حرب التصريحات تشتعل بين روسيا والغرب.. مَن يعرقل وصول القمح إلى مصر؟
كتبت - إيمان محمود
في ظل أزمة الغذاء العالمية التي دارت رحاها مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كان لمصر نصيبًا من الضغوط الاقتصادية، التي يحاول المجتمع الدولي إلقاء اللوم على بعضه البعض في أسباب نشوبها.
فبعد إعلان دول مجموعة السبع الصناعية بالقاهرة، الثلاثاء، مساندة مصر –التي تُعد أكبر مستورد للقمح في العالم- لمواجهة أزمة الحبوب، خرجت روسيا لتنفي تسببها في الأزمة، مؤكدة أيضًا دعمها للحكومة المصرية.
وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، جلسة محادثات موسعة، مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، في قصر الاتحادية (شرق القاهرة)، تناولت تنسيق الجهود لمواجهة تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وتخفيف أزمة الغذاء والطاقة.
وأوضح السيسي أن المحادثات تناولت سبل تحقيق النقلة النوعية المأمولة، في الشراكة المصرية - الأوروبية خلال الفترة المقبلة من خلال تعزيز التعاون في عدد من القطاعات ذات الأولوية، وعلى رأسها: أمن الغذاء، مؤكدًا "التوافق مع الجانب الأوروبي على ضرورة العمل من أجل تنسيق الجهود الدولية مع جميع الشركاء لتخفيف أثر أزمة الغذاء الدولية، خصوصاً على الدول الأكثر تضرراً من تداعياتها، وعلى أهمية تقديم الدعم الفني والمالي لمساعدة هذه الدول في التعامل مع ارتفاع أسعار الحبوب والسلع الغذائية والزراعية، فضلاً عن تمويل المشروعات المتعلقة بالزراعة وتطوير التكنولوجيا الزراعية، بما يسهم في زيادة الإنتاجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
أزمة "تسببت فيها روسيا"
أكدت دول مجموعة السبع الصناعية، مساندة مصر "في مواجهة أزمة الحبوب التي تسببت فيها روسيا".
وقال سفراء كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في بيان نشرته السفارة الأمريكية بالقاهرة، إن دول مجموعة السبع "متمسكة بالتزامها لدعم مصر في هذه الأزمة الناجمة عن الحرب الروسية".
وأضافوا: "نحن نكثف من تعاوننا مع مصر لمواجهة هذه الأزمة من خلال زيادة حجم الدعم المقدم لأنشطة برنامج الغذاء العالمي في مصر، وفي أطر إقليمية مثل الاتحاد الشامل للأمن الغذائي، أو من خلال مبادرة المرونة الزراعية والغذائية، أو من خلال دعم الحكومة المصرية بمساعدات ثنائية وفي أطر وطنية".
وباتت مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، إذ تعتمد بشدة على القمح الروسي والأوكراني في السنوات القليلة الماضية.
وأوضح بيان مجموعة السبع: "أسعار الغلال والحبوب ارتفعت في الأسواق العالمية إلى أعلى معدلاتها بنسبة تصل إلى 160% مقارنة بالأسعار قبل اندلاع الأزمة، وكل المؤشرات تشير إلى تفاقم حجم التحديات المقبلة".
وأكدت مجموعة السبع، أن العدوان الروسي على أوكرانيا يعرّض إمدادات الحبوب إلى دول العالم للخطر، قائلين إن "مفتاح الحل بسيط للغاية: "أن توقف روسيا حربها الغاشمة على أوكرانيا، وأن تسحب قواتها فوراً من أوكرانيا".
وأوضحت: "السبب في أزمة الحبوب يتضح بجلاء في كل حقل قمح دمرته القنابل الروسية وفي كل فلاح قتل وفي كل سفينة أوكرانية احتجزتها القوات الروسية في موانئ البحر الأسود".
وتتوقع مجموعة السبع انخفاض محصول هذا الموسم في أوكرانيا بنسبة 50%، محذّرة: "ربما لن يكون في مقدور الفلاحين الأوكرانيين زراعة القمح في الموسم الشتوي. فضلا عن ذلك فقد تم منع تصدير 20 مليون طنا من الحبوب والغلال من أوكرانيا إلى مختلف الدول حول العالم -من بينها مصر- ومما يزيد الطين بله أن هناك تقارير موثوقة تشير إلى أن جيوش بوتين ربما تقوم بنقل القمح من أوكرانيا، والذي كان مخصصا لدول هي في أمس الحاجة إليه، إلى مناطق تخضع للسيطرة الروسية".
وتواجه روسيا اتهامات أوكرانية، تزعم أنها تسرق القمح من المناطق التي سيطرت عليها.
وفي مايو الماضي، شكرت أوكرانيا مصر لـ"إبعادها سفينة روسية محملة بالحبوب مسروقة من أوكرانيا"، حسب قولها، إذ قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، عبر حسابه على تويتر: "تحدثت مع نظيري المصري سامح شكري، وممتن لمصر لإبعادها سفينة روسية محملة بالحبوب مسروقة من أوكرانيا"، وأضاف: "اتفقنا على تنسيق الجهود لجعل روسيا تفرج عن صادرات المواد الغذائية الأوكرانية".
وتابع: "تواصل أوكرانيا ومصر العمل معًا لضمان الأمن الغذائي".
ذكرت مجموعة السبع في بيانها أن: "روسيا نفسها قررت وقف صادراتها من عدة أنواع من الحبوب بسبب الحرب، أو أنها تطعم (للأمم الصديقة) فقط، مما يفاقم من خطورة الموقف، ويتضح من ذلك أيضا أن الرئيس بوتين على وعى تام بأن عدوانه يهدد العالم بحدوث مجاعة"، وتابع أن "قرار استخدام سلاح الغذاء هو قرار موسكو وحدها".
وقال البيان: "بغض النظر عما يقوله مسؤولون روس بشأن التعاون مع مصر، فإنهم لن يستطيعوا تفسير المصاعب التي أحدثها هذا العدوان في مصر، ولن تستطيع روسيا أن تصرف الأنظار عن التبعات المالية التي أحدثتها حرب بوتين وتهديدها للرخاء وأرزاق المصريين".
وأضاف: "ربما تعلن روسيا عن إرسال سفينة أو سفينتين محملتين بالحبوب ومخصصتين لمصر، إلا أن ذلك يوضح بجلاء أن بوتين كان قد أوقف هذه الصادرات بادئ ذي بدء. إن التهديد المبطن وراء ذلك هو تقديم الدعم للدول الصديقة ومعاقبة من ينتقد حربه العدوانية".
واستنكرت دول السبع، إلقاء اللوم الروسي في "اندلاع أزمة الغذاء الوشيكة" على العقوبات التي فرضتها على روسيا، قائلة "هذا محض افتراء، إذ أن عقوباتنا تستهدف أولئك الذين تحملوا مسؤولية اندلاع الحرب، وتستثني هذه العقوبات إمدادات الطعام والمنتجات الزراعية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية والطبية، فهي ليست سوى وسيلة لإيقاف آلة الحرب الروسية التي تتسبب في أزمة الغذاء الشاملة".
وأضافت: "بعض الدول الأوروبية المجاورة مثل رومانيا وبولندا تحاول النجاة من تلك الأزمة عن طريق نقل الحبوب برا، كما فعلت الأسبوع الماضي بالنسبة لشحنة من القمح كانت مخصصة لمصر، ولكن ذلك يحدث بقدرات منخفضة للغاية وبتكلفة عالية، وهذا حل مؤقت ليس إلا، في حقيقة الأمر أن السفن الحربية الروسية تسد الموانئ الأوكرانية حيث تنتظر ملايين الأطنان من القمح فتح الطريق".
واستطردت: "نحن نتشاور عن كثب مع مصر ومع الشركاء في المنطقة بشأن هذه الأزمة، على سبيل المثال في إطار منتدى المتوسط للحوار بشأن أزمة الأمن الغذائي الذي انعقد في روما الأسبوع الماضي في 18 مايو، على مستوى الوزراء بالأمم المتحدة، وقيام رئيس المفوضية الأوروبية فون دير لاين بزيارة إلى مصر أو في إطار المؤتمر المقبل في برلين بشأن توحيد الجهود من أجل ضمان الأمن الغذائي الشامل، لقد فشلت روسيا في تقديم مثل هذا الدعم".
وأكدت: "بما أن الحكومة المصرية منخرطة في تأمين شحنات من القمح وغيره من السلع الغذائية الأخرى، فإن مجموعة الدول السبع الصناعية تعمل جاهدة للحفاظ على فتح أسواق السلع الزراعية عالميا، ونحن ندعم أوكرانيا في سعيها لإنتاج وتصدير السلع الغذائية لخفض حدة الأزمة، وهكذا نقف أيضا بجانب الناس في مصر".
روسيا ترد: القمح الروسي لم ينقطع
في بيان أصدرته السفارة الروسية بالقاهرة، قالت إن ادعاءات مجموعة السبع "غير صحيحة تماما".
وأضافت روسيا في البيان الذي أصدرته على لسان سفارتها، أن إمدادات القمح الروسي إلى مصر "تتواصل دون انقطاع وسيستمر التوريد وفقا للاتفاقيات مع وزارة التموين والتجارة الداخلية لجمهورية مصر العربية وعقود مع شركات خاصة".
واستطردت: "لا تزال الولايات المتحدة واتباعها يزعمون أن روسيا (تقصف حقول أوكرانيا وتمنع من موسم الزراعة) وذلك كذب وقح!".
واتهمت موسكو أوكرانيا باستهداف الأراضي الزراعية، قائلة: "وجهت القوات الروسية ضرباتها إلى مواقع قوات العدو المناهضة لنا في منطقة دونباس بالاضافة الى مستودعات الأسلحة والمواقع الصناعية العسكرية. في نفس الوقت يقصف القوميون الأوكرانيون بشكل مفرط بواسطة سلاح وقاذفات الصواريخ التي حصلوا عليها من حلف الناتو الأحياء السكانية والأراضي الزراعية حيث لا يوجد عسكريين".
كما اتهمت أمريكا بأنها "على مدار أربعة شهور تضلل العالم كله بأن روسيا وضعت الحصار على موانئ أوكرانيا وهذا كذب بغيض".
وزعمت أن السلطات الاوكرانية هي مَن تعرقل الموانئ "بزراعة الألغام البحرية وترفض ازالتها ما أدى إلى أن السفن التجارية لا تتمكن من الوصول الى الموانئ أو مغادرتها بما في ذلك لنقل القمح الى مصر".
واستكملت روسيا اتهامها للغرب: "هذه هي الدول الغربية التي دمرت بعقوباتها سلاسل توريد المنتجات الزراعية واليات المدفوعات عليها. لا تزال هذه الدول تفاقم الوضع من خلال منع نظام كييف غير مستقل من المباحثات السلمية مع موسكو بالإضافة الى تشجيع اوكرانيا على مواصلة الاعمال الحربية ضد روسيا. إنهم السياسيون الامريكيون والاوروبيون الذين يحاولون تدمير الاقتصاد الروسي من أجل حرمان البشرية من أكبر وأضمن مورد للمواد الغذائية".
واختتمت روسيا في بيان السفارة: "يرى العالم أن الدول الغربية التي بلا رحمة تسعى الى الهيمنة العالمية غارقة في الكذب تقوم بدفعه الى الازمة الغذائية. وأنا على يقين من أن أصدقاءنا المصريين يفهمون هذا جيدا".
فيديو قد يعجبك: