طالبان تحذر المعارضين من إثارة الفوضى
كابول - (ا ف ب)
حذرت حركة طالبان السبت من أن لدى السلطات الجديدة في البلاد الحق في محاسبة المعترضين وحتى اعتقال المتظاهرين في وقت تزداد التساؤلات حول اختفاء ناشطتين قبل أيام في كابول.
منذ عودتها إلى الحكم في منتصف أغسطس، اتخذت حركة طالبان إجراءات عدة تعيد إلى الأذهان القيود المشددة التي فرضتها خلال الفترة الأولى من حكمها في التسعينات. وقد فرقت بشدة تظاهرات عدة وإن كانت محدودة، واعتقلت منتقدين لها كما اعتدى مقاتلوها على صحافيين.
وبعد أيام قليلة على تظاهرة جرى تفريقها بالقوة، اتهمت ناشطات مساء الأربعاء حركة طالبان باعتقال متظاهرتين على الأقل ضمن سلسلة مداهمات شنتها ليلًا. ولم يعرف مكان الشابتين حتى الآن.
وأعربت الأمم المتحدة في أفغانستان عن "قلق متزايد" تجاه اختفاء كل من تمنى زريابي برياني وبروانة ابراهيم خل وإزاء التقارير حول "خطفهما". وحثت حركة طالبان "على توفير المعلومات حول مكانهما".
ونفى المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد اعتقال او احتجاز الناشطتين.
لكنه قال لوكالة فرانس برس إن "لدى الحكومة الحق في اعتقال واحتجاز المعارضين وأولئك الذين يخترقون القانون. المحاكم موجودة لهذا السبب، للمحاسبة والتحذير وإرشادهم نحو طرق بديلة".
وأضاف "لا يجدر بأي أحد أن يخلق فوضى، لأن ذلك يزعزع النظام والسلام في المدينة".
وأكد أنه يجب الحصول على إذن للتظاهر وأن "يكون هدف التظاهرة واضحًا، كما توقيت بدئها وانتهائها وهتافاتها. في تظاهرات النساء، كل تلك الأمور ليست واضحة".
وقال "إذا حصلت التظاهرات غير المرخصة في أي بلد آخر، يتم اعتقال المشاركين. وفي بلدنا أيضًا، سيتم سجنهم وتحميلهم المسؤولية. لن نسمح بأي أنشطة غير قانونية".
منعت طالبان التظاهرات المناهضة لها وفرضت الحصول على إذن مسبق، وغالبًا ما يفرق مقاتلوها المتظاهرين، وخصوصًا النساء. لكن ذلك لم يحل دون خروجهنّ إلى الشارع مرارًا وإن بأعداد محدودة رافعات شعار "الحرية والعدالة والتعليم والعمل".
وأكدت نساء عدة منذ مساء الأربعاء أنهن اضطُررن لتغيير أماكن سكنهن. وقالت إحداهن لفرانس برس إنها غيرت مكان تواجدها خمس مرات على الأقل، وأضافت أن "مقاتلين من طالبان يهددون عائلتي".
بحاجة إلى تدريب
ولم تعلن حركة طالبان، التي تتوق إلى الاتفاق مع الغرب للإفراج عن أصول المصرف المركزي، عن أي سياسات وطنية حتى الآن.
إلا أنه جرى الإعلان عن سلسلة إجراءات خلال الأشهر الماضية. وقد منعت طالبان الموظفات في مؤسسات الدولة من العودة إلى أعمالهنّ، وطلبت من المحطات التلفزيونية عدم بث مسلسلات تظهر فيها نساء، ومنعت النساء من الخروج في رحلات طويلة من دون محرم، ووزعت لافتات تشجعهنّ على ارتداء البرقع أو النقاب.
وقد اتخذ مسؤولون محليون سلسلة قرارات من شأنها الحد من حرية المرأة وحركتها، كما لا تسمح ولايات عدة حتى الآن بعودة طالبات الصفوف الثانوية إلى مدارسهن.
والجمعة، هددت شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ولاية بادغيس في شمال غرب البلاد العاملات في منظمات غير حكومية بإطلاق النار عليهن إذا لم يرتدين النقاب.
إلا أن ذبيح الله مجاهد، وهو أيضًا نائب وزير الثقافة والاعلام، أعرب عن رفضه لتلك التهديدات، ولكنه قال إن القوات "لا تزال جديدة وغير مهنية" وتحتاج إلى تدريب.
"نعمل من أجل ذلك"
تُعد حقوق المرأة من أبرز القضايا العالقة، إذ يشدد المجتمع الدولي على ضرورة احترام حقوق المرأة بالكامل إذا أرادت طالبان الاعتراف بحكومتها.
وتصر حركة طالبان على أنها ستحترم حقوق المرأة لكن في إطار الشريعة الإسلامية.
وبرغم القيود الجديدة، قال ذبيح الله مجاهد "حتى من دون مطالبتهم (المجتمع الدولي)، نحن أنفسنا نشعر بحاجات شعبنا، ونشعر بحاجة المرأة للعمل والتعليم، ونعمل من أجل ذلك".
وتشدد حركة طالبان على أنها لا تزال في صدد وضع السياسات المناسبة لإعادة فتح الجامعات العامة أمام النساء مع احترام ضرورة الفصل بين الطالبات والطلبة.
ولم يحدد ذبيح الله مجاهد جدولًا زمنيًا لإعادة فتح المدارس الثانوية أمام الفتيات في كافة المحافظات، لكنه قال إنه سيتم حل هذا الأمر خلال العام الحالي.
وقال "لا يمكن أن نحدد جدولًا زمنيًا لذلك"، مشيرًا بشكل أساسي إلى الأزمة الاقتصادية وقلة التجربة لدى السلطات الحالية.
على الصعيد الديبلوماسي، غادر وفد من طالبان برئاسة وزير الخارجية أمير خان متقي السبت إلى النروج للمشاركة لمدة ثلاثة أيام في لقاءات مع السلطات النروجية ومسؤولين من دول عدة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فضلًا عن الاتحاد الأوروبي، وممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني، بمن فيهم نساء.
وقد اتخذ الوضع الإنساني في أفغانستان منعطفًا مأساويًا مع عودة طالبان إلى الحكم خصوصًا مع تجميد الولايات المتحدة 9,5 مليارات دولار من أصول المصرف المركزي الأفغاني، أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ علق كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشاطهما في بلد كان اقتصاده قائمًا على الدعم الدولي، إذ كان يعادل نحو 80 في المئة من الميزانية الوطنية.
وعلى وقع التردي الاقتصادي وأزمة السيولة الشديدة، حذرت الأمم المتحدة من أن الجوع يهدد 23 مليون أفغاني، ودعت مؤخرًا إلى تحرير الأموال المجمدة.
وقال ذبيح الله مجاهد "اتخذت الإمارة الإسلامية خطوات لتلاقي مطالب العالم الغربي ونأمل أن نقوي العلاقة مع كل الدول، وبينها الدول الأوروبية والغرب بشكل عام، عبر الدبلوماسية".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: