باحث بريطاني: منح طالبان الشرعية الدولية سيكون خطأ كارثيا
واشنطن - (د ب أ):
بينما تتردد بعض الدول في الاعتراف بحكومة تقودها حركة طالبان في أفغانستان، فإن ثمة دولا أخرى تبدي استعدادها للاعتراف والتعامل مع ذلك النظام، ربما بدافع المصلحة أو اطمئنانا إلى المؤشرات التي تصدرها الحركة بأنها ترتد عن مسارها السابق.
ويقول الباحث البريطاني كون كوجلين ، محرر شؤون الدفاع والشؤون الخارجية في صحيفة ديلي تليجراف، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إن المحاولات الساذجة من جانب عدد من القوى الغربية الكبرى لتعزيز العلاقات مع نظام طالبان الذي تم تنصيبه حديثا في كابول، تقوضها المواقف المتشددة التي يتبناها النظام الإسلاموي الجديد.
ويضيف كوجلين، زميل معهد جيتستون ، أنه في أعقاب استيلاء حركة طالبان على أفغانستان الشهر الماضي، أعرب عدد من القادة الغربيين البارزين عن استعدادهم للعمل مع النظام الأفغاني الجديد، في أعقاب مزاعم بعض قادة طالبان بأنهم يريدون إنشاء شكل من أشكال الحكم أكثر اعتدالا من نظام طالبان السابق الذي أرهب البلاد في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
وفي أعقاب استيلاء الحركة على البلاد، بذل قادة طالبان قصارى جهدهم للتأكيد على خططهم الرامية إلى وضع نهج أكثر اعتدالا. وفي أول مؤتمر صحفي لهم بعد السيطرة على البلاد، وعد قادة الحركة بحماية حقوق المرأة، وضمان حرية الإعلام، وعرضوا عفوا على مستوى البلاد عن المسؤولين الحكوميين والعسكريين في حكومة الرئيس أشرف غني السابقة، التي انهارت في حالة من الفوضى بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنهاء الدعم العسكري الأمريكي.
كما ذكر ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الجماعة المسلحة إن طالبان ترغب في إقامة علاقات سلمية مع الدول الأخرى وأنه لن يسمح لأى جماعة باستخدام الاراضى الأفغانية لشن هجمات ضد أى دولة .
وقال مجاهد: "أود أن أؤكد للمجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة أنه لن يتعرض أحد لأذى .. لا نريد أي أعداء داخليين أو خارجيين".
ويرى كوجلين أن اللهجة الأكثر اعتدالا التي تبناها قادة طالبان دفعت عددا من القادة الغربيين البارزين إلى الإشارة لاستعدادهم للعمل مع إمارة افغانستان الإسلامية التى تأسست حديثا ، مما أثار مخاوف من أن تحقق طالبان قريبا هدفها المتمثل في كسب قبول دولى من القوى الكبرى في العالم .
ويضيف أنه في حين كان الرئيس الأمريكي جو بايدن متناقضا بشأن مسألة الاعتراف بالنظام الإسلامي الجديد، قائلا إن الأمر متروك لطالبان لتقرر ما إذا كانت تريد اعترافا دوليا، فقد أظهر بعض حلفاء واشنطن الرئيسيين المزيد من الحماس لإقامة علاقات مع النظام الجديد في كابول.
وفي المرة الأخيرة التي سيطرت فيها طالبان على أفغانستان، بدءا من تسعينيات القرن الماضي ، حصل المسلحون على اعتراف من ثلاث دول فقط هي باكستان والسعودية والإمارات.
والآن شهدت احتمالات حصول الحركة على اعتراف دولي أوسع نطاقا تحسنا كبيرا بعد أن أبدى عدد من السياسيين الأوروبيين البارزين استعدادهم للعمل مع النظام الجديد.
وفى مؤتمر صحفي عقد في أعقاب استيلاء طالبان على أفغانستان قال جوزيب بوريل المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى إن التكتل مستعد لإعطاء اهتمام جاد لإقامة علاقات مع الإمارة الإسلامية . وقال إن "طالبان انتصرت في الحرب لذلك سيكون علينا التحدث معها". وقال: "إنها ليست مسألة اعتراف رسمي. انها مسألة التعامل معهم".
ويقول كوجلين إن صدى حماس الاتحاد الأوروبي الواضح لإقامة علاقات مع طالبان تردد في ألمانيا، حيث أشار أرمين لاشيت، مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه أنجيلا ميركل ، لمنصب المستشارية، إلى أن "فن السياسة الخارجية الجيدة" هو إيجاد حلول مع الدول التي ترفض المجتمعات الأخرى أهدافها ومثلها العليا.
وعلى النقيض من ذلك، كانت فرنسا وبريطانيا أكثر تناقضا بشأن إقامة علاقات مع طالبان، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن مسألة الاعتراف بطالبان "ليست ذات صلة حاليا بفرنسا"، في حين حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أنه "سيكون من الخطأ أن تعترف أي دولة بأي نظام جديد في كابول بشكل سابق لآوانه أو على المستوى الثنائي".
ومع ذلك، فإن التعاون الوثيق الذي جرى بين طالبان والقوات الغربية في مطار كابول أثناء إجلاء الرعايا الأجانب مؤخرا يعني أن عددا من كبار السياسيين الأوروبيين ما زالوا يعتبرون أنه قد يكون من الممكن قريبا منح النظام الجديد اعترافا رسميا.
لكن الخطط الأوروبية لإقامة علاقات أوثق مع كابول تتعرض لتقويض شديد بسبب سلوك نظام طالبان الجديد ، الذي يبدو أنه يعود إلى نهجه القديم الذي لا هوادة فيه، بدلا من الوفاء بوعده بإصلاح أساليبه.
ودفع سلوك طالبان الفظ في ملاحقة أعدائها السابقين، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق إتش آر ماكماستر إلى التحذير من قيام الدول الغربية بإقامة علاقات دبلوماسية مع النظام الجديد.
ويخلص كوجلين إلى أنه لا توجد أدلة تذكر تشير إلى أن المتشددين الإسلاميين مستعدون لاعتماد نهج أكثر تصالحية لحكم الشعب الأفغاني، وهو موقف يجب أن يؤخذ في الاعتبار قبل أن يرتكب القادة الأوروبيون الخطأ الكارثي المتمثل في إضفاء الشرعية الدولية على النظام الإسلامي الجديد في أفغانستان.
فيديو قد يعجبك: