كاتبة بريطانية: روسيا تربح من أزمة غذاء عالمية ساعدت في ظهورها
نيويورك- (د ب أ)
تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في تفاقم أزمة الغذاء العالمية، ورغم ذلك، فإن روسيا نفسها ضمن أكبر الرابحين من وراء الفوضى التي ساعدت في خلقها.
وتسببت الحرب في وقف صادرات الحبوب الأوكرانية عن طريق البحر، وقطعت الإمدادات الحيوية لدول، من الصومال إلى مصر.
وتقول الكاتبة البريطانية أونيا كوين في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن الاضطرابات التي فاقمها الطقس الحار والجفاف الذي الحق الضرر بمحاصيل القمح في أنحاء أخرى من العالم، تسببت في ارتفاع أسعار الحبوب إلى مستويات قياسية تقريبا، ويهدد ذلك بانتشار الجوع في أنحاء من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتواصل روسيا شحن إنتاجها من القمح بمستويات الأسعار المرتفعة الآن ، حيث تجد راغبين في الشراء، وتجني المزيد من الإيرادات لكل طن. كما أنها تتوقع وفرة محصول القمح في الموسم القادم، مما يدل على أنها سوف تواصل الاستفادة من الوضع. وقد ارتفعت أسعار القمح العالمية بنسبة تزيد عن 50٪ هذا العام ، وجمع الكرملين 9ر1 مليار دولار من عائدات ضرائب تصدير القمح حتى الآن هذا الموسم، حسب تقديرات شركة سوفيكون للاستشارات الزراعية.
ويقول تيم بينتون، مدير أبحاث المخاطر الناشئة في معهد تشاتام هاوس البريطاني، في إشارة إلى التعليقات الروسية بأنها سوف تنهي الحصار فقط على ميناء أوديسا الأوكراني إذا تم تخفيف العقوبات "هذا هو استخدام الغذاء كسلاح حرب من خلال التأثير العالمي بدلاً من مهاجمة السكان بشكل مباشر، ومن منظور سياسي نحن في مكان من نوع جديد بسبب أهمية أسواق الحبوب ''.
ومن خلال إغلاق موانئ أوكرانيا، أجبرت روسيا أوكرانيا على محاولة شحن الحبوب برا ، مما أدى إلى تصدير حوالي ربع الأحجام المعتادة المحتملة.
وقال ديفيد بيزلي، رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم الاثنين الماضي إن" عدم فتح الموانئ إعلان حرب على الأمن الغذائي العالمي، ".
وقال بيزلي، إن عدم القدرة على الوصول إلى الطعام قد يدفع ملايين البشر إلى الهجرة.
وأضاف أن كل 1٪ زيادة في الجوع يؤدي إلى زيادة 2٪ في الهجرة ، مشيرا إلى أن 49 مليون شخص كانوا " على حافة المجاعة "في 43 دولة، وقال: "هذه هي الدول الـ43 التي يجب أن نكون قلقين للغاية بشأن ما سينتج عن ذلك من زعزعة الاستقرار والهجرة الجماعية إذا لم نمنع حدوث ذلك".
وروسيا وأوكرانيا دولتان موردتان رئيسيتان للقمح وزيت عباد الشمس للعالم. كما أن أوكرانيا ضمن أكير ست دول مصدرة للذرة، والدواجن والعسل. وكما هو معتاد شحنت روسيا ملايين الأطنان من الحبوب سنويا عبر البحر الأسود ، حيث تحصل على حوالي 10٪ من ناتجها المحلي الإجمالي من قطاع الزراعة والغذاء، والدولتان من بين الدول القليلة في العالم التي تصدر كميات كبيرة من الغذاء الذي تقوم بزراعته إلى دول كثيرة.
ورغم أن روسيا واجهت بعض المشاكل لفترة قصيرة بعد الغزو مباشرة، فهي تقوم الآن بتوصيل منتجاتها الزراعية بوتيرة أسرع من العام الماضي. وقد شحنت بعض الكميات لإسرائيل، التي تشتري غالبا الحبوب من أوكرانيا . وذكرت وكالة انترفاكس أن إجمالي شحنات القمح الروسي لموسم 2021-22 بلغ 1ر34 مليون طن هذا الأسبوع ، بانخفاض 11 ٪ عن العام السابق.
وقال هوجو بوديه، المحلل لدى أحد المنصات الخاصة بمتابعة الأسواق الزراعية، إن روسيا قامت أيضا بشكل فعال بتهميش منافس رئيسي ، مشيرا إلى أنه في الفترة ما بين أول أبريل و23 مايو،عززت روسيا بشكل كبير شحناتها من الحبوب لدول مثل تركيا وإيران، بالمقارنة بالعام السابق.
وقال: "كانت أوكرانيا المنافس الرئيسي، وعلى هذا الأساس، تتمتع روسيا بميزة كبيرة في هذا المجال بسبب أن هناك منافسة أقل" ، كما تضاءل إنتاج المحاصيل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الجاري. وأضاف: "يتحدث كثير من الناس عن حظر البضائع الروسية ، لكن الحقيقة هي أن هذه الدول المستوردة لم تتخذ أي إجراء مباشرة ضد السلع الزراعية من روسيا ".
ومن المرجح أن تستمر الاتجاهات الحالية في المستقبل المنظور. ففي أوكرانيا ، يقوم المزارعون بزراعة أراضيهم من أجل الموسم القادم تحت تهديد القنابل ، وفي الوقت نفسه يقومون بنقل الجثث من أراضيهم. أما روسيا، فمن المتوقع أن تجني حصادا قياسيا في الموسم الجديد بفضل الطقس الجيد.
وعلى النقيض من ذلك ، يشهد موردو القمح الكبار الآخرون، من الولايات المتحدة إلى أوروبا الغربية، حالات جفاف تهدد محاصيلهم.كما هيمنت روسيا أيضا على شحنات زيت عباد الشمس منذ بداية الحرب بعد قطع الصادرات الأوكرانية عن طريق البحر.
وقال بينتون، من معهد تشاتام هاوس، إن "الغذاء من منظور روسيا يصبح قطاعا اقتصاديا تتمتع فيه بنفوذ سياسي واقتصادي، وعلى مدى السنوات المقبلة أو نحو ذلك ، يمكنك تخيل روسيا تقول ، إننا نزرع الكثير من الحبوب، وسوف نعطيها لكم إذا قمتم بدعمنا ".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تسرق إنتاج الحبوب في المناطق المحتلة من بلاده. وقال اثنان من التجار الأوكرانيين إن الجيش الروسي صادر الحبوب والبضائع في هذه المناطق. ورفضت مصر السماح لشحنة قمح أوكراني غير موثق بأن ترسو في موانيها.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون ديرلاين، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، يوم الثلاثاء الماضي إن" المدفعية الروسية تقصف مستودعات الحبوب في أنحاء أوكرانيا - عمدا – وتقوم السفن الحربية الروسية في البحر الأسود بمحاصرة السفن الأوكرانية المحملة بالقمح وبذور عباد الشمس "، ووصفت ذلك بأنه " ابتزاز من جانب روسيا".
وقال بينتون:"سواء كان المرء في دولة تعودت على استيراد المواد الغذائية من روسيا وأوكرانيا أم لا، فإن كل شخص في العالم تقريبا سوف يشعر بالضغط".
فيديو قد يعجبك: