إعلان

شهود عيان يتحدون رواية الشرطة الإسرائيلية حول مقتل فلسطيني في الضفة الغربية

07:19 م الثلاثاء 06 ديسمبر 2022

عملية القتل على جانب الشارع في بلدة حوارة تأتي في

تل أبيب - (بي بي سي)

أفاد شاهد عيان على مقتل فلسطيني بيد القوات الإسرائيلية لبي بي سي بأنه يعتقد أن الرجل قُتل ببساطة لأنه لكم شرطياً.

وكان عمّار مفلح قد قُتل الجمعة الماضية بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة في الضفة الغربية المحتلة.

وهو عاشر فلسطيني تقتله القوات الإسرائيلية في غضون أسبوع.

واستقطب مقطع مصور لحادث إطلاق النار نُشر على الانترنت ردود فعل هائلة ودفع إسرائيل إلى توجيه توبيخ دبلوماسي لمسؤول بارز في الأمم المتحدة قال إنه "يشعر بالذعر" من حادث القتل.

وقد أشاد المسؤولون الإسرائيليون بالضابط المتورط في الحادث قائلين إنه تصرف بعد أن قام الفلسطيني بطعن شرطي في وجهه، وإن أفعاله حالت دون وقوع "هجوم إرهابي كبير".

أما القادة الفلسطينيون فقد وصفوا الحادث بأنه إعدام "بدم بارد".

وكان الشاب مفلح، البالغ من العمر 22 عاماً، قد قتل في بلدة حوارة الفلسطينية، الواقعة على طريق رئيسي يستخدمه المستوطنون الإسرائيليون كثيراً وكان مسرحاً لعنف متزايد في الأشهر الأخيرة.

حادث مصور

شهد هذا العام مقتل أكثر من 150 فلسطينياً في الضفة الغربية، جميعهم تقريباً على يد القوات الإسرائيلية. وتشمل قائمة القتلى مدنيين عُزل ونشطاء مسلحين ومهاجمين مسلحين.

وفي غضون ذلك، أسفرت سلسلة من الهجمات الفلسطينية التي تستهدف إسرائيليين، بالإضافة إلى إطلاق النار على القوات خلال عمليات المداهمة بغرض الاعتقال، عن مقتل أكثر من 30 شخصاً من بينهم مدنيون ورجال شرطة وجنود.

ويعتبر مقطع الفيديو الذي صور الجمعة، وتم تداوله بشكل واسع على الانترنت، نادراً من حيث التقاطه بالتفصيل الجزء من الحادث الذي قاد إلى إطلاق النار. أما الـ 13 ثانية الأخيرة من الفيديو فقد التقطت في مقطع فيديو آخر ومن زاوية أخرى.

وفي التسجيل، يُشاهد الضابط الإسرائيلي وهو ممسك بالشاب مفلح، واضعاً يده فوق رأسه. ويظهر فلسطينيان آخران في الشجار في البداية ثم يتراجعان.

وبعد أن أفلت مفلح من قبضة الضابط، حاول أن يمسك ببندقية الشرطي. وبينما كانا يتصارعان على السلاح، رفع الضابط يده عنه- أولاً ليحاول ضرب الفلسطيني، الذي رد الضربة له- ثم ليصل إلى مسدسه.

استطاع مفلح الإمساك بالبندقية لأجزاء من الثانية لكنه أسقطها على الفور أو تركها، متراجعاً عندما رأى الضابط يشهر مسدسه. وأطلق الشرطي النار عليه على الفور، أربع مرات.

وبعد مقتله، أفاد موقع إخباري إسرائيلي مشهور أن الضابط "قام بتصفية الإرهابي". وسرعان ما انتشر مقطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية ما أثار غضب الناس من عملية القتل.

ونشر مبعوث الأمم المتحدة إلى المنطقة، تور وينزلاند، تغريدة على تويتر قال فيها إنه "يشعر بالذعر من مقتل الفلسطيني عمار مفلح خلال مشاجرة مع جندي إسرائيلي"، داعياً إلى محاسبة أولئك المسؤولين عن مقتله.

ورد متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يدعى إيمانويل ناخشون، في تغريدة على تويتر قال فيها إن رد فعل وينزلاند كان "تشويهاً تاماً للواقع".

وأضاف ناخشون قائلاً إن "الحادث هجوم إرهابي، تعرض فيه شرطي إسرائيلي للطعن في وجهه وتعرضت حياة ضابط آخر للخطر وبالتالي قام بإطلاق النار على المهاجم".

وقال: "هذه ليست مشاجرة- هذا هجوم إرهابي!"

رواية متنازع عليها

واجتذب الخلاف المزيد من التركيز على الأحداث الدقيقة التي أدت إلى عملية القتل.

وقالت الشرطة الإسرائيلية، مساء يوم الجمعة، إن الحادث بدأ عندما التقط فلسطيني مسلح بسكين حجراً وحاول اقتحام سيارة يستقلها زوجان إسرائيليان. وقالت إن السائق، وهو جندي خارج الخدمة، أطلق النار على الرجل وأصابه بجروح- يُعتقد بأنها ناجمة عن الرصاصة أو الشظايا التي كشطت رأسه.

وقالت الشرطة إن الفلسطيني الجريح اقترب بعد ذلك من ضباط في حرس الحدود كانوا يقومون بدورية داخل سيارتهم، فطعن واحداً في وجهه، بينما خرج الضابط الآخر- وهو الشرطي الذي شوهد لاحقاً في الفيديو- من السيارة وطارد الفلسطيني، ما قاد إلى الأحداث التي صورت في الفيديو وعملية إطلاق النار القاتلة.

ونشرت الشرطة صورة لضابط حُجبت ملامحه ويظهر جرح في وجهه وصورة عن قرب لسكين ملقاة على جانب الطريق (على الرغم من أن تقريراً في إحدى وسائل الإعلام الإسرائيلية نقل عن تحقيق الشرطة قائلاً إن السكين سقطت في سيارة الشرطة بعد أن طُعن الضابط).

ونشرت الشرطة في نهاية الأسبوع مقطعاً مصوراً للضابط الذي قتل الشاب مفلح يصف فيه الأحداث قائلاً: "كنت أنا وفريقي في مهمة لتسيير دورية في الشارع (عندما) جاء الإرهابي وطعن سائقي في وجهه. وعرفت على الفور أنه هجوم إرهابي. خرجت من السيارة ولاحقت الإرهابي"، كما قال الشرطي الذي لم تُحدد هويته.

وقال في بيان آخر: "تعرفت على هوية الإرهابي والسيارة الإسرائيلية المدنية التي كان يعتزم التسلل بها مسلحاً بسكين، وواجهني الإرهابي على الفور بشكل عنيف".

وأضاف: "حاول سرقة سلاحي. كنت أعرف أنه إذا أخذ سلاحي فسيكون هناك هجوم إرهابي كبير فأخرجت مسدسي. نجحت في إخراج سلاحي وأطلقت النار على الإرهابي حتى تم تحييده".

لكن روايات أربعة من الشهود العيان الذين تحدثوا إلى البي بي سي في مدينة حوارة لا تتطابق مع رواية الشرطة للأحداث.

وقال أحد شهود العيان إن الحادث بدا وكأنه بدأ بمواجهة في الشارع، على علاقة ربما بحادث سير كان يسد حركة السير. وقال نادر علان الذي كان قد غادر لتوه حفل زفاف بالجوار: "كنت أقف هناك بالقرب من محلات الجزارين".

وأضاف: "توقفت سيارة أحد المستوطنين. لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كان صدم بسيارته سيارة الشاب الفلسطيني، أم أن الشاب كان يمشي في الشارع. بدأوا بالصراخ على بعضهم البعض وسمعت رصاصة أطلقت. أطلق المستوطن النار فأصاب الرجل في وجهه. كان ينزف وسقط على الأرض."

وعلى غرار الشهود العيان الآخرين، قال السيد علان إن ضابط الشرطة الإسرائيلية وصل في تلك اللحظة. ويظهر مقطع فيديو قصير التقطه أحد الشهود ضابطاً- يبدو شبيهاً بالضابط الذي تظهر صورته في الفيديو الخاص بعملية القتل- يعطي توجيهات عبر اللاسلكي الخاص بالشرطة ويقف بالقرب من الشاب مفلح الذي كان ملقى على الأرض في الشارع ووجهه ينزف دماً، في الوقت الذي تجمع فيه المارة.

ويظهر تصوير آخر مشهداً مماثلاً، يبدو هادئاً نسبياً حيث يتحدث السكان المحليون عبر هواتفهم. وقال شاهد إن الناس حاولوا تقديم إسعافات أولية لمفلح.

وقال شاهد آخر، يدعى محمود عابد، ويعمل في مطعم للكباب، إنه هرع إلى المكان عندما سمع أن مفلح أصيب بإطلاق النار عليه من سائق إسرائيلي.

وقال: "وجدناً شاباً ملقى على الأرض ووجهه مغطى بالدم. جاء شرطي من بعيد. نظر إليه وركله، ثم قال الشرطي شيئاً عبر اللاسلكي".

وقال السيد عابد والسيد علان إن الجريح الفلسطيني نهض بعد ذلك وواجه الضابط الإسرائيلي، محاولاً ضربه. وقالوا إن هذا هو ما أشعل فتيل المواجهة التي جعلت الضابط يمسكه بوضع يده فوق رأسه قبل أن يرديه قتيلاً بإطلاق النار عليه.

وقال شاهد عيان آخر يدعى بهاء عودة، وهو يدير محلاً للمثلجات، إنه سمع صوت هياج فخرج ليرى شرطياً يمسك بمفلح واضعاً يده فوق رأسه، ثم رآه يقتله.

وقال: "وبسبب انزعاجي مما رأيت بدأت بالصراخ على الجندي قائلاً له إنك شخص حقير... لم يكن هناك خطر على حياتك، لماذا قتلته؟"

وأضاف السيد عودة: "قلت له إنك جبان... قتلته لأنه وجه لكمة لك. إن له الحق في الدفاع عن نفسه".

مزاعم تتعلق بالسكين

ومع تنامي الإحساس الغضب رداً على مقتل مفلح، اندلعت مواجهات في وقت لاحق بين القوات الإسرائيلية والسكان. وأصيب عودة برصاصة مطاطية، خلفت جروحاً في صدره وذراعه.

ولدى سؤالهم عما إذا كان مفلح يحمل سكيناً بحوزته، أكد الشهود الأربعة على نفي ذلك. لم يكن هناك سلاح يمكن رؤيته في أيدي مفلح أو في أي مكان في الصور الملتقطة له وهو ملقى جريحاً بعد إطلاق النار عليه من قبل السائق الإسرائيلي.

ولزيادة الخلاف حول تسلسل الأحداث، نُقل السبت عن الشرطة الإسرائيلية قولها إنها "واثقة بنسبة 97 في المئة" أن مفلح هو من طعن ضابط الشرطة في السيارة، بينما إفادتها للأحداث يوم الجمعة لم يكن لديها فيها أي شك حيال ذلك.

ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن الشرطة قولها إن لديها مقاطع فيديو أطول للحادث صورت من عدد من الكاميرات المختلفة "تعزز التقييم" بأن الرجل الفلسطيني الذي قُتل هو الشخص الذي طعن الشرطي.

ولم ترد الشرطة الإسرائيلية على أسئلة بخصوص روايات شهود العيان مقارنة بروايات الضباط.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان