المستهدفين على مواد جنسية صريحة.
تقول خبيرة التزييف العميق، نينا شيك، إن التزييف العميق الإباحي - بغير موافقة الشخص المستهدف - هو الشكل الأساسي للتزييف العميق الخبيث اليوم، ويستهدف بشكل خاص الشخصيات المعروفة بمن في ذلك ميشيل أوباما وناتالي بورتمان وإيما واتسون، على سبيل المثال.
كما أثيرت مخاوف بشأن استخدام تقنية التزييف العميق في المجال السياسي، مع مشاركة مقاطع فيديو مزيفة لقادة العالم عبر الإنترنت على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت فيرا جوروفا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية للقيم والشفافية: "تأتي هذه القواعد الجديدة لمكافحة التضليل في وقت تستخدم فيه روسيا المعلومات المضللة كسلاح ضمن عدوانها العسكري على أوكرانيا"، واستدركت قائلة: "أيضا عندما نرى المزيد من الهجمات على الديمقراطية على نطاق واسع".
"لدينا الآن التزامات مهمة للغاية للحد من تأثير المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وأدوات أكثر قوة لقياس كيفية تنفيذها في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي في جميع البلدان وبجميع لغاتها".
"سلاح ذو حدين"
من المرجح أن تزداد صعوبة التمييز بين مقاطع التزييف العميق واللقطات الحقيقية في السنوات القادمة، كما تقول السيدة شيك، مستشهدة بالتوافر المتزايد للأدوات والتطبيقات اللازمة لتطوير التزييف العميق الخبيث.
في حين أن تقنية التزييف العميق تسمح لمثيري المشاكل بنشر المعلومات المضللة بشكل مباشر، فإن ظهورها على نطاق أوسع على المنصات عبر الإنترنت يتسبب في مناخ من عدم اليقين في المعلومات - وهو أمر مفتوح لمزيد من التلاعب.
على سبيل المثال، يمكن أن يرفض أولئك الذين يسعون لتجنب المساءلة اللقطات الحقيقية باعتبارها صورًا مزيفة.
وهذا يجعل التحدي الذي يواجهه المواطنون في التعرف على المحتوى الحقيقي - والذي يجب على الهيئات التنظيمية والمنصات اتخاذ إجراءات بشأنه - أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
تقول السيدة شيك: "لديك هذا النوع من السلاح ذي الحدين - يمكن تزوير أي شيء ويمكن إنكار كل شيء".
في السنوات الأخيرة، بذلت شركات التكنولوجيا العملاقة جهودا لاكتشاف ومكافحة التزييف العميق على منصاتها - حيث أطلقت ميتا ومايكروسوفت من بين الأطراف المعنية تحدي Deepfake Detection للباحثين في الذكاء الاصطناعي في عام 2019.
لكن المنصات "غالبا ما تستخدم تقنية التزييف العميق كورقة توت، للتغطية على حقيقة أنها لا تفعل ما يكفي بشأن الأشكال الحالية للمعلومات المضللة"، كما تقول السيدة شيك.
وتضيف "إنها ليست الأشكال الأكثر انتشارا أو الأكثر خبثا للمعلومات المضللة، لدينا العديد من الأشكال الحالية من المعلومات المضللة التي تسبب بالفعل المزيد من الضرر".
بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي المعدلة، فإن الحسابات التي تشارك في سلوك غير أصيل منسق، وتوليد تفاعل مزيف وانتحال شخصيات وتضخيم مدفوع بالروبوتات، ستحتاج أيضا إلى مراجعة دورية من قبل شركات التكنولوجيا ذات الصلة.
لكن السيدة شيك تضيف أن تقنية التزييف العميق لا تزال لديها القدرة على أن تصبح "أكثر أشكال التضليل فاعلية" على الإنترنت.
"ستصبح هذه التكنولوجيا أكثر انتشارا بشكل سريع نسبيا، لذلك نحن بحاجة إلى أن نكون جاهزين"، كما تقول.
المنصات ومحركات البحث العملاقة
قانون الخدمات الرقمية -DSA - الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في أبريل/نيسان هو التنظيم المخطط للاتحاد الأوروبي للمحتوى والسلع والخدمات غير القانونية عبر الإنترنت، بناءً على مبدأ أن الأشياء غير القانونية خارج الإنترنت يجب أن تكون أيضا غير قانونية عبر الإنترنت.
ومن المتوقع أن يدخل القانون حيز التنفيذ في عام 2024، وسيتم تطبيقه على جميع الخدمات عبر الإنترنت التي تعمل في الاتحاد الأوروبي، ولكن مع التركيز بشكل خاص على ما يسميه Vlops (منصات ضخمة للغاية على الإنترنت، مثل فيسبوك ويوتيوب) و Vloses (محركات بحث ضخمة للغاية عبر الإنترنت مثل غوغل) - وتُعرّف على أنها خدمات لديها أكثر من 45 مليون مستخدم في الاتحاد الأوروبي.
وسيكون قانون الخدمات الرقمية هو الأداة القانونية المستخدمة لدعم مدونة الممارسات الجديدة بشأن المعلومات المضللة، في محاولة لمكافحة الأخبار الكاذبة والصور المزيفة عبر الإنترنت.
فيديو قد يعجبك: